نسمح أو لا نسمح للطيران الخليجي (1 من 2)

عندما تفشل مؤسسات حكومية ما تظهر لنا حلول غريبة كأن تقوم شركة أرامكو بمهام غير النفط والغاز، كالصرف الصحي مثلا. لقد أدى القصور الكبير في النقل الجوي الداخلي إلى أن يقترح مجلس الشورى الموقر السماح لشركات الطيران الخليجية بتسيير رحلات داخلية دون الدراسة المتخصصة ومعرفة الأسباب التي أدت إلى هذا الحال. هذا الاقتراح يدل على حالة العجز التي وصلت إليها الجهات المنوط بها هذه الصناعة كهيئة الطيران المدني والخطوط السعودية للنهوض بهذا القطاع الحيوي. مقترح الشركات الخليجية يحمل معه الكثير من المحاور التي يجب أن نتوقف عند البعض منها إن كنا حقا نريد توطين هذه الصناعة وربطها بالتنمية الكلية من تدوير وتنمية الموارد وإيجاد فرص وظيفية للأجيال القادمة. الحقيقة أن الشركات الخليجية (شركات النقل الاقتصادي والأرجح أنها اثنتان إما العربية أو فلاي دبي) لا ترى في السوق الداخلية السعودية فرصة مغرية، ليس لسبب تجاري، لكن لأسباب تنظيمية، منها الكيفية التي تدار بها مطاراتنا الداخلية وضعف المنصة التشريعية التي تكفل المنافسة. من دعا إلى هذه المبادرة يعتقد أن الخطوط الخليجية الفاخرة كـ ''طيران الإمارات'' أو ''الاتحاد'' أو ''القطرية'' ستهرول نحو مطار رفحاء على سبيل المثال ولم تع واقع النقل الجوي الداخلي من الناحية الاقتصادية والتشريعية. الواقع الأليم أن لدينا كيانات سعودية مستعدة للنهوض بهذا القطاع سواء في هيئة قدرات مالية أو قدرات معرفية، وإلا ما الذي أدى إلى هروب الاستثمارات السعودية في صناعة الطيران خارج السعودية فيما نحن نحاول إشراك غير السعودي بحثا عمن يسد فجواته الكثيرة؟
في قضية النقل الجوي الداخلي نحن نعيش حالة مرت على الولايات المتحدة منذ أكثر من 30 عاما، وهي باختصار التكبيل الحكومي المتمثل في غياب التشريعات الشفافة والمتينة والحرة التي تكفل استثمارات آمنة. أنا أعرف الكثير من المستثمرين الذين لديهم رغبة صادقة في تكوين شركات طيران ذات نموذج ملائم للنقل الجوي الداخلي باستخدام الطائرات الإقليميةRegional Aircraft النفاثة والمروحية الحديثة التي تستخدم لشبكات مشابهة لشبكة النقل الداخلي لدينا من حيث زمن الرحلات وأعداد الركاب، لكن صعوبة الحصول على التراخيص وضعف المنصة التشريعية صرفهم إما إلى استثمارات تقليدية لا تناسب متطلبات التنمية أو تصدير أموالهم إلى الخارج.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي