ازدواجية الصناعات الخليجية تهدّد التجارة البينية وتفقدها التنافسية العالمية

ازدواجية الصناعات الخليجية تهدّد التجارة البينية وتفقدها التنافسية العالمية

حذر خبراء اقتصاديون من تباطؤ دول الخليج في رسم خريطة طريق موحدة تعالج استمرارية الازدواجية والتكرار في الصناعات القائمة حاليا فيها وخاصة الموجهة نحو سوقها الداخلية وأيضا المنتجات الداخلة في التجارة المتماثلة في أكثر من دولة، وهو ما يهدد تحقيق التكامل الصناعي والتجاري المنشود في المنطقة ويؤثر على تعزيز التجارة البينية بين دول المجلس، إلى جانب ضمان استمرارية قدراتها التنافسية في معترك المنافسة الإقليمية والدولية.
وطالب الاقتصاديون في هذا الصدد الجهات المعنية في دول المجلس بضرورة تسريع الخطى نحو التنسيق والتعاون فيما بينها بهدف الحد وتفادي تلك الازدواجية وبلورة ملامح جديدة لإعادة هيكلية الصناعات الخليجية للمحافظة على قيام صناعة قوية وناجحة وبما يوجد صناعات تكاملية مختلفة تستند إلى الميزة النسبية لكل دول، مرجعين في هذا السياق السبب الأساسي في ضعف حجم التجارة البينية الصناعية بين دول مجلس التعاون إلى تشابه القاعدة الإنتاجية بين تلك الدول وتماثل معظم مدخلات الصناعة لديها، مما أدى إلى تشابه كبير في المنتجات المصنعة وحدوث نوع من الازدواجية والتنافسية في الصناعات بين دول المجلس لا تكاملها.
كما دعا الاقتصاديون إلى أهمية العمل على تعزيز العلاقات التجارية بين دول المجلس عن طريق إقامة المشاريع المشتركة وتنسيق الخطط التنموية للدول الأعضاء وتنسيق النشاط الصناعي وتنمية القطاع وتوزيع أنشطته فيما بين الدول الأعضاء حسب الميزات النسبية. وقالوا إن المنتجات الداخلة في التجارة بين دول المجلس ذات طبيعة متشابهة وهو الأمر الذي يؤدي بدوره إلى ارتفاع مستوى المنتجات الأجنبية المستوردة في هيكل التجارة الخارجية لهذه الدول، لذا فإن العمل على تنويع المنتجات والاستفادة من المزايا النسبية لبعض المنتجات المتوفرة لهذه الدول والتي تشكل العمود الفقري لمنتجات التقنية الحديثة يساعد على إيجاد منتجات جديدة تلبي احتياجات المستهلكين في أسواق هذه الدول ويعزز من التكامل الاقتصادي فيما بينها.
ولفتت منظمة الخليج للاستشارات الصناعية ''جويك'' في وقت سابق، إلى أنه رغم تنامي التجارة البينية في السلع المصنعة أصلاً بين دول مجلس التعاون الخليجي بعد تطبيق الاتحاد الجمركي وقيام السوق الخليجية المشتركة، إلا أن حجمها لا يشكل سوى نسبة ضئيلة من مجمل التبادل التجاري لدول المجلس حيث ما زالت نسبتها تراوح بين 5 و6 في المائة، كما أنها تشكل نحو 10.6 في المائة من إجمالي التبادل التجاري غير النفطي لدول الخليج. وشددت في هذا الصدد على ضرورة التنسيق والتعاون بين دول المجلس بهدف الحد من الازدواجية والتكرار في الصناعات القائمة وخاصة الموجهة نحو السوق الداخلية، مؤكدة في الوقت نفسه أن التكامل فيما بين هذه الصناعات يعد مسألة مهمة لمستقبل التصنيع في المنطقة الخليجية. كما توقعت المنظمة أن تنهي في منتصف العام المقبل وضع خريطة طريق للصناعات الخليجية ‏المطلوبة مستقبلاً لدول المجلس والصناعات القائمة، إلى جانب استشراف الفرص المتاحة في هذا ‏القطاع.
وتعد ''جويك'' حاليا خريطة للصناعات الخليجية تكون منطلقا ومكملا للاستراتيجيات التي تتبناها وزارات الصناعة في دول المجلس، والتي أكدت بدورها على أهمية النتائج التي ستسفر عنها هذه الخريطة المتوقع الانتهاء منها في منتصف العام المقبل بهدف دعم وتعزيز التنسيق والتكامل الصناعي بين دول الخليج من خلال طرح عديد من المشاريع الصناعية المشتركة الواعدة التي تتركز حول الصناعات الغائبة وغير الموجودة، والصناعات التي ستعمل على زيادة حلقات وسلاسل الإنتاج فيما بينها. كما أشارت إلى أن الانتهاء من عملية المسح الصناعي في دول المجلس الست تم العام الماضي، وأنها الآن بصدد دراستها وتحليلها وتحويلها بشكل يخدم الخريطة الصناعية. وأوضحت المنظمة أنه سيتم بعد الانتهاء من إعداد الخريطة إدخال جميع البيانات وتحليلها حيث تم تنفيذ 85 تقريرا فنيا على مستوى القطاعات الصناعية في جميع دول المجلس مقسمة إلى قطاعات البتروكيماويات، الكيماويات، المعادن الأساسية، المواد الغذائية، الأخشاب، وصناعة الأجهزة والمعدات وغيرها، مشددة على أن الهدف الرئيس من إعداد الخريطة الصناعية هو خدمة أعضاء المنظمة لتطوير القاعدة الصناعية لديهم.
وجاء إعداد هذه الخريطة بناء على تكليف من قبل لجنة التعاون الصناعي التابعة لمجلس التعاون في أيلول (سبتمبر) 2008 بهدف تعزيز بيئة العمل الملائمة للقطاع الخاص في دول المجلس من خلال توفير السلاسل الإنتاجية القائمة والصناعات الغائبة وتلك المطلوبة مستقبلا والترويج لها، مع الأخذ في الحسبان العوامل الاقتصادية المحلية والإقليمية والدولية كافة المؤثرة في قيام الصناعات. حيث تعمل هذه الخريطة على تحديد الفرص الصناعية الواعدة في كل دولة من دول المجلس والميزات النسبية والتنافسية الخاصة بها، وأيضا على دراسة القوانين والتشريعات والسياسات ومدى إسهامها في التنمية الصناعية خصوصا في المجالات الجديدة المقترحة.
وتواجه الصناعة الخليجية مثل أية صناعة ناشئة أخرى منافسة حادة من قبل السلع الأجنبية المثيلة لها في الأسواق المحلية والعالمية، وخاصة في الصناعات الإحلالية حيث إن السوق الخليجية مفتوحة بلا حواجز كمية أو جمركية، لذا فإن تعزيز قدرة الصناعات الوطنية الخليجية على منافسة السلع والمنتجات الأجنبية يتم من خلال العمل على تقوية الروابط الإنتاجية للصناعات القائمة وتكاملها أفقياً وعمودياً على المستويين المحلي والخليجي، العمل على خفض التكاليف الرأسمالية والإنتاجية للصناعة الوطنية، تعزيز الصناعات ذات الميزة النسبية التي تحقق قيمة مضافة عالية، وتفعيل دور مراكز الابتكار والمعرفة التقنية وتدعيمها بشراكات دولية، إضافة إلى تنمية وتطوير الكوادر الفنية اللازمة للعمل في القطاع الصناعي، مشددا على أن ذلك يتحقق من خلال زيادة مجالات التنسيق والتكامل الصناعي بين دول المجلس.

الأكثر قراءة