أهمية وضرورة انتقاء إدارات الناشئين

إذا أردنا بناء مستقبل زاهر لنا في عالم الرياضة ونسعى إلى التطور والتقدم والازدهار فلا بد لنا من انتقاء إدارات للناشئين واعية ناجحة تستطيع أن تضع تخطيطا وتنظيما وتنفيذا ناجحا، وتدريبها وتأهيلها؛ لأن أهمية اختيار العناصر التي تعمل مع هذه الفئات هي مسؤولية جسيمة وكبيرة؛ لأننا إذا لم نحسن الاختيار فإننا بلا شك نعرض أبناءنا للضياع المبكر، خاصة أننا سلمناهم بأيدينا لمن لا يجيد التعامل معهم ويترتب على ذلك مجازفات كبيرة.

لقد تحدثت في مقالات سابقة عن أهمية انتقاء الناشئين، وفي هذا المقال أتحدث عن أهمية وضرورة انتقاء الأشخاص الذين يعملون في إدارة قطاعات الناشئين؛ لأن هذه الفئة تحتاج إلى مواصفات خاصة في الذين يعملون فيه.
وحيث إن الإدارة الرياضية هي فن تنسيق عناصر العمل والمنتج الرياضي فهي قد أصبحت فنا قائما بذاته، وتعد بداية القرن الـ20 مرحلة فاصلة في نشأة الإدارة كعلم قائم بذاته يستند إلى مقومات، شأنه في ذلك شأن بقية فروع العلم والمعرفة، فظهرت النظريات والتجارب والدراسات التي استخدمت الأسلوب العلمي، وأصبح التخصص في دراسة هذا الحقل أمرا مألوفا، وقد حظيت الإدارة باهتمام كبير مع أنها حديثة النشأة كعلم مستقل، ويعزى هذا الاهتمام إلى طبيعتها، ووظائفها، وغاياتها، وتُعد الإدارة فرعا من فروع العلوم الإنسانية، وتتسم بالحتمية، بمعنى أن إنجاز الأعمال في كل القطاعات وخاصة الرياضية لا يتأتى إلا بها، وبذلك فليس لأي جهة تريد النجاح الخيار في أن تأخذ بها أو ترفضها، ولها وظائف متعددة وتتسم هذه الوظائف بالتشابك والتداخل، فمع أن لكل وظيفة خصوصية معينة، وتستهدف تحقيق أغراض محددة، إلا أن هذه الأغراض تجتمع معا لتحقيق أهداف واحدة؛ لذلك أصبحت أساسا لكل نجاح يعكس تقدم الدول في الرياضة مدى التقدم في استخدام الإدارة الرياضية الحديثة في أنشطتها الرياضية كافة؛ إذ كلما ارتقى مستوى الإدارة فيها تحسن مستواها الرياضي، وحيث إن الإداري الذي يعمل في قطاع الناشئين تقع عليه أعباء ومسؤوليات أكبر بكثير من باقي الإداريين الذين يعملون في الوسط الرياضي؛ لأن هذا القطاع يحتاج إلى إداري قائد والقائد يجب أن يكون لديه أكثر من قوة يستطيع بها أن يؤثر بها على هؤلاء الناشئين وذلك للوصول إلى الأهداف المحددة؛ لأن القيادة هي عملية تأثير على سلوك الآخرين للوصول إلى تحقيق الأهداف المشتركة، وبذلك يتطلب أن يكون مجيدا لعمله متقنا إياه، ملما بدوره الذي يجب أن يقوم به وعارفا لمراحله ومتطلباتها، ومدركا وعارفا للطرق والوسائل المتاحة والكفيلة بإنجاز هذا العمل بجانب تمتعه بالمهارات الإنسانية التي تمنحه القدرة على تفهم سلوك الناشئين، وبالتالي التعامل معهم، وفي هذا الخصوص تنبع أهمية المهارات الإنسانية؛ لأنه يتبعها تعامل تربوي لأن اللاعبين الناشئين في هذه الأعمار هم في الحقيقة في طور نهاية الطفولة وبداية المراهقة، وبالتالي تمر عليهم انفعالات متباينة وتنمو فيهم روح التمرد وازدهار الصبيانية في التصرفات فيجب أن تسود فيه روح المعلم والتربوي المتعاظم في تربيته؛ لأن التربية الرياضية تهتم بتنمية الطاقة الجسدية واكتساب مهارة وتعويد الصبر والمبادرة والتضامن والمنافسة وتربية الفرد تربية وكاملة متزنة في جميع النواحي الجسمية والعقلية والاجتماعية، ويستند إنجازه في جوهره إلى فكرة بناء إنسان متكامل في إنجازه الرياضي وبناء سلوكه الخلقي وأن تشمل ذلك تنمية المهارات الفردية والجماعية الفكرية والعقلية والبدنية النافعة لحياة الناشئ في حياته الحالية والمستقبلية بتنمية تكفل له الكفاية البدنية وإكسابه الصفات الاجتماعية الطيبة التي تكفل له العيش وسط مجتمعه وفي مدرسته ووسط زملائه في النادي أو المنتخب، وبذلك نجد علم الإدارة الرياضية في قطاع الناشئين ازدهر عن طريق الدراسات والبحوث وأصبحت تشكل علما له أهميته وله مفهومه التربوي الخاص؛ لأن مفهوم التربية الرياضية يرتبط بالتطور الذي يحدث في التربية نتيجة للاتجاهات الفلسفية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تحدث في كل مجتمع والتي تختلف بطبيعة الحال من مجتمع لآخر ومن عصر لعصر، ومن هنا كان لزاما أن يتمتع الإداري الذي يعمل في الفئات العمرية بشكل عام إن كانوا براعم أو ناشئين أو شبابا أن يتمتع بالمهارة التنظيمية ويفهم أهدافها وأنظمتها وخططها، ويجيد تنظيم العمل وتوزيع الواجبات وتنسيق الجهود، وهذا يقودنا إلى أهمية تمتعه بالمهارة الفكرية حتى يتمكن من عمل الدراسات والتحليل والاستنتاج بالمقارنة والقدرة على العمل والتعامل مع هذه الفئة وفق السياسة العامة للجهة التي ترعاها وأن يتحمل تجاه ذلك المسؤولية بروح عالية مضحيا بالكثير بتحمل ما يترتب على ذلك، والتعامل بدبلوماسية وذكاء تجاه المواقف الصعبة خاصة التي تحتاج إلى اتخاذ القرارات الصعبة الفورية، وتمتعه بالمرونة والاستعداد الذهني لتقبل أفكار هؤلاء الناشئين؛ لأنه ربما تورد منهم أفكار غريبة، وهذا بسبب التغييرات الفسيولوجية التي تطرأ عليهم في هذه الأعمار وأن يكون لديه القدرة على التأثير على الناشئين، ونصححهم وتوجيههم مع بث روح الود والحب والرضاء والانتماء للوطن بينهم.
وإذا أردنا بناء مستقبل زاهر لنا في عالم الرياضة ونسعى إلى التطور والتقدم والازدهار لا بد لنا من انتقاء إدارات للناشئين واعية ناجحة تستطيع أن تضع تخطيطا وتنظيما وتنفيذا ناجحا، وتدريبها وتأهيلها؛ لأن أهمية اختيار العناصر التي تعمل مع هذه الفئات هي مسؤولية جسيمة وكبيرة؛ لأننا إذا لم نحسن الاختيار فإننا بلا شك نعرّض أبناءنا للضياع المبكر، خاصة أننا سلمناهم بأيدينا لمن لا يجيد التعامل معهم ويترتب على ذلك مجازفات كبيرة.
وعليه وبعد الانتقاء وفق المواصفات المطلوبة يجب أن يخضع هؤلاء الإداريون للتأهيل عبر برامج ودراسات عن الإدارة الرياضية وبرامج ثقافية متعددة ومحاضرات في علم النفس الرياضي والسلوك الإنساني وفق خطط قصيرة المدى وخطط تطويرية طويلة المدى وتحديد الأهداف العامة لهم وفق السياسات والقواعد والقوانين التي تنظم عملهم ووضع معايير لأدائهم، والمتتبع للتطورات الرياضية وخاصة في مجال الناشئين في العالم يستطيع أن يلمس التغير الذي حدث في هذه المؤسسات التربوية في كل من فروع المعرفة بما في ذلك التربية والتعليم ويلمس أيضا النمو والتطور الذي كانت تهدف إليه المجتمعات من أجل تطويرها ونموها في شتى مجالات الحياة؛ ما يضع على رأس هذه التطلعات للمستقبل الأفضل التطلع إلى تطور ونمو التربية والتعليم فيها، وبالتالي تأصيل المهارات الإدارية والفنية والإنسانية وتتمثل المهارات الفنية في المعرفة والإجراءات والأساليب المرتبطة بنوع العمل الذي يقوم به هذا الإداري والتي تحتم أن يكون دارسا وممارسا للرياضة لكي يعرف متطلبات وظيفته، أما المهارات الإدارية فهي مهارات ترتبط بالقدرة على النظرة الشمولية للجهة التي ترعى الناشئين إن كانت مدارس أو أكاديميات أو أندية رياضية أو حتى المنتخبات الوطنية ككل من حيث تنظيماتها وأنشطة كل منها وفهم العلاقات المتبادلة بين هذه الوحدات والقدرة على توقع ما يمكن أن يحدث في حالة تغيير أي جزئية من جزئيات العمل، والإنسانية وهي تلعب دورا أساسيا في نجاح كل من المهارات الفنية والإدارية فهي تعتمد على دراسة نفسيات الفئات العمرية كأفراد أو مجموعات وكيفية التعامل معهم باختلاف المواقف والظروف، والمهارات الإدارية تعد متطلبا أساسيا في كل مستويات الإدارة بغض النظر عن أنها خاصة بالناشئين أو الكبار على حد السواء.
كما عليه أن يكون متمكنا من وضع الخطط المستقبلية القصيرة المدى والطويلة المدى؛ لأن التخطيط يزيد من قدرة أي عمل على التأقلم والتكيف لاحتمالات المستقبل وأحداثه ويساعد على بلورة الأهداف التي تعد أولى الخطوات نحو عمل إداري منظم، وبالتالي تحدد مساره في كل مراحل تطوره، كما أنه يساعد على تشخيص المشكلات التي تطرأ والتنبؤ بما يمكن أن يحدث من مشكلات في المستقبل على ضوء ما يعيشه الإداري من تجارب يومية وبالتالي التحضير الذهني لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بمواجهة ما يحدث منها في المستقبل بكل احتمالاته وملابساته؛ لأن الإدارة مزيج من العلم والفن، فهي علم لأن لها مبادئ وقواعد وأصولا علمية متعارفا عليها، وفي الوقت ذاته هي فن لأنها تعتمد على القدرات الإبداعية والمهارات الابتكارية والمواهب الذاتية، لقد تغيرت المجتمعات وتغيرت معها مفاهيم الحياة ثم تغير مفهوم التربية لدى هذه المجتمعات كما تغير مفهوم الإدارة الرياضية وخاصة للفئات العمرية ثم يتبع هذا التغير تغيرات كثيرة ومفاهيم أكثر عن التربية والتعليم، وأصبحت تهدف إلى التطور والنمو في العملية التربوية والتعليمية حتى وصلت إلى أرقى المستويات الحديثة.
ثم يأتي الدور الآخر وبعد أن نتأكد من التأهيل العلمي والثقافي والمعرفي لإداريي الناشئين نوجد أجهزة رقابية ولا أقصد هنا بالأجهزة الرقابية أجهزة تعمل بمواصفات بوليسية بل هي جهاز رقابة يتابع تنفيذ عمل هؤلاء الإداريين ووفق برامج وجداول متابعة وتقارير تبين ما تم إنجازه وكيفية معالجات المشكلات التي تطرأ وبيانات وإحصاءات وتخضع كل هذه البيانات للتحليل ومن ثم تعالج كل المشكلات والأخطاء واتخاذ الإجراءات التصحيحية أولا بأول والتنبيه والتوجيه، بل اتخاذ العقوبات اللازمة في حال تكرار الأخطاء نفسها واتخاذ التدابير اللازمة نحو اتخاذ الإجراءات الانضباطية اللازمة وربما الصارمة في الأخطاء التي تسمى الأخطاء الفنية لأن التهاون في حسم مثل هذه الأمور سيعود بنتائج سلبية تؤثر على العمل بل قد تؤثر في نفسيات هؤلاء الناشئين حينما تمس جزءا من كينونتهم أو كرامتهم.
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي