أرجوك.. لا تطفئ الأنوار!
الوقت من ذهب، عبارة ما أكثر ما رددناها وتغنينا بها؛ لكن في عصرنا هذا صار الوقت أثمن من الذهب لكثير من الناس ولمعظم مستهلكي المنتجات والخدمات.. لذا أسأل أي شخص ينتظر ساعات حتى يأتيه الدور للحصول على منتج أو خدمة أو شخص ينتظر على الهاتف حتى يتكرم عليه أحد موظفي خدمة العملاء المشغولين ''في خدمه عملاء آخرين'' لتعرف قيمة الوقت لدى العملاء وحجم الرغبة في الحصول على الخدمة في الحال. في عصر 24/7 أصبح لازمًا على المنظمات الاستجابة لمطالب عملائها في توفير الخدمة على طول الوقت، حيث التغيرات الاجتماعية تصاحبها ثورة الإنترنت ومع انشعالات العمل وكثرة متطلبات الحياة أصبح استخدام مبدأ 24/7 شيئا أساسيا وضروريا.. وأصبح العملاء يريدون الأشياء أن تكون متاحة لهم ويريدونها الآن وليس لاحقا. وعندما نعود بالذاكرة إلى الوراء، ونستذكر حتى وقت قريب عندما كانت الكثير من المحال تغلق الساعة الثامنة، وكانت المطاعم تغلق على العاشرة، أما قناة التفلزيون فكانت تغلق على الساعة الثانية عشرة، حيث كانت تختم برامجها بقراءة عطرة من آيات الذكر الحكيم ثم السلام الملكي، وبعد ذلك يأتي المقطع المعتاد ''تششششش''! نعرف حجم التغير الذي حصل وتنوع الحاجات الذي ظهر.
لا بد أن تدرك المنظمات أن العميل في هذا العصر أكثر ما يشعره بالضيق هو عدم مقدرته على الحصول على ما يريد في لحظة معينة، فهو يكره الأبواب المغلقة والمواعيد الرسمية، ويكره أن تطفأ الأنوار في مكان يحصل منه على احتياجاته وضرورياته. العميل يرغب دائماً في أن تتاح له إمكانية التعامل مع الخدمة التي يريد في أي وقت وفى أي مكان، ولذلك فإن سبع ساعات أو تسع ساعات عمل في اليوم ليست كافية لتلبية احتياجات العميل، فالشركة يجب أن تسعى دائماً إلى إشباع حاجات العميل في كل الأوقات وبمختلف الوسائل. والسؤال المهم يبقى إذن: كيف تستطيع المنظمة أن تقدم لعملائها الخدمة المستمرة؟ عندما تمتلك الشركة الأشياء التي يرغب فيها العميل ربما لا يكون موجودا في الوقت الذي يناسب ممارسة المنظمة لأنشطتها، لذلك فمهمة المنظمة أن تجعل وصول العميل إليها متاحاً في كل وقت، بمعنى يجب أن نجعل ساعات العمل والإغلاق مناسبة لاحتياجات العميل أولا وليس على حسب ظروف المؤسسة أو موظفيها، فمن غير المعقول (من وجهة نظر العميل) أن تغلق محلك في اليوم الذي هو إجازة للعميل، وهو اليوم الوحيد الذي يستطيع ويرغب فيه بالحصول منك على المنتج بسبب أنك أنت أيضا ترغب في إعطاء موظفيك إجازة. عندما يكون العميل مستعداً لتلقي الخبرة يجب أن تكون المنظمة مستعدة أيضا لتقديمها. أيضا من المهم ألا تغلق الأبواب في وجه العميل قدر المستطاع، بمعنى أنه حتى لو أغلقت المؤسسة الأبواب وأطفأت الأنوار يجب أن تتيح للعميل إمكانية الوصول إليها، فهو فقط ربما يرغب في الحصول على بعض المعلومات أو بعض الدعم عندما يشتري منتجا معينا، لذا يجب أن تتيح المنظمة له الفرصة للاتصال أو إرسال رسالة من خلال النت أو موقع المنطمة الإلكتروني أو الهاتف أو الجوال أو البريد الإلكتروني، العميل الآن أصبح حقيقة يرفض الأبواب المغلقة وخطوط الهواتف المشغولة وساعات العمل الرسمية، لذا من المهم أن تكون مطالب العميل بشأن الخدمة المستمرة تسير في اتجاه واحد، وهو اتجاه أن يجد العميل ما يطلبه عندما يطلبه.
صحيح ليس من المنطق ولا من المربح أو من السهل أن تكون كل منظمة متاحة في أي وقت وفي أي مكان.. المهم هو الوجود، والمهم هو أن تتاح الطرق أمام العميل لتوصيل ما يريد وإتاحة المجال له على إيصال رسالته (طلباته، رغباته، استفساراته، وشكواه... إلخ) من أي مكان وفي أي وقت، أما إتاحة الخدمة وتوفير المنتج وإمكانية البيع فله حسابات خاصة، وله منتجات وظروف وشرائح من العملاء مستهدفة ستحتم متى نأخذ بمبدأ 24/7 ومتى يكون ذلك في غير مصلحة المؤسسة.