تراجع حاد لعوائد السندات السيادية في دول أوروبا يضعف آمال الإنقاذ
الآمال المعقودة على أن الصفقة الثانية المقدمة من منطقة اليورو لإنقاذ اليونان تستطيع أن تعالج عدوى السندات السيادية ضمن منطقة اليورو، هذه الآمال في سبيلها إلى التراجع في الوقت الذي يعاني فيه المتداولون يوما شاقا آخر في نهاية أسبوع اتسم بالتقلبات الكبيرة إلى حد مؤلم.
كان وضع اليورو مستقرا بالقرب من مستوياته العليا على مدى أسبوعين، وكانت العوائد على السندات السيادية في البلدان الطرفية في منطقة اليورو تتراجع بصورة حادة في وقت مبكر من يوم الجمعة، في الوقت الذي كان يبدو فيه أن صفقة الإنقاذ التي قدمها الاتحاد الأوروبي إلى اليونان ستؤدي إلى تخفيف مشاعر التوتر في قطاع السندات المعتل.
على سبيل المثال، تراجع العائد على السندات الإسبانية لأجل عشر سنوات بنسبة 12 نقطة أساس ليصل إلى 5.61 في المائة، كما أن مؤشر ماركِت آي تراكس Markit iTraxx SovX للسندات السيادية، الذي يقيس تكلفة تأمين السندات السيادية الأوروبية ضد الإعسار، تراجع بنسبة 30 نقطة أساس ليصل إلى 233 نقطة أساس، بحيث دفع بالتراجع الذي سجله هذا المؤشر على مدى الأيام الأربعة الماضية إلى نسبة 25 في المائة تقريبا.
لكن العملة الأوروبية الموحدة تراجعت الآن بنسبة 0.4 في المائة في مقابل الدولار لتصل إلى 1.4361 دولار، وارتفعت العوائد على السندات الإسبانية لأجل عشر سنوات بنسبة ثلاث نقاط أساس لتصل إلى 5.76 في المائة، في حين أن مؤشر ماركِت آي تراكس عوض بعض خسائره، على اعتبار أن النشوة التي استُقبِلت بها الصفقة ذهبت وحل محلها الآن تحليل رصين للصعاب التي لا تزال تكتنف بلدان منطقة اليورو المثقلة بالديون.
كذلك يظل المستثمرون في حالة من الحذر بسبب عدم وجود حل حتى الآن لمشكلة أخرى في المالية العامة في بلد آخر، ونعني بها المعركة الدائرة حول الميزانية في واشنطن. وما يضيف إلى حذر المستثمرين بعض التعليقات المتشائمة الصادرة عن شركة كاتربيلار بخصوص الطلب الصيني، وهو ما أثار مخاوف حول قوة النمو في الاقتصاد الصيني، الذي هو ثاني أكبر اقتصاد في العالم. أخيرا هناك الانفجار الذي وقع في وسط أوسلو في النرويج، الذي أسهم في زيادة المخاوف والتوتر.
ارتفع مؤشر فاينانشيال تايمز لعموم الأسهم العالمية بنسبة 0.4 في المائة، وذلك بفعل ارتفاع مقداره 1.4 في المائة في الأسهم الآسيوية، التي حصلت على فرصتها الأولى في رد الفعل على الصفقة التي تم التوصل إليها في بروكسل بخصوص السندات في منطقة اليورو.
وفي آسيا كذلك ارتفعت أسهم البنوك وتراجعت الفروق في عوائد السندات، على اعتبار أن المستثمرين استبعدوا حدوث تشنجات في البيئة المالية. كذلك ساعد على تحسن أسهم البنوك صدور تقرير الأرباح يوم الخميس عن بنك مورجان ستانلي، الذي كان أفضل من التوقعات، في حين أن الأرباح القوية من شركات التكنولوجيا الأمريكية ساعدت على تحسين حظوظ أسهم شركات التكنولوجيا اليابانية.
وفي طوكيو ارتفع مؤشر نيكاي 225 بنسبة 1.2 في المائة، وقفز مؤشر هانج سينج في هونج كونج بنسبة 2.1 في المائة، وارتفع مؤشر سيدني بنسبة 1 في المائة. وتحسنت كذلك أوضاع الشركات التي لها تعاملات قوية مع أوروبا.
لكن وول ستريت، الحي المالي في نيويورك، لا يزال يَجهَد في سبيل زيادة الاندفاع في الجلسات السابقة بنسبة 1.4 في المائة، حيث إن التعليقات السلبية الصادرة من شركة كاتربيلار ألقت بظلالها على النتائج الجيدة التي فاقت التوقعات من ماكدونالد وجنرال إلكتريك. وفي نيويورك ارتفع مؤشر ستاندارد آند بورز 500 بنسبة 0.1 في المائة فقط في نهاية التعاملات، مع أنه في مرحلة معينة أثناء الجلسة كان يبدو عليه أنه في سبيله إلى تسجيل زيادة بنسبة 0.5 في المائة. التراجع الذي يشهده اليورو أعطى دَفعة لمؤشر الدولار، الذي يقيس أداء الدولار مقابل سلة من العملات الرئيسة، حيث ارتفع بنسبة 0.3 في المائة ليصل إلى 74.22 نقطة. وهذا بدوره أدى إلى تقليص المكاسب بالنسبة لكثير من السلع، رغم أنها تظل في معظمها في المنطقة الموجبة، وهو أداء متين صامد بالنظر إلى شكوك كاتربيلار بخصوص معدلات النمو المستقبلية في الصين. وارتفع خام برنت بنسبة 0.9 في المائة ليصل السعر إلى 118.52 دولار للبرميل.
اندفعت سندات البلدان الرئيسة في الوقت الذي تراجعت فيه الشهية العامة للمخاطر. فقد سجلت العوائد على سندات الخزانة الألمانية لأجل عشر سنوات مستوى 2.95 في المائة عند افتتاح التعاملات الأوروبية، لكنها تراجعت الآن بنسبة خمس نقاط أساس لتصل إلى 2.83 في المائة.
تراجعت العوائد على السندات القياسية الأمريكية لأجل عشر سنوات بنسبة خمس نقاط أساس لتصل إلى 2.96 في المائة، في الوقت الذي ينتظر فيه المتداولون التطورات التي ستحدث في المفاوضات الجارية بخصوص الميزانية الأمريكية. وقد التقى تيم جايتنر، وزير المالية الأمريكي كبار المسؤولين في البنك المركزي الأمريكي في الوقت الذي صعَّد فيه من الاستعدادات لاحتمال وقوع الولايات المتحدة في الإعسار بخصوص سنداتها.
انتهت مساجلات صفقة الإنقاذ في منطقة اليورو. وآن الأوان لأن تعطي الولايات المتحدة دَفعة لاتفاقية بخصوص التعامل مع الديون تؤدي إلى تحسين المزاج العام.
كانت المناقشات الجارية في واشنطن من العوامل التي تقف وراء التقلبات الحادة في أسعار الموجودات في الفترة الأخيرة. وتواجه الولايات المتحدة إمكانية الوقوع في الإعسار الفني إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بخصوص المالية العامة لرفع سقف الدين بحلول الثاني من آب (أغسطس). وقد بذل المستثمرون جهودا كبيرة لتحليل النتائج المترتبة على حادث من هذا القبيل، وكانوا في الوقت نفسه يتكهنون بخصوص الشكل الذي يمكن أن تتخذه صفقة الإنقاذ الأوروبية، كما أنهم كانوا في حالة من رد الفعل على موجة قوية من تقارير الأرباح من الشركات.
مع ذلك أقفل مؤشر ستاندارد آند بورز 500 الخميس عند معدل يقل فقط بنسبة 1.5 في المائة عن معدله الدوري المرتفع في أيار (مايو).
وسيجادل المتفائلون بارتفاع الأسعار وتحسن الأوضاع بأن هذا يوضح القوة الأساسية التي تتمتع بها السوق. وسيرى المتشائمون أن هذا يعني أن السوق استبعدت في الأصل حدوث ناتج إيجابي لمفاوضات صفقة الإنقاذ اليونانية في منطقة اليورو، ومحادثات رفع سقف الدين الأمريكي، وفي الوقت نفسه، كما يقال، احتسبت السوق أن يكون موسم الأرباح عن الربع الثاني لهذا العام أفضل من التوقعات.