المرور وشركات التأمين .. والسلبيات!
الحمد لله الهادي إلى الطريق المستقيم، والصلاة والسلام على الذي أرشدنا إلى ما فيه الخير العميم، وحسبي أن أقول إن المسلم الحقيقي يهتم بأن يبدي كل ملحوظة أو ملاحظة يرى أنها تعد من السلبيات الضارة بكل شخص متى تكشفت له بشكل مباشر أو غير مباشر، ويحاول الكتابة عنها بصدق وأمانة لتصل المعلومة عن القصور أو التقصير أو الخطأ إلى المسؤولين لعلهم يعالجون ذلك بإخلاص وجدية فلا تتكرر، وذلك في وقت أُوجدت كل الوسائل المساعدة على ما يحقق هذا الهدف، ومن الواجب أن يتلقى المسؤول النقد بصدر رحب ونية صادقة متأسيا بقول عمر بن الخطاب - رضـي الله عنه: ''رحم الله من أهدى إليّ عيوبي''، وإدارة المرور بحكم مسؤولياتها وكثرة واجباتها في مواجهة الجمهور يحصل من بعض منسوبيها ـ وهم على مختلف مستوياتهم العلمية والعملية والصدق والأمانة والإخلاص ـ سلبيات من تقصير أو قصور أو أخطاء، وأدبياً يستحسن من كل شخص قادر أن يكتب عما يشاهده من قصور أو تقصير أو أخطاء من أي فرد من رجال المرور ليساعد المسؤولين على اتخاذ الإجراءات التي تكفل أداء الواجبات والمهمات بشكل جيد وسريع، وهذا ما أقصده من كتابة هذا المقال. فأقول ـ بكل صراحة ـ لقد لاحظت تكرر تأخر حضور رجل المرور أو مندوب شركة نجم أو كليهما إلى موقع الحادث لإنهاء إجراءات تحرير تقرير ضبط الحادث وتحديد مسؤولية كل طرف، وكمثال في يوم الجمعة 28/8 /1432 هـ الموافق 29/7/2011 حصل حادث تصادم الساعة 3.35 عصراً فتم الاتصال بالمرور على الرقم 933، وعلى شركة نجم، فكان الرد من المرور: اتصل بشركة نجم، فأخبر بأنه قد تم الاتصال، فقال: إذا وصل يتصل بنا، ووصل مندوب شركة نجم الساعة 6.40 ، وقام بعمل التقرير، وقال انتظروا رجل المرور وسلموه التقرير، وتكرر الاتصال مرات عديدة بالمرور وكل مرة يقال في الرد عشر دقائق ويصل، وفي الحقيقة لم يصـل إلا الساعة 8.20، وعندما قلت له عن هذا التأخير اللافت للنظر، قال لم أبلغ إلا منذ لحظة، فهذا الانتظار الذي قارب أربع ساعات قد أضر بطرفي الحادث في هذه الحالة بانقطاعهما عن التزاماتهما المختلفة، ناهيك عما يسببه هذا التأخير من إرباك وتعطيل سير المركبات الأخرى، وهو ما يشاهد في حالات كثيرة في الطرق والشوارع التي تكثر فيها الحركة، ولا يمكن تبرير هذا التأخر الطويل بكثرة الحوادث، وقلة أفراد إدارة المرور، ومندوبي الشركة، إذ يفترض على كل من الجهتين توفير الأعداد الكافية لمتطلبات العمل طالما كان هناك إدراك لكثرة الحوادث في المدن الكبيرة، بل الأخذ بكل الاحتياطات اللازمة والضرورية لأن بعض الحوادث تكون جسيمة فيها وفيات ومصابون، وهذه تستوجب أن يكون الحضور خلال دقائق محدودة، ولقد سبق أن كتبت عن هذه السلبيات في مقالين سابقين بعنوان ''المرور وشركات التأمين .. الإيجابيات والسلبيات''، المنشورين في هذه الصحيفة بتاريخ 1/7/1431 هـ الموافق 3/1/2010 وتاريخ 22/1/1431 هـ الموافق 8/1/210، ومما أشرت إليه تأخر مندوب شركة نجم، واللافت للنظر أن مندوب الشركة في هذه المرة حضر قبل رجل المرور بفترة تقارب ساعتين، وعلى افتراض أن تعليمات المرور تقضي بحضور رجل المرور بعد حضور مندوب الشركة كما استشففت ذلك من سياق من قام بالرد على اتصالنا عندما قال ''اتصلوا بشركة نجم فإذا حضر يتصل بنا''، فالمفروض أن يحضر رجل المرور فوراً ودون تأخر، وهو ما لم يحصل. أسوق هذه الملاحظة إلى قيادة إدارة مرور الرياض الذين أتوقع أن يتوافر فيهم الوعي التام، والحرص على تلافي كل السلبيات الضارة بالناس على مختلف فئاتهم، والحث على سرعة الإنجاز المتقن الدقيق حسبما أسمعه من بعضهم عند مناقشة بعض السلبيات.
أما عن شركات التأمين فقد سبق أن كتبت مقالاً بعنوان ''أهمية تنظيم التأمين .. وإيجاد هيئة مستقلة له'' نشر في هذه الصحيفة بتاريخ 9/2/1431 هـ الموافق 24/1/2010، وأجد أن من المناسب إعادة طرح المقترح مرة ثانية لما لاحظته من كثرة حالات الاستثناءات في وثائق التأمين عن عدم تحمل الشركة لتغطية المسؤولية عن الحوادث لأن الذي أستشفه أن كل شركة تعد الوثيقة من دون رقابة وإشراف من جهة خبيرة بأصول التأمين، فيكون في وثائق التأمين نصوص إذعانية تفرض على المستأمن، وأذكر على سبيل المثال استثناء التغطية إذا كان عمر قائد المركبة أقل من 21 سنة مع أنه يحمل رخصة قيادة متى كان عمره 18 سنة، فيأتي هذا الاستثناء مطلقاً من دون قيود، في حين نجد شركة أخرى تضع الشرط نفسه، وتكتب بين قوسين (ما لم يصرح بملحق إضافي) وليس في الوثيقة، والمفروض أن تكون التغطية شاملة لكل من يحمل رخصة قيادة رسمية. وهناك أمثلة لشروط أخرى يمكن أن تكون محل مناقشة من الناحية القانونية ولا أريد الاستطراد في مناقشتها، وأكتفي بهذا المثال لأقول لو كان هناك نظام موحد مُحكم للتأمين بكل أنواعه الإلزامي والاختياري لما حصل مثل هذه الاستثناءات التي تؤدي إلى تنصل الشركة من تحمل المسؤولية، وقد فصلت ذلك في المقال الذي أشرت إليه آنفاً، وطرحت مقترح أن يُنص في النظام على إنشاء (هيئة مستقلة) تتولى الإشراف على تطبيق النظام، فتمنح التراخيص لشركات التأمين المؤهلة حقيقة للقيام بمسؤوليات التعويض عن المخاطر المؤمن ضدها، ومراقبة أنشطتها بحزم وجدية وحياد واستقلالية تامة، وهذا ـ في تقديري ـ أفضل مما هو معمول به في الوقت الحاضر من قيام قسم أو إدارة في مؤسسة النقد العربي السعودي قد لا يكون العاملون في القسم أو الإدارة لديهم إلمام بأصول وضوابط التأمين من الناحيتين الفنية والقانونية، وبالتالي يكون القصور والتقصير والخطأ نتيجة قصور الإشراف والرقابة، ما يتيح الفرصة لكل شركة من شركات التأمين أن تضع عقود ووثائق التأمين بإرادتها المنفردة، وتفرضها على المستأمنين بما فيها من نصوص إذعانية لا تتسم بالتوازن والعدل لطرفي عقد التأمين. وتصحيح هذا الوضع – في رأيي المتواضع - هو بإنشاء (هيئة مستقلة) مؤهلة التأهيل الجيد بالخبراء في مجال التأمين ليأخذوا بما وصلت إليه الدول المتقدمة في مجال التأمين بكل أنواعه الإلزامي والاختياري، والذي يطبق على كل المناشط التجارية والصناعية والطبية والمركبات وغيرها من وسائل النقل، وأطرح المقترح للمرة الثانية بمناسبة الكلام عما لاحظته على وثائق التأمين المختلفة على المركبات.
ما تقدم خواطر مواطن يهتم بالشأن العام، فيكتب عن مشاهداته وملحوظاته وملاحظاته، وكل ما يراه يحفظ حقوق ومصالح المواطنين والوافدين، ويحقق المصلحة العامة للوطن والمواطن، وما أريد من وراء ذلك إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله العلي القدير، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.