لعبة اللوم: القواعد الخفية للدين واللوم وكيف تحدد النجاح أو الفشل
كان قد تم اختيار فريق من ثمانية أعضاء لاختيار مواقع جديدة للمتاجر وافتتاحها. إلا أن الصراعات الداخلية فيما بينهم وعدم القدرة على اتخاذ القرار أفشلت عمل الفريق. وأخيرا انتقل أحد أعضاء الفريق الأكثر خبرة والذي كثيرا ما كانت اقتراحاته تواجه انتقادات شديدة إلى العمل بمفرده، وبدأ يقدم عروضا لاستئجار وشراء أماكن وتوظيف مهندسين معماريين.
عندما علم أعضاء الفريق الآخرين بما فعله، اتحدوا جميعا لإلقاء اللوم عليه في سوء البحث. فاضطر إلى تقديم استقالته من الشركة لشعوره بأنه صار كبش فداء يقدمه باقي أعضاء الفريق لتبرير فشلهم، بعد أن كان قد بذل جهدا أكثر من أي عضو آخر في الفريق سعيا وراء تحقيق الأهداف المحددة.
يؤكد الكتاب أن لعبة اللوم وإلقاء المسؤولية على عاتق الآخرين في عالم الشركات لا يحدث من قبيل المصادفة. في الواقع، عقولنا مصممة لخدمة النزعات الأنانية ـــ وهذا يعني الإشادة بالذات عندما تسير الأمور على ما يرام والبحث عن آخرين لتوجيه اللوم إليهم عندما تسوء الأمور.
إن جذور لعبة اللوم لا توجد فقط في الطبيعة فهي جزء من الطبيعة ذاتها. فالأطفال يطورون إحساسهم بالذات إلى حد كبير بناء على لوم الآخرين والإشادة بالذات. يسعي معظم الأطفال إلى إشادة الآخرين بهم، ويؤمنون بأنهم يستحقون هذه الإشادة. والواقع أنه حتى الأطفال يعتقدون أن الكبار يوجهون لهم اللوم معظم الوقت.
أما الكبار فهم أقل ميلا من الأطفال إلى وصف كل ما لا يروق لهم بأنه "غير عادل". ولكن في أوقات الشدة، يميل الناس إلى الرجوع إلى طفولتهم ويرفضون تحمل مسؤولية المشاكل ويبحثون بدلا من هذا عمن يلقون عليه اللوم.
ثمة تحد آخر وهو الظاهرة النفسية المسماة التحويل، عندما نحول المشاعر التي كنا نشعر بها في طفولتنا إلى الناس الذين نقابلهم في حياتنا بعد أن نصير كبارا ـــ بما في ذلك الزملاء والمديرين.
إضافة إلى الطبيعة والتنشئة، هناك بعض أنواع الشخصيات التي تميل تلقائيا إلى إلقاء اللوم على الآخرين. حدد علماء النفس ثلاث فئات من الشخصيات تميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين: الشخصية التي تميل إلى الإفراط في تأديب الآخرين، والشخصية التي ترفض تماما إلقاء اللوم عليها، والشخصية التي تتقبل إلقاء اللوم عليها بسهولة ويفترض صاحبها أنه مخطئ دائما ويستحق إلقاء اللوم عليه.