نشاط خليجي وماليزي يفتح آفاقاً جديدة لصناعة التكافل العالمية
قام كاميل كلاس CAMILLE KLASS بإجراء مقارنة لاستراتيجيات الاستثمار بشركات التكافل في دول الخليج ونظيرتها في ماليزيا. وتكشف المقارنة الخيارات المتاحة لزيادة العائدات من السندات المتنوعة.
ووجد أن سوق التكافل في دول الخليج تختلف عن مثيلاتها في أسواق التكافل المتقدمة في أن الشركات الخليجية تعاني عدم الثبات في أدائها الاستثماري. ويرجع هذا في المقام الأول إلى تعرضها لأصول عالية المخاطر كالعقارات على سبيل المثال. ونجد الصورة مغايرة في أسواق التكافل الماليزية التي تتميز بالثبات إلى حد كبير، حيث تكون أصولها ذات مخاطر محدودة طبقاً لما أورده تقرير التكافل العالمي 2011 الذي أصدرته إرنست آند يونغ.
وتضم الأصول التقليدية لشركات التكافل الخليجية الإيداعات قصيرة الأجل لدى المؤسسات المالية الإسلامية، والأسهم المدرجة، والعقارات وذلك لتتفق مع مسؤولياتها قصيرة وطويلة الأجل.
وتنبع المخاطر في أن الخسائر في رأس المال أو انخفاض المكاسب يؤثر سلباً في المساهمين وفي صندوق التكافل، وكذلك يتسبب في انخفاض السيولة. وهذه العوامل تهدد بطبيعة الحال الموقف المالي لشركات التكافل، وكذلك قدرتها على توفير الخدمات المنتظرة منها، والقدرة على الوفاء بواجباتها المالية، والتأكيد على تأمين واضعي السياسات.
ويتغير الموقف الاستثماري في دول الخليج نظراً للتنظيمات التي تتم في الأسواق الخليجية، والتوجهات الأكثر حذراً التي باتت تتخذها شركات التكافل. وفي الوقت الراهن هناك مبادرات محدودة في وضع خطوط إرشادية للتنظيمات التي تحدد توزيع أصول شركات التكافل في المنطقة. وهذه التحركات من شأنها أن تضع الشركات الخليجية جنباً إلى جنب مع الأسواق الأكثر تطوراً مثل السوق الماليزية التي تتبنى نموذجاً ذا مخاطر أقل يميل إلى الأصول محددة الدخل، والنقد، والإيداعات النقدية.
وفي دول الخليج تكون خيارات الاستثمار محدودة أمام شركات التكافل؛ نظراً للافتقار إلى سوق متطورة ذات دخل محدد، وصكوك طويلة الأجل عالية التصنيف.
وفي المقارنة وجد أن السوق الماليزية - ثاني أكبر أسواق التكافل عالمياً بعد السعودية - لديها العديد من الأدوات المتوافقة مع الشريعة، وبصفة خاصة الصكوك التي تقدم ماليزيا نحو نصف الإصدارات العالمية منها. وقد تضاعف إصدار دول الخليج من الصكوك في 2009 عن إصدارات 2007 ليصل إلى 23 في المائة، ولتبقى النسبة ثابتة خلال العام الماضي. إلا أنها لا تمثل إلا ما يوازي نصف حجم الإصدارات الماليزية طبقاً لما أورده تقرير إرنست آند يونغ.
ويشير إلى أن شركات التكافل الخليجية خطت خطوات نحو منطقة الأمان بعد الأزمة العالمية، وهو ما تحلى بانخفاض حجم الأصول العقارية والأسهم العادية من 77.1 في المائة في 2008 إلى 59.4 في المائة في 2009. ولا تتجاوز تلك النسبة 32.1 في المائة في ماليزيا. ويوضح التقرير أن أحداً لا يدعو شركات التكافل لتجنب تلك الأصول، إلا أن الخبراء يشددون على ضرورة التنوع في أنماط الاستثمارات.
ويقول عظيم ميثاني - الرئيس التنفيذي لشركة تكافل Prudential BSN في ماليزيا - إن الهدف الأول لاستراتيجيات الاستثمار في صناديق التكافل هو التأكد من كونها آمنة بحيث يمكنها دفع التزاماتها في الوقت المحدد لها. وحين تكون الشركة قادرة على الوفاء بالتزاماتها يمكنها الوصول بالعائدات إلى الحد الأقصى، كما يمكنها أن تختار فرص استثمار عالية المخاطر.
ولكن شركات التكافل تختلف في توجهها نحو الاستثمارات عالية المخاطر؛ ومن جانبه يوضح زين الدين إسحاق - الرئيس التنفيذي لشركة تكافل HSBC أمانة - أن الأصول العقارية والسلع ليست من أولويات الشركة؛ نظراً للقيود التي تتعلق بالسيولة وحجم التعاملات ومدى ثباتها. ومن ثم فهي لا تعد خياراً مناسباً في الوقت الراهن على حد قوله، إلا أن الشركة تسمح في الوقت ذاته بوجود نسبة محدودة (أقل من 5 في المائة) من الاستثمارات البديلة. وتشمل تلك الاستثمارات السلع وصناديق التحوط وغيرهما من الاستثمارات التي لا تندرج تحت الأصول التقليدية كالعقارات والدخل المحدد والإيداعات النقدية. أما استراتيجية الاستثمار في شركة Re للتكافل في دبي، فإنها تترك مجالاً للاستثمار في أصول بديلة للوصول بالعائدات للحد الأقصى وخفض المخاطر إلى حدها الأدنى بحسب تصريحات شكيب أبو زيد الرئيس التنفيذي للشركة.
وعلى الجانب الآخر يلاحظ أن استراتيجية صناديق واضعي السياسات تبدو محافظة إلى حد كبير، حيث تعد بمنزلة خط أحمر لا تتخذ معه أي مخاطر على حد تعبير أبو زيد.
ويتم الاستثمار في هذا الصندوق بشكل كامل في الودائع قصيرة الأجل، كما لا تزيد فترة الاستحقاق على خمسة أعوام.
وعلى الرغم من أن الشركة تستثمر في الأسهم العادية، إلا أن أبو زيد يرى أن تلك الاستثمارات مثيرة للجدل بسبب نسبة عدم ثباتها المرتفعة، وقابليتها للخسائر الكبيرة، ويرى أن سقف الاستثمار في تلك الأصول يجب أن يتم تحديده لمستوى مقبول كأن يتراوح بين 20 - 25 في المائة بحيث لا تتعداه أي شركة.
أما شركة PruBSN فلديها خطط للاستثمار في تلك الأصول للعملاء الراغبين في التعرض لمخاطر عالية سعياً وراء عائدات أكبر. وتمثل الأسهم العادية نحو 80 في المائة من حجم تلك الصناديق كما يؤكد ميثاني. وعلى الرغم من أن شركة تكافل HSBC ليست لديها حصة لأصول الأسهم، إلا أن زين الدين يؤكد أن الشركة يجب عليها أن تتعرض لهذا النوع من الأصول طالما توافرت مصلحة المشاركين في الحصول على عائدات أكبر. وتقوم الشركة باستثمار 85 في المائة في السندات الحكومية المحلية، وسندات الدين الخاص ذات تصنيف محلي AAA. أما بقية الاستثمارات فتتم في إيداعات سوق المال، وذلك في ظل غياب فرص الاستثمار المناسبة اللازمة لمواجهة التدفق النقدي التشغيلي.
ويرى جيرت بوسويت – المسؤول في شركة دار الاستثمار في دبي - أنه إذا اتخذت شركات التكافل قرارها بالاستثمار في أصول أكثر مخاطرة، فإنه يجب عليها أن توسع من أفقها وتكون أكثر ابتكارية، لا سيما أن أدوات الدخل المحدد المتوافقة مع الشريعة لا تغطي احتياجات تلك الشركات. وهناك المزيد من الأصول البديلة التي تعد بطبيعتها متوافقة مع الشريعة، ويمكن لشركات التكافل أن توظفها بشكل يفي باحتياجاتها.
ومن جانبه، يقول سهيل جعفر – الشريك في Group FWU بلكسمبورج - إن شركته تفضل صناديق التأجير كجزء من استراتيجية تتبناها الشركة وتهدف لتقليل المخاطر. وتوفر تلك الصناديق مصدراً ثابتاً للدخل؛ نظراً لأنها تتعامل مع التدفقات المالية المرتبطة بالعقارات التجارية، والملاحة، والطيران، وتأجير السيارات وغيرها. ويشير بوسويت إلى أن الاستثمار طويل الأجل في عقود إيجار حاويات الشحن ومعدات الطاقة الشمسية تعد من المجالات التي يجب أن يوليها اللاعبون في سوق التكافل اهتماماً أكبر. وهي أصول متوافقة مع الشريعة، ويمكنها أن تحقق تدفقات مالية طويلة الأجل، كما أنها أقل ارتباطاً بالأصول الأخرى، ومن ثم فإنها تقدم تنوعاً أكبر. وبالمجمل فإن هناك العديد من فئات الأصول الجديدة التي تحتاج إلى المزيد من الابتكار والتعاون بين الشركات لتحقيق التغيير المنشود في تلك الصناعة.