مطار جدة والمطار الظاهرة
من المطارات التي تصنف ظواهر في صناعة النقل الجوي مطار سكيبول الدولي في أمستردام عاصمة هولندا. هذا المطار ظاهرة لتميزه بإنجازات عديدة، أهمها أنه يتعامل مع 50 مليون مسافر في السنة، أي نحو 50 ضعف عدد سكان أمستردام، وأن 70 في المائة من الـ50 مليون مسافر (عابرون) أوروبا إلى مختلف الدول في قارات العالم. استطاع هذا المطار أن يتفوق على مطار هيثرو، ويحتل المركز الأول في تصنيف "سكاي تراكس" كأفضل مطار في أوروبا من خلال استبيان لتجارب الملايين من المسافرين. يقف خلف هذا النجاح عقول من المبدعين في علوم مختلفة منها تصميم وسائل الإرشاد، لتكون ذات أشكال، وليست أحرفا فقط كون المسافرين من جميع لغات وثقافات العالم، علم انسيابية المشاة في المباني، علم الإجراءات الإدارية، وعلم أتممة الإجراءات والخدمة الذاتية ... إلخ. لو أردنا الإبحار في العقول البشرية التي صنعت نجاحات هذا المطار، وتعرفنا كيف تعمل، وما الأدوات التي تعمل بها كي نتمكن، ولو قليلا من معرفة سر تخلف مطاراتنا، وحتى الشركات الاستشارية العالمية التي أنفق عليها الملايين لم تؤثر فينا. في مطار الرياض تم تقديم بوابات التفتيش لتكون قريبة من المدخل الأول، وتفاقمت مشكلة التزاحم في منطقة صغيرة، ولم تتحسن انسيابية حركة الركاب. في مطار جدة يقف شاب متدرب من الكوادر الجديدة إلى جانب الممر الداخلي الواقع بين الصالة من جهة الدخول وبين مكاتب إنهاء إجراءات السفر.. ما مهمة هذا الشاب؟ توجيه حركة المسافرين الذاهبين إلى مكاتب الإجراءات بأن عليهم الدخول عبر الجهة الأخرى (خلف العمود)، وكلما امتعض راكب واستغرب، لأنه ممر كبير يتسع للجميع، رد الشاب "ممنوع، أنا عبد المأمور". هذا الشاب الصغير في عمله منخرط في دورة على رأس العمل في تقنيات وأساليب إطالة الإجراءات، وسيكون بعد سنين من الإداريين الذين يورثون هذا العلم. قامت الخطوط السعودية مشكورة بشراء وتطبيق نظام إدارة الموارد ونظام أماديوس، لكن هذه الأنظمة (أدوات) أوجدها العقل البشري لتسهيل الإجراءات. بعد النظام الجديد أصبحت طائرة 777 تحتاج إلى 45 دقيقة لإركاب جميع المسافرين عبر بوابات مطار جدة المجهزة حديثا بقارئ ضوئي لبطاقة (كرت) صعود الطائرة، بينما الطريقة القديمة المتمثلة في نزع جزء من الكرت يدويا لا تستغرق ربع هذا الوقت.