أزمة الغذاء يمكن أن تتحول إلى كارثة ..أراضٍ إفريقية بحجم فرنسا اشترتها صناديق التحوط والمضاربين في 2009
حذَّر كوفي عنَان رئيس التحالُف الأخضر لإفريقيا، من أنّ أزمة أمن الغذاء الراهنة في العالم التي يعيشها نحو مليار شخص يمكن أن تتحوَّل إلى كارثةٍ دائمة للبشرية تُعرِّض للخطر حياة الملايين من البشر وأيضاً التعاون الدولي. وأكَد أن "معالجة المشكلات المرتبطة بتغيُّر المناخ، إلى جانب ضمان أمن الغذاء والتغذية على الصعيد العالمي إنما يمثِّلان تحدي عصرنا الراهن".
وقال الأمين العام الأسبق للأمم المتّحدة الفائز بجائزة نوبل للسلام، أثناء إلقاء محاضرة مكدوغال التذكارية السابعة والعشرين حول الأمن الغذائي بمقر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "FAO"، "إذا كانت البلدان غير قادرة على الالتقاء سويّاً بنجاح لتحقيق الأمن الغذائي بوصفه أكثر احتياجات الإنسان أساسيّةً فإن تطلُّعنا إلى التعاون الدولي الأوسع يبدو مَقضيَّاً عليه".
وأضاف كوفي عنّان، متحدثاً بمناسبة افتتاح المؤتمر العام للمنظـمة "فاو" أن السنوات القليلة الماضية "شهدت تراجُعاً مُنذراً بسوء العاقبة تباعُداً عن فِكر الغَرَض المشترك المُستنِد إلى القِيَم الجماعية. ولقد رأينا تزايداً مُقلقاً في اتجاه الحمائية، وحظراً أحادي الجانب على التصدير، وعمليات استحواز للأراضي، وصفقاتٍ حصرية تُلبّي احتياجات الغذاء للأثرياء لا الفقراء".
يشار إلى أن الأسترالي فرانك لديجيت مكدوغال، كان أحد المؤسّسين لما كان يعرف باسم عُصبة الأمم للأغذية والزراعة في عام1935 . وكلّ عامين قبيل افتتاح أعمال المؤتمر العام للمنظمة "فاو"، جرى العُرف على إلقاء هذه المحاضرة من شخصيةٍ بارزة تعمل في مجال الزراعة وجهود تطويق الجوع.
مركز الصَدارة للمنظمة
وذَكَر الأمين العام السابق كوفي عنّان أن "المنظمة (فاو) بوسعها الآن أن تتبوّأ مركز الصَدارة في العمل على زيادة الشفافية بشأن أرصدة الغذاء العالمية، وبذا أن تخفِّف من حدة المُضاربة وتَطايُر الأسواق، من خلال جَمع معلوماتٍ دقيقة وأكثر سهولة في التحصيل ونشرها حول الكمية والنوعية المتاحة من هذه الأرصدة الاستراتيجية".
وقد حذَّرت المنظمة "فاو" في الأسبوع الماضي من أنّ أسعار المواد الغذائية ستواصل الارتفاع على مدى السنوات الـعشر القادمة، فيما يهدِّد أمن الغذاء للملايين على امتداد البُلدان النامية وأيضاً الصناعية.
والمتعَّين أن يرتفع ناتج الغذاء العالمي بنحو 70 في المائة بحلول عام 2050 بينما سيُواصل عدد سكان الكوكب التزايُد المُطِّرد إلى رقم 9.2 مليار نسمة، مما يقدَّر بنحو 6.9 مليار شخص عام 2010.
وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنّان يتحدَّث لدى افتتاح الدورة السابعة والثلاثين للمؤتمر العام للمنظمة "فاو" الذي سيجري خلاله أيضاً انتخاب المدير العام التالي للمنظمة "فاو".
انتقادٌ لاستحواذ الأراضي
وشنَّ رجل الدولة الإفريقي هجوماً في كلمته على ظاهرة "استحواذ الأراضي" التي تسمح للبُلدان بشراء أو استئجار أراضٍ لدى الأمم الأخرى لزيادة الأمن الغذائي للطرف المُقتني. وقال، "من المُثير للجَزَع أن تقريراً أخيراً وجَد أن أراضي زراعية برقعةٍ تُضاهي حجم فرنسا قد اشتريت في إفريقيا خلال عام 2009 وحده، من قِبَل صناديق التحوّط المالية وغيرها من المضاربين". وأضاف قائلاً: "ليس من قُبيل العدل أو الاستدامة أن تُسرَق الأرض الزراعية من المجتمعات المحلية على ذاك النحو ولا أن يُصدَّر الغذاء خارجاً حينما يَطرُق الجوع على الأبواب. إن السكّان المحليين لن يتحمّلوا هذه الإساءة - وكذلك لا ينبغي لنا".
لكنه قال مع ذلك فإن المَزارع التجارية الكبرى لها دورٌ تنهض به... على أن تَدمِج أنشطتها في صُلب أعمال المجتمعات المحلية ذات الشأن، كي تُصبح بمثابة المحور الذي يربُط بين صِغار المُزارعين وسلسلة القيمة المادية، من أسواقٍ ومحالٍ مركزية وأعمال مُعالجةٍ زراعية.
مطلوبٌ إجراءُ البحوث
في الوقت ذاته، دعا الأمين العام الأسبق للأمم المتّحدة إلى إجراء مزيدٍ من البحوث في مجالات الفوائد والآثار بالنسبة للأمن الغذائي، مِن إنتاج الوقود الحيوي المُستَمَد من المحاصيل الزراعية وبهدف زيادة التركيز على صِغار المُزارعين والمرأة مؤكِّداً على الحاجة المُلِحة لمواصلة البحث والتطوير بلا انقطاع.
وأشار إلى أنه "حتى في إطار رُقعة الأرض المُنزرعة حالياً، فمن شأن مُضاعَفة الغلّة المحصولية من الحبوب أن يحوِّل إفريقيا إلى إقليمٍ رئيسيّ لتصدير الفوائض الغذائية".
وناشد كوفي عنان تطبيق قواعد تجارية واعتماد إعاناتٍ مالية زراعية أكثر إنصافاً، مُشيراً إلى أنّ بُلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" تُنفق أكثر من 385 مليار دولار أمريكي دَعماً لمُزارعيها.
وأشار إلى أن "هذه المبالغ، استناداً إلى منظمة 'أوكسفام' غير الحكومية، تضاهي 80 ضعفاً ما يُنفَق على المساعدة الإنمائية المقدَّمة إلى الزراعة والتي انخفضت بالقيمة الحقيقية بما يتجاوز 70 في المائة خلال العقدين المنصرمين".