التحذير من تسارع استهلاك الغذاء في دول الخليج
حذر تقرير اقتصادي حديث حول الصناعات الغذائية في دول مجلس التعاون الخليجي، من أن دول المجلس بحاجة إلى استيراد نحو 90 في المائة من احتياجاتها الغذائية بسبب نقص المياه وقلة الأراضي الصالحة للزراعة، مما يجعل من الأمن الغذائي قضية مهمة للغاية للمنطقة.
وتوقع التقرير الصادر عن شركة ألبن كابيتال - الشرق الأوسط المحدودة، أن يزداد إجمالي استهلاك المواد الغذائية في دول المجلس بوتيرة أسرع مما كان عليه خلال السنوات الثلاث الماضية بسبب ارتفاع مستويات الدخل، فضلا عن النمو السكاني السريع في المنطقة، مقدرا أن يرتفع نصيب الفرد من الاستهلاك الغذائي في المنطقة بمعدل سنوي مركب نسبته 2.1 في المائة خلال الفترة الممتدة من عام 2011 إلى 2015 ليصل إلى 51 مليون طن متري، مقارنة بمعدل ارتفاع الاستهلاك الغذائي الفردي خلال عامي 2007 و2010 الذي بلغت نسبته 0.9 في المائة.
وبين التقرير، أن استهلاك المنتجات العالية والغنية بالبروتين واللحوم والفواكه والخضراوات وغيرها من المنتجات الغذائية مثل السكر والزيت والسمك والبيض سيزداد بمعدل أعلى مقارنة بمواد غذائية أخرى مثل الحبوب، لافتا في هذا الصدد إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي تتجه نحو تغيير نمط الاستهلاك والتحول إلى نظام غذائي غني بالبروتين يتضمن اللحوم ومنتجات الألبان والمنتجات الغذائية التي تحتوي على الكاربوهيدرات مثل الحبوب.
وبحسب التقرير أن زيادة التحضر ونمط الحياة المحمومة وزيادة شعبية المراكز التجارية الضخمة لبيع المواد الغذائية بالتجزئة مع وجود شركات الأغذية الدولية في منطقة الخليج، ترفع من شعبية المواد الغذائية المصنعة ذات القيمة العالية، الأمر الذي سيدفع نحو زيادة الاستهلاك بالرغم من تزايد الوعي حول أنماط الحياة الصحية ومعدلات السمنة والسكري التي أصبحت تشكل مصدر قلق في المنطقة.
وبحسب التقرير، فإن نمو إجمالي الناتج المحلي وارتفاع نصيب الفرد من الدخل من العوامل الأساسية لدفع الاستهلاك الغذائي في دول مجلس التعاون، حيث من المتوقع أن يصل إجمال الناتج المحلي للمنطقة في عام 2015 إلى 1.8 تريليون دولار بعد أن كان 1.1 تريليون دولار في عام 2010، وأيضا أن يزداد نصيب الفرد من الدخل من 26700 دولار إلى 38100 دولار خلال هذه الفترة، إلى جانب زيادة عدد سكان منطقة الخليج من 40.6 مليون نسمة في عام 2010 إلى 45.6 مليون نسمة بحلول عام 2015. ويعد معدل استهلاك الفرد في المنطقة منخفضاً مقارنة باقتصادات الدول المتقدمة، وسيرتفع بمعدل عال نسبياً خلال السنوات القليلة المقبلة.
وحول أبرز التحديات التي تواجه المنطقة في هذا الخصوص، لفت التقرير إلى أن الاعتماد الكبير على الواردات في المنطقة سيستمر، وهذا يجعل من الأمن الغذائي قضية مهمة جداً للمنطقة، لذا فإنه يتعين على الحكومات أن تتخذ الخطوات اللازمة لتأمين الواردات لتزايد عدد السكان. كما أنه بسبب الاعتماد الكبير للمنطقة على الواردات فإنها تبقى عرضة لصدمات أسعار المواد الغذائية الخارجية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن هذه الزيادة في أسعار المواد الغذائية وضعت في السنوات القليلة الماضية ضغوطا تضخمية كبيرة على اقتصادات دول مجلس التعاون. ومع ذلك، فإن سوق المواد الغذائية المتزايدة وعدم تطابق العرض والطلب يوفر عديدا من الفرص للاعبين المحليين، لذا فإن التوقعات بالنسبة لصناعة الأغذية في دول الخليج لا تزال إيجابية وستستمر جاذبة للاستثمار على المدى الطويل.
وفي السياق ذاته، أكد مسؤولون خليجيون وخبراء أخيرا، أهمية بناء مخزون استراتيجي للأغذية في الدول الست لمواجهة الأزمات المتكررة من ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية وإضرارها بالقوة الشرائية للسكان، مع تفعيل عمليات الشراء الموحد لأهم ثماني سلع غذائية وهي: الأرز، الحليب، السكر، الزيوت، القمح، اللحوم، حليب الأطفال، والذرة. كما أكدوا أيضا أهمية إيجاد آليات وخطط لإدارة المخزون الغذائي وكيفية التصرف فيه ووضع برامج لمراعاة ظروف المنتج المخزن وعملية استهلاكه، إلى جانب انتقال السلع والمنتجات المخزنة بين دول المجلس وتبادلها بكل سهولة ويسر أثناء الطوارئ، خاصة أن المقترح تضمن تحديد أكثر من موقع للخزن الاستراتيجي.
كذلك ضرورة أن تكون الجهات الرسمية في دول المجلس على اطلاع مستمر ولديها معلومات عن كميات هذه السلع وأين مخزنها، متابعة أسعارها في السوق سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي حتى يتمكن المواطن من الحصول عليها، مع ضرورة أن تكون هناك خطة معدة مسبقا ما بين دول المجلس لمواجهة أي طارئ فيما يتعلق بقضية الأمن الغذائي. كما أوصوا بإقامة شركة أو هيئة خليجية مشتركة تقوم بالاستثمار في المجال الزراعي سواء في داخل دول مجلس التعاون أو خارجها، وأيضا توجيه الاستثمارات الخليجية المشتركة للتركيز على الاستثمار في القطاع الزراعي، إلى جانب توفير التسهيلات الائتمانية والتمويل للمستثمرين الخليجيين.