ثورة الياسمين تفتح آفاقا جديدة للمصرفية الإسلامية
تشهد تونس تحركات واسعة لدعم انطلاق واسع لصناعة المصرفية الإسلامية في البلاد بعد الثورة التونسية. وفي هذا الإطار عقدت الجمعية التونسية للمالية المصرفية فعاليات وعدة. وجاء انعقاد الندوة العلمية الدولية الأولى في تونس أخيرا بحضور عدد من أبرز خبراء المصرفية الإسلامية ومسؤولي الهيئات الدولية في تلك الصناعة، تأكيدا على إعادة ربط المواطن التونسي بهويته العربية والإسلامية كما تقول آمال العامري رئيسة الجمعية.
وبحثت الندوة المسائل المطروحة على الساحة، ولا سيما ما يتعلق منها بمدى قدرة صناعة المالية الإسلامية بمختلف مكوناتها سواء المصارف أو المؤسسات المالية أو شركات التكافل أو أسواق رأس المال، على تقديم البدائل لاحتياجات الاقتصاد التونسي سواء في الوقت الراهن أو في المستقبل، ومدى إسهام تلك الصناعة في تمويل الأنشطة الاقتصادية الأكثر احتياجاً إلى التمويل مثل قطاع الزراعة.
وخلصت الندوة إلى أنه لا يوجد أي تشريع في تونس يمنع تطور القطاع المصرفي المتفق مع الشريعة الإسلامية. ولفت المشاركون إلى أن المجال التشريعي هناك يفتقر إلى النصوص التطبيقية والتنظيمية الخاصة بتيسير عملية تطوير المؤسسات المالية بشكل عام في تونس.
ولا تمنع مجلة ''الالتزامات والعقود'' التي أنشئت في 1906 أي منتجات مالية أخرى لم تنص عليها. ومن ثم فإن المجال مفتوح من الناحية التشريعية لانتشار المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. ولا تعد تلك المنتجات بالأمر الجديد في تونس إلا أنها كانت تعاني قيودا في النظام السابق. وبدأ العمل بالمصرفية الإسلامية من خلال إنشاء بيت التمويل السعودي التونسي قبل ربع قرن، وكذلك معاملات الدولة مع البنك الإسلامي للتنمية. وأخيراً بافتتاح بنك الزيتونة الذي تم تجميده بعد الثورة.
ولم تقف جهود الجمعية التونسية للمالية الإسلامية على التنظير من خلال عقد الندوات، بل امتد نشاطها أخيرا لزيارات ميدانية لمؤسسات مالية إسلامية كبرى في عدة دول إسلامية للوقو على التجارب واختيار النماذج الأقرب للتطبيق في تونس.
وفي هذا الصدد توجه وفد من الجمعية إلى بيت الزكاة في الكويت للاطلاع على تلك التجربة الرائدة والاطلاع على مسيرة المؤسسة منذ إنشائها عام 1982. وسعى الوفد للتعرف على الخدمات والمشاريع المختلفة التي يقوم بيت الزكاة وإمكانية الاستفادة من التجربة الخيرية الرائدة لتطبيقها في تونس.
وخلال زيارة الوفد تعرف على أنشطة ومشاريع بيت الزكاة الخيرية على المستويين المحلي والخارجي، ودور البيت في خدمة فريضة الزكاة وتفعيل دورها في تحقيق التكافل الاجتماعي والاستقرار المالي للمجتمعات.
وتعتبر الجمعية أول جمعية اقتصادية تحمل الفكر الإسلامي للمجتمع التونسي في مجال المالية التي تعد عصب الحياة الاقتصادية، وقد تأسست في نهاية شباط (فبراير) الماضي.
وعن اختيار المالية الإسلامية مجالاً للجمعية تقول السيدة آمال العامري - رئيسة الجمعية - إن هذا القطاع المتخصص له أهمية كبيرة في الحياة الاقتصادية. كما وجد مؤسسو الجمعية فقراً كبيراً في المتخصصين في المالية الإسلامية في تونس، سواء في المعاهد العليا أو الجامعات، إذ لا توجد مراجع لتعلم المالية الإسلامية، ومن هنا جاءت الفكرة لتأسيس جمعية تُعنى بالمالية الإسلامية في تونس.
وتضيف أن أهم أهداف الجمعية هو تعميق البحث العلمي وتشجيع الدارسين في مرحلتي الماجستير والدكتوراة، وكذلك إيجاد أطر علمية تحتويهم من علماء اقتصاد وفقهاء ومكتبات علمية توفر المراجع وتقدم جديد الإنتاج العلمي في المجالات الاقتصادية والمالية والفقهية، كذلك توفير التبادل العلمي بين الجمعيات والمراكز العلمية في أنحاء العالم من خلال الجمعية.
إلى جانب ذلك، تستهدف نشر الوعي بالثقافة المالية الإسلامية في أنحاء تونس كافة لمواجهة مسار التغريب الذي قطع المواطن التونسي عن كل الجذور مع الهوية الإسلامية العربية منذ استقلال تونس.
ومن أمثلة طمس الهوية عدم وجود منتجات للمالية الإسلامية، إضافة إلى القضاء على الوقف وطمس معالمه. وكذلك تجربة صندوق الزكاة الذي تأسس في تونس منذ 20 عاما، حيث فتح الصندوق لمدة ستة أشهر ووضع على رئاسته مشايخ وعلماء مشهود لهم فجمعوا أموالا طائلة في خلال ستة أشهر، فلما وجد النظام السابق أن الشعب مقبل على الخير فقام بتأسيس صندوق (26 - 26) لجمع التبرعات التي تصب مباشرة في حساب الرئاسة، وبالتالي جمد صندوق الزكاة وانتهى أمره. كما تسعى الجمعية إلى تقديم المشورة لدراسات التمويل الإسلامي فيما يخص المشاريع المختلفة ذات الصلة.