زيادة الطلب على الصكوك تفرض على الهيئات الشرعية التوقف عن الخلافات الشكلية
أكد باحث مصرفي، أن صكوك المصرفية الإسلامية قد حققت عوائد جذبت انتباه العديد من المؤسسات المالية، وذلك في ظل دراسة صادرة عن البنك الدولي تؤكد أن حجم الصكوك سيبلغ ثلاثة تريليونات دولار في 2015، مشيرا إلى الاهتمام الدولي بالصكوك في كل من أوروبا وأمريكا.
#2#
وقال الباحث سليمان الناصر من جامعة يو إس إم ماليزيا قسم العلوم المالية والمصرفية لـ "الاقتصادية": إن نمو صناعة الصكوك الإسلامية جذب الكثير من الباحثين والمختصين للتركيز على عمل وآلية هذه النوعية من السندات، مضيفا أن هناك نوعين من الباحثين في مجال الصكوك الإسلامية، الأول منهما ينظر إلى موضوع الصكوك الإسلامية على أنه شديد الإيجابية بالنسبة إلى تطور صناعة المصرفية الإسلامية، ويشكل مرحلة من أهم مراحل هذا النمو ويتوقعون التطور لها مع تعقيبهم على الآلية، وأنه يجب تحديثها بشكل أفضل؛ حتى تكون مصنفة بشكل إيجابي، بل ويذهب بعضهم إلى المطالبة بعمل معايير عالمية لإنشاء الصكوك الإسلامية وطريقة إصدارها.
وأضاف الناصر أن النوع الآخر ليس كمنتج للمصرفية الإسلامية وطريقة للحصول على سيولة وبالتالي تستفيد صناعة المصرفية الإسلامية منها، لكنه ينتج خلاف كمي من الناحية الشرعية والفقهية التي أنتجت خلافا يصل إلى حد المطالبة بإيقاف إصدارها.
وقال الناصر: نستطيع أن نجمل تحديات المدرستين البحثيتين في الصكوك الإسلامية من جوانب عدة ، أولاها الخلافات الشرعية والتي تكمن في أن الصكوك الإسلامية عند إصدارها يكون العائد الثابت في الصكوك محل جدل فقهي، ويعود السبب في ذلك إلى وجود بند حول التعهد بإعادة شراء الصك بحسب قيمته الاسمية، وقد أصدر العديد من العلماء تصريحات بخصوص ذلك، أهمها تصريح تقي الدين عثماني، بل إن بعض العلماء صرّح بأن هذه الصكوك غير واضحة الأصول.
ومن التحديات، بحسب الناصر، زيادة التكاليف عند إصدار الصكوك، ففي بعض عمليات الإصدار يطلب من الشركة أو المؤسسة المالية القيام بالإصدار وإدارة الاكتتاب وتغطية الإصدار، وهذا يسهم في زيادة التكلفة، بل إن في حالة تحقيق بعض ما يطلبه البعض من وضع هذه الصكوك تحت عمل وكالات ائتمانية وتصنيفية عالمية سيزيد من التكلفة، وبالتالي يجعلها كبيرة التكلفة وقليلة العوائد، كما يطالب كثير من الباحثين بوجود وكالات تصنيف إسلامية بحجة أن الوكالات الأجنبية تعامل الصكوك معاملة السندات نفسها في البنوك التقليدية عند التصنيف.
ويضيف الناصر: من التحديات أيضا ما يشير إليه بعض الباحثين من أن اللجوء إلى مؤسسات عالمية لتصنيف الصكوك سببه قلة الشفافية في هذه الصكوك، وبالتالي زيادة المخاطر عليها؛ ولذلك يشددون على اللجوء لتصنيفها تصنيفا إيجابيا، إضافة إلى تحدي عدم وجود سوق ثانوية مواكبة لنمو الصكوك والتي تحتاج إلى عملية تسهيل التسييل أو تداول السيولة والربح والبيع بفعالية أكبر، وكذلك أشار إلى وضع البعض علامات استفهام على أن البنوك الأجنبية تستولي على أكبر عملية إصدار للصكوك الإسلامية، وقلة المؤسسات المالية الإسلامية بالمقارنة معها.
وأشار الناصر في هذا الصدد إلى أن لكل دولة اعتباراتها الخاصة في الصكوك وبالذات الدول الإسلامية، وما يعتبر تحديا في دولة معينة قد لا يكون تحديا لنمو الصكوك في دولة أخرى، وربما يكون هناك تحديات أكثر في بعض الدول حسب البيئة والإمكانات والسياسة الاقتصادية لها بالنسبة إلى تعاملها مع الصكوك الإسلامية.
وأكد أن الطلب على الصكوك سائر في النمو والازدياد، وأن حدوث تأثير كما حصل في سوق الصكوك الخليجية فسيكون بسبب عزوف الناس لاهتمامهم بمسألة توافقها مع الشريعة الإسلامية، وأشار في هذا الصدد إلى الدور الكبير للتصريحات الشرعية للعلماء والفقهاء حول هذه الصناعة، مطالبا الهيئات الشرعية بوضع آلية صحيحة والتوقف عن الخلافات الفقهية، وبيان ما هو المطلوب بالضبط من مصدري الصكوك الإسلامية بمختلف خصائصها وأي من هذه الخصائص التي هي محل خلاف، وكيف يمكن التغلب على ذلك وتجاوز الخلاف الفقهي، وهل يوجد بديل، وإذا تم تصنيفها أدائيا ووفق تصنيف الفاعلية المصرفية فهل يوجد معايير محددة لذلك.
كما تساءل: هل سيتوقف المعارضون الشرعيون عن التحدث عن حرمتها في حال استوفى إصدار الصكوك شروطه المطلوبة أم سيستمرون فقط في النقد من غير إيجاد البديل.
وكان تقرير مصرفي قد أشار سابقا إلى أن إصدارات الصكوك (السندات الإسلامية) قد بلغت خلال النصف الأول من العام الجاري نحو 47 مليار دولار، متجاوزة الرقم القياسي المسجل في العام الماضي والبالغ 45 مليار دولار، وأضاف التقرير الصادر عن بيتك للأبحاث العامة التابع لبيت التمويل الكويتي: إن إصدارات الصكوك العالمية قفزت في النصف الأول بنسبة 34.7 في المائة، وأن أسواق الصكوك شهدت اضطرابا في حزيران (يونيو) بعد قيام الحكومة الماليزية بإصدار صكوك بقيمة ملياري دولار.
وذكر التقرير أن الاكتتاب على صكوك الوكالة الخمسية والعشرية (خمس وعشر سنوات) التي تصدرها الحكومة الماليزية ازداد 4.5 ضعف؛ مما جذب فائضا بقيمة تسعة مليارات دولار، وتم توزيع الإصدارات بالكامل على 320 مستثمرا عالميا، وقال التقرير: إن الجهات السيادية تصدرت إصدار الصكوك خلال الشهر بنسبة 49.2 في المائة من حيث القيمة، تبعتها الشركات بقيمة 27 في المائة، والجهات ذات الصلة بالحكومة بنسبة 23.7 في المائة.
وأوضح أن العملة الماليزية "الرينجيت" قد سيطرت على غالبية إصدارات الصكوك في حزيران (يونيو) بما يقارب ثلاثة أرباع الإصدارات، بينما استحوذ الدولار على نسبة 25 في المائة من إجمالي إصدار الصكوك خلال الشهر، في حين كانت باقي الإصدارات بالدينار البحريني.
وأشار تقرير بيتك إلى أنه تم إصدار صكوك بقيمة ثلاثة مليارات رينجيت (مليار دولار) من قبل شركة ساراواك برهاد للطاقة والمملوكة من الدولة الماليزية كأول إصدار من برنامج بقيمة 15 مليار رينجيت (خمسة مليارات دولار)، ولشرائح صكوك المشاركة الأربع (خمس سنوات وسبع سنوات وعشر سنوات و15 سنة)، وأضاف أن شهر حزيران (يونيو) شهد إصدار ما مجموعه 81 صكا، مقابل 60 في أيار (مايو)، و53 في نيسان (أبريل)، حيث قام قطاع الشركات بإصدار 62 صكا من هذه الصكوك و13 صكا كإصدارات سيادية بقيمة 3.95 مليار دولار.
وذكر التقرير أن ماليزيا هي الدولة الوحيدة التي أصدرت الصك الدولي الوحيد في حزيران (يونيو) 2011، كما تم استثمار كل صكوك الشركات في ماليزيا.
وكانت جمعية الخليج للسندات والصكوك قد دعت إلى ضرورة توحيد الإجراءات التي تنظم إصدارات الصكوك في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط، وحثت على إقامة تنظيم واحد والذي من شأنه - حسب الرابطة - أن يسرع من عمليات الإصدار ويجعلها تتسم بكثير من المرونة، وأوضح رئيس الجمعية مايكل جرفيرتي أنه تم رصد انعدام لوجود نهج ثابت في اللوائح المحلية لكل دولة في المنطقة على كيفية إصدار الصكوك.
وذكر أنه من شأن اتخاذ إجراءات إصدار الصكوك مبسطة ومتسقة أن تساعد على خفض تكلفة الإصدارات، ودعت الرابطة إلى مزيد من التنسيق على المستوى الحكومي، في وقت لا تزال فيه سوق الصكوك في حاجة إلى تطوير والترشيد، مضيفة أنه يتعين على الحكومات أن تمنع الكثير من الشركات المصدرة للسندات الإسلامية، من القدوم إلى السوق في الوقت نفسه.
وأشارت الجمعية إلى أن الأزمة المالية التي واجهتها دبي في عام 2009 قد سمحت بظهور حافز لتطوير أسواق الدين في المنطقة.
حيث أدرك المقترضون أن أسواق رأس المال والديون أكثر كفاءة في زيادة حجم التمويل، مقارنة باللجوء إلى التمويل عن طريق البنوك، والتي تميل إلى أن تكون قصيرة الأجل، وتتطلب عمليات إعادة تمويل متكررة.