أثر فصل الربيع في التغذية والصحة مع حمية للأكزيما
في موضوع اليوم سنتحدث عن التغيرات المناخية في فصل الربيع وتداخل ذلك مع الصحة والتغذية، إذ إنه بعد فصل الشتاء الذي كان يتميز بشدة البرودة وتوسط كمية الأمطار وقلة حركة الناس، يأتي فصل الربيع الذي يتميز بالحرارة وكثرة الأمطار والنشاط والحركة. والمتابع لعرض الطب الإسلامي السهل يجد أن كل فصل من الفصول مرتبط بعضو من الأعضاء الرئيسية في الجسم، فالشتاء مرتبط بالجهاز التنفسي وبالأخص الرئة، والربيع مرتبط بالكبد، والصيف بالمرارة، في حين أن فصل الخريف مرتبط بالطحال.
وكمثال يوضح ارتباط الشتاء بالرئة كنا قد ذكرت في موضوعات سابقة أثر فصل الشتاء في حدوث وتهييج الأمراض الباردة التي تكون في الأغلب في الجهاز التنفسي ووضعنا لها حمية تعالج هذه الأمراض ـ بإذن الله ـ وذلك بالتقليل جداً من المأكولات الباردة الرطبة في فصل الشتاء، وذلك لمنع الإصابة بالفيروسات وهذا ينطبق على من هو مصاب بمرض بارد في الفصول الأخرى حتى يشفى.
أما فصل الربيع فهو مرتبط بالكبد المكونة للدم الذي يعتبر حارا رطبا، كما في الطب الإسلامي والطب الصيني. لذا ففي فصل الربيع يجب عدم الإكثار من المأكولات الحارة الرطبة وخاصة الحلوة مثل الزبيب والعسل الأسود أو كل دسم كالسمن واللحوم الدسمة كلحم الخروف أو بعض الوجبات كالحمص أو السكر الطبيعي أو صفار البيض أو الرمان الحلو أو الجوز أو الموز أو بعض الأعشاب كالرشاد والحبة السوداء أو الإكثار من تناول الكبدة، وكذلك التقليل من الحوامض لأنها تهيج المرارة.
وعند الإكثار ممن ذكر في فصل الربيع يحدث علامات لزيادة الم في الجسم مثل صداع في وسط أو طرفي الرأس ومع سخونة في البول أو حمرة في العينين وشدة نبض العروق وحلاوة الفم صباحا والخمول وكثرة النوم وتزيد الحكة للمصابين بالأمراض الجلدية كالأكزيما والصدفية وقد يحدث سخونة في باطن القدمين مساءً، وقد تصاب بعض النساء بنزيف مستمر وغيرها من أعراض زيادة الدم أو الرطوبة الحارة الجسم, ويلاحظ زيادة هذه الأعراض في وسط الشهر القمري.
ولتقريب التغير الذي يحدث للكبد بين فصلي الشتاء والربيع نجد تشابه ذلك مع حالة وحرارة باطن الأرض, فمثلا في الشتاء تكون مياه الآبار دافئة وفي الربيع تكون المياه أقرب للبرودة, والسبب في تحليل علماء الطب الإسلامي أنه برودة الشتاء قلصت من فتحات مسام الأرض ودفعت الحرارة للداخل بعكس الربيع الذي تتوسع فيها مسام الأرض مما يسرب الحرارة من الأرض فيبرد باطنها وهذا فيه تشبيه للمسام في جسم الإنسان مع مسام الأرض، ففي الشتاء تنشد البشرة فترجع الحرارة الغريزية بالجسم للداخل مما يقوى أعضاء الهضم وفي الربيع تتفتح مسام البشرة أكثر فتهرب الحرارة الغريزية للخارج، مما يبرد أعضاء الهضم ويلاحظ كثرة التعرق في الربيع بهدف تبريد الجسم.
وبسبب قوة الكبد في فصل الشتاء يسهل تناول الأطعمة الدسمة المدفئة كالحنيني المكون من طحين القمح والسمن الحيواني والتمر وهي تعتبر وجبة حارة رطبة، بينما لا تستساغ هذه الوجبة في الفصول الحارة مثل الربيع والصيف، حيث تبرد حرارة الكبد فيصعب هضمها, لذا ترى الناس يقللون من هذه المأكولات الدسمة الثقيلة في هذين الفصلين. لذا يفضل الناس في فصل الربيع الفواكه الباردة معتدلة الرطوبة كالزيتون الأخضر والبلح والتفاح الأخضر والنبق والخوخ وغيرها.
وينصح في فصل الربيع بتنقية الدم وإخراج الزائد منه لمن يعاني من الأمراض المذكورة، حيث يأتي فصل الربيع بعد فصل الشتاء الذي يكثر فيه من تناول المأكولات الدسمة، مما قد يسبب تراكم سموم أو دهون في الدم, ومع دخول فصل الربيع الذي يتميز فيه بنشاط في حركة الدم مما قد يتسبب في انتشار هذه السموم أو الدهون في الجسم، لذا ينصح بالحجامة الوقائية في فصل الربيع.
مما سبق نجد أن إدمان تناول المأكولات الحارة الرطبة يهيج الأمراض الحارة كـ "الأكزيما"، الصدفية، الرمد، وغيرها. ومن الأمثلة على ذلك ما ورد في السنة النبوية عن نهي النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أي طالب أن يتناول التمر حينما كان مصابا بالرمد وقال له "مه . يا علي إنك ناقه" وأمره بتناول السلق والشعير لأنها وجبة باردة ولا تهيج مرضه. فالتمر من مأكولات الحوار اليابسة وهي تزيد حرارة الكبد وبالتالي الدم مما يهيج المرض الحار.
فالكبد هي مركز حرارة الدم ويوجد ارتباط بين الكبد والعين، فالعين هي مرآة للكبد، وكمثال على ذلك أن من يصاب بمرض الصفار تصفر عيناه ومن يكثر من الحوار الرطبة في الربيع يلاحظ وجود حمرة في عينيه.
ومن يتتبع السنة النبوية يجد التوازن في الغذاء فقد كان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يأكل التمر بالقثاء، والتمر يعتبر حارا يابسا، والقثاء بارد رطب استخدم ليوازن حرارة التمر, والقثاء نوع من الخيار لونه أخضر فاتح، وهذا الخلط المتزن في الوجبات يسمى في علم الأبدان إصلاح الغذاء أو العشبة بما يذهب ضررها وحاليا الناس تشرب القهوة العربية مع التمر التي تعتبر باردة نوعا ما إذا لم يخالطها كثرة هيل أو قرنفل أو نونخا. ومن المأكولات المبردة للدم التمر الهندي والمشمش وبعض الأعشاب المرة كالهندياء الذي ينمو في الربيع.وأختم موضوعنا لهذا الأسبوع بحمية خاصة لمرض الأكزيما بناء على المعطيات السابقة. أهم الخطوات هو تنظيف القولون والأمعاء من المستعمرات البكتيرية المولدة للسموم والتي تزيد من حدة المرض كالتالي:
تنظيف الجهاز الهضمي
ـ في بداية الأسبوع الأول وحتى الأسبوع الخامس يتم شرب منقوع السنا المكي ومنقوع التمر الهندي وملعقة عسل على الريق فجراً يومين متتاليين في كل أسبوع مع الإكثار من شرب الماء بعد ذلك. يصب الماء المغلي في كأس على ملعقة كبيرة من أوراق السنا مكي (ملعقة لكل 50 كيلو من وزن الإنسان) ويغطى ومن ثم ينقع ليلاً حتى الفجر ويصب أيضاً الماء المغلي في كأس على ملعقة تمر هندي رطب ويغطى وينقع ليلاً حتى الفجر ثم يصفى الكأسان ويشرب التمر الهندي أولاً بعد صلاة الفجر، ويمشي الإنسان بعدها لمدة عشر دقائق ومن ثم يشرب السنا مكي وتأخذ ملعقة العسل مباشرة.
ـ الامتناع عن الأكل لمدة ساعتين مع الراحة والنوم على الجنب الأيمن لمن أراد النوم بعده، وبعد ذلك يجب الإكثار من شرب الماء والاهتمام بنوعية الغذاء حسب الحمية.
تنظيف الدورة الدموية والجهاز الليمفاوي
يتم تناول ماء الزعتر التركي بعد صلاة العصر (بعد وجبة الغداء بساعة) ويستمر في تناوله لمدة ثمانية أسابيع على الأقل، حيث يتم وضع ربع كأس من ماء الزعتر مع ماء زمزم إن أمكن أو مياه صحية لباقي الكأس.
برنامج الرياضة بهدف توزيع الطاقة لجميع أجزاء الجسم: إن اختلال الطاقة في الجسم هو من أكبر المسببات للأمراض المزمنة وخصوصا المناعية، لذا فإنه يجب الجري لمدة بين 20 و25 دقيقة بعد شرب ماء الزعتر، ويمكن الجري في مكانك مدة سبع دقائق لمن لا يستطيع الخروج، شريطة وجوب أن يكون المكان الذي يجري فيه المريض دافئاً. وأن يتحرز الإنسان بعدها من التعرض لتيارات الهواء البارد خصوصا الوجه واليدين والرجلين مع تجنب شرب الماء البارد.
الإفطار
الطبق الرئيسي مكون من زيت الزيتون أصفر مع الزعتر والملح البحري والشبت مع إمكانية إضافة التالي: زبده مع ملح بحري وشبت أو جبنة شرائح مع الملح البحري والأورقانو مع رغيف من الخبز الرهيف أو جبنة بيضاء أو قليل من الفول الخفيف أو العدس المضاف لهما الزبدة والملح البحري.
الغداء
مكونات السلطة التي تؤكل مع الطعام: كمية كبيرة من البصل الأبيض النيء والبقدونس والشبت الأخضر بكمية كبيرة ووضع ملعقة ونصف زيت زيتون وملعقة من ورق الزعتر (أورقانو) وتملح بالملح البحري ومضغها جيداً قبل البلع لتتضاعف الفائدة منها. الاختيار من الرز أو المكرونة أو الدقيق أو الخضراوات المطبوخة، مثل: القرع، الكوسة، الجزر، الرجلة، الملوخية، الزهرة، الدجاج، ولحم الخروف أو الإبل. ويمكن تناول شوربة من الخضار.
العشاء
في وجبة العشاء يجب التركيز على إدخال زيت الزيتون الأصفر مع الملح البحري والشبت الأخضر (ويمكن إضافة زيت الزيتون الأصفر والملح البحري للعدس أو إلى شوربة الخضار) الحلويات (مرة واحدة يوميا وبكميات قليلة): الشوكولاتة بجوز الهند أو المكسرات.
يجب الحرص الشديد على تجنّب ما يلي: الحوامض وعلى رأسها الليمون والشاي الأحمر والصلصة والماجي والسماق والخل الطبيعي والصناعي والزيتون والمخللات.
التين والجزر الأبيض والكرفس والثوم النيء والمطبوخ. والامتناع عن تناول الكبدة ولحم البقر. الحليب البقري واللبن والزبادي والقشطة بجميع أنواعه ومشتقات الحليب ماعدا الأجبان. الفلفل الأسود والفلفل الأبيض. القهوة التركية الغامقة والنسكافيه، كثرة السكر الأبيض المكرر (العادي) والمحليات الصناعية، وكذلك تجنب الزيوت المهدرجة في الطبخ، المشروبات الغازية والبيرة، والفجل والجرجير والكراث والبازلاء والسبانخ والفطر (المشروم).
كما يجب الإقلال من التمور وخصوصاً السكري والمكنوز وهي من مولدات الغازات أيضاً، الإقلال من الحلويات كثيرة السكر(الحلو يجب أن يكون معه سمن ليقلل من تأثيره السلبي).