أوباما وأصوات اليهود

قضية جعل الإعلام اليهودي منها موضوعا مزمنا ثم يصبح موسميا مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية، هي قضية أصوات اليهود.
وتحظى هذه المسألة باهتمام إعلامي كثيف تحقيقا لعدد من الأهداف التي تخدم اليهود ومن ثم إسرائيل، وهذه الأهداف هي:
- ممارسة الضغط على الرئيس القائم ليوسع نطاق تأييده لإسرائيل.
- إبراز التميز اليهودي على سائر العرقيات الأمريكية، وهي عقدة أقلية قديمة يعيشها اليهود بحدة.
- التأثير على تبرعات رجال الأعمال اليهود وتوجهاتها حيث تذهب إلى الجانب الأكثر موالاة لليهود.
- تكريس فكرة الخصوصية اليهودية في مجتمع متنوع الأعراق، مع أن اليهود يدركون تماما أنهم يتمتعون بكافة الحقوق التي ينالها المواطن الأمريكي.
وفي مستهل تموز (يوليو) أصدر معهد جالوب أشهر بيت استفتاءات واستبيانات وقياس للرأي في الولايات المتحدة، تقريرا حول آراء اليهود الأمريكيين تجاه الرئيس أوباما أظهر هبوطا في معدل التأييد بدرجة كبيرة وذلك بنسبة 60 في المائة مؤيدين و32 في المائة معارضين.
وحسبما أظهرت نتائج الاستبيان فإن خطاب أوباما حول السياسة الخارجية لوزارة الخارجية في 19 من أيار (مايو) الماضي لم يكن له أثر يذكر على الرأي اليهودي رغم اعتراض نتنياهو على رؤية أوباما لاتفاق السلام مع الفلسطينيين والذي اقترح أوباما أن يقوم على أساس حدود 1967.
وبعد قتل زعيم القاعدة أسامة بن لادن ارتفع معدل التأييد إلى 68 في المائة وحسب تقييم الأيام الـ 45 التي يضعها جالوب معيارا للأداء فإن أوباما هبطت شعبيته من 65 في المائة إلى 62 في المائة، وهو هبوط طفيف، لكن بالنظر إلى أن أوباما كان قد حظي بنسبة تأييد بلغت 83 في المائة في بداية توليه الرئاسة وهو ما يعني هبوطا كبيرا على الأداء العام.
ويقول أمريكي صهيوني معروف وهو لاري جروسمان ''إن نسبة التأييد التي حصل عليها أوباما في الانتخابات الأخيرة غير مضمونة التكرار في انتخابات 2012''، وأضاف جروسمان أن أوباما سيحصل على أغلبية الأصوات اليهودية ولكن المشكلة تتجسد في أن هناك احتمالا بتدهور التأييد الذي ظفر به من قبل، خاصة في الولايات المتأرجحة ذات الأغلبية في السكان اليهود.
ويلوح اليهود كالعادة بورقة التبرعات المخصصة للحملة الانتخابية فيقولون إن كبار المتبرعين اليهود يجلسون على السور الفاصل بين الحزبين ويراقبون الأداء، وهو تلميح واضح بأن اليهود ينتظرون المزيد من الدعم من أوباما خاصة في المسألة الفلسطينية، ويروج اليهود الآن أن أثرياءهم لا يتبرعون لمجرد دعم القضايا اليهودية، ولكنهم يقيمون الأداء ويتبرعون على هذا الأساس.
ويقول المحللون المختصون بالانتخابات الأمريكية إن الاقتصاد هو المفتاح المهم في الانتخابات بالنسبة للناخبين الأمريكيين كافة.
وقد كشفت الاستبيانات المتتابعة ـــ وهو لعبة يهودية قديمة ـــ أن تأييد أوباما ضعيف بين اليهود الذين يترددون على المعابد ويقيمون الطقوس حيث بلغ 51 في المائة، أما بين اليهود العلمانيين والذين لا يصلون في المعابد فقد بلغ تأييده 70 في المائة.
وبصفة عامة يرى المراقبون أن أوباما ـــ وبمعيار اتجاهات الناخبين عبر السنوات الـ 30 الماضية ـــ سيحصل على أغلبية أصوات اليهود في انتخابات 2012. ونذكر في هذا الصدد أن رونالد ريجان الجمهوري كان أكثر رئيس جمهوري يحصل على نسبة عالية من أصوات اليهود، ولم تتجاوز 39 في المائة، وذلك في انتخابات 1980، أما من جاء بعده من الرؤساء الجمهوريين فقد تفاوتت نسب الأصوات التي حصلوا عليها بين 11 في المائة و24 في المائة، وقد حصل جون ماكين في الانتخابات الأخيرة على 22 في المائة، بينما حصل أوباما على 78 في المائة.
والملاحظة الدقيقة تظهر لنا رغم ذلك أن اليهودي غاص في بحار السياسة ولا يهتم كثيرا بالقضايا اليهودية، ولكن الإيباك والمنظمة الصهيونية وغيرهما من الأتباع يبذلون جهودا إعلامية واجتماعية شديدة لإقناع اليهود بالتجمع.
وقد صدر تقرير كتبه بن سميث من مؤسسة بوليتيكو Polihco قال فيه إن أصوات اليهود التقليدية ربما تشهد تحولا مهما خاصة بعد الاختلاف الحاد بين أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو خلال الزيارة التي قام بها الأخير إلى واشنطن في أيار (مايو) الماضي، وقال سميث إن كثيرا من يهود يسار الوسط بدأوا يفكرون في تحويل ولائهم نحو الجمهوريين في السباق المقبل عام 2012.
وقد يكون من قييل المبالغة أن نقول إن الرئيس الأمريكي ـــ أي رئيس ـــ سيخسر السباق بسبب ضغطه على إسرائيل لدرجة أن رون كامبياس وهو مراقب معروف قال إن إسرائيل لم تتجاوز أبدا المركز الخامس على قائمة أولوية الناخب الأمريكي اليهودي، لأن هناك قضايا تمس اليهودي الأمريكي على الصعيد المحلي وهي تعني الكثير بالنسبة له ومنها البطالة وأسعار البيوت والخدمات الصحية والصراعات العسكرية الدولية التي يفقد فيها الأمريكيون أرواحهم.
إضافة إلى ذلك فقد صدر عن مركز بيو Pew للأبحاث تقرير يفيد بأن الأمريكيين بصفة عامة ودون تقدير لنسب اليهود يعتقدون أن إدارة أوباما تتبنى مواقف إيجابية من إسرائيل، وبعد خطابه أمام الإيباك ـــ أكبر تجمع صهيوني ـــ بلغت نسبة مؤيديه 50 في المائة ومعارضيه 21 في المائة، وهناك مجموعة من العوامل تشير إلى أن إدارة أوباما ستحصل على غالبية أصوات اليهود، وحتى إن حدث بعض الهبوط في ولايات التأرجح وعلى رأسها فلوريدا، حيث يحتاج اليهود إلى دعم يجعلهم يوازنون النصف المحافظ في هذه الولاية ــ إن حدث ذلك فسوف يكون مرجعه إلى قضايا أخرى لا تخص إسرائيل بل أمور محلية أو عالمية.
وقد صرح اليوت أبرامز خبير دراسات الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية لصحيفة ''جيروزاليم بوست'' اليهودية الصهيونية بأن هناك تحولا ضد أوباما سيحدث وذلك لرفض أوباما التأكيد على خطاب جورج دبليو بوش والذي حظي بأغلبية ساحقة في المجلسين وينص في صميم فحواه على رفض أي اتفاق إسرائيلي ـــ فلسطيني يتحدث عن عودة إلى خطوط 1949 (يعرف اليهود خطوط 1967 بأنها خطوط 1949 من باب الدعاية)، في حين أن أوباما أصر على استخدام خطوط 1949 (1967) أساساً لمحادثات مع بعض التبادلات في الأراضي بما يحقق الأمن لإسرائيل. وهذا يعني في رأي مؤيدي إسرائيل أن أوباما سيضغط على إسرائيل للتنازل عن حدود الخط الأخضر وهو أمر يضعف الموقف التفاوضي لإسرائيل.
والمثال الثاني الذي يقدمه أبرامز هو الأمم المتحدة، حيث استخدمت إدارة بوش الفيتو تسع مرات لحجب أي قرارات ضد إسرائيل على مدى ثماني سنوات، في حين تحرص إدارة أوباما على تجنب الفيتو.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي