الجمعة, 23 مايو 2025 | 25 ذو القَعْدةِ 1446


بعد حظر الأكشاك الفوضوية .. اختفاء الباعة الجائلين من شوارع تونس

كانوا يبيعون الملابس والعطور وحتى النقانق المحمرة. لكن الباعة الجائلين الذين غمروا شوارع تونس بعد الثورة لم يعودوا ينادون على الزبائن لجذبهم إلى أكشاكهم.
وحظرت تونس ما وصفته بالأكشاك الفوضوية في شوارع العاصمة بعد شكاوى من السكان في محاولة لاستعادة الأمن والنظام وجذب السائحين الذين خسرتهم منذ انتفاضة كانون الثاني ( يناير) التي انتهت بخلع الرئيس زين العابدين بن علي.
وكان قيام واحد من هؤلاء الباعة الجائلين -هو محمد بوعزيزي بائع الخضراوات والفاكهة في بلدة سيدي بوزيد- بإشعال النار في نفسه قد فجر اضطرابات أشعلت بدورها الربيع العربي.
والآن مع قرب إجراء الانتخابات بعد ستة أسابيع والغموض بشأن التوجه الجديد للبلاد يرى كثير من التونسيين الجدل بشأن الأكشاك المنتشرة على الأرصفة رمزا لمخاوفهم المتضاربة. فهم يشعرون بأنهم محاصرون بين المخاوف من تدهور الأمن والنظام والرغبة في الحفاظ على حرياتهم الوليدة.
وقالت وزارة الداخلية التونسية الأسبوع الماضي إنها شنت حملة على الأكشاك التي تملا أرصفة الشوارع والأزقة وحتى أرصفة خطوط الترام.
وقال أحمد علي سائق إحدى سيارات الأجرة : إنها مثل سوق قذرة في الهواء الطلق. الناس يصيحون على بضائعهم دون توقف ويتركون مخلفاتهم وراءهم . إنهم يبيعون حتى النقانق المحمرة في الشارع كيف تتوقع أن تكون صورتنا في أعين السائحين؟ هذه فوضى تامة. تونس في حاجة إلى أن تكون نظيفة.
وتحت حكم بن علي المستبد كان الباعة الجائلون محصورين في منطقة محددة وغالبا ما يتعرضون لمضايقات الشرطة. لكن بعد انهيار نظامه وفراره إلى السعودية في 14 كانون الثاني ( يناير) ازدادت أعدادهم بكثرة مع تركهم لحالهم.
وتختلط نداءات البائعين على بضائعم التي غالبا ما تكون مقلدة ورخيصة الثمن بأصوات أبواق السيارات مع تكدس أكوام القمامة في شوارع العاصمة في نهاية كل يوم.
وقالت وزارة الداخلية إن مثل هذه المشاهد أكسبت تونس سمعة سيئة وأضافت أنها قامت بحملتها أيضا لأسباب أمنية وسط ارتفاع نسبة حوادث السرقة وأعمال العنف. وهددت الوزارة كل من يخالف الحظر بمصادرة بضاعته وتغريمه وحتى سجنه.
وعززت الشرطة في الأيام القليلة الماضية تواجدها في شوارع تونس العاصمة وخاصة شارع الحبيب بورقيبة أكبر شوارع العاصمة حيث لا تزال القوات والأسلاك الشائكة موجودة بعد تسعة أشهر على الثورة.
وقالت سامية هلال وهي تتجول في الشارع مع ابنتها الصغيرة : أخيرا نستطيع السير في شارع الحبيب بورقيبة بهدوء. ببساطة كان الوضع قبل ذلك لا يطاق.
ولم تعلن السلطات المؤقتة في تونس حتى الآن عن مكان بديل للباعة الجائلين لكن العديد من الصحف المحلية أشارت إلى إمكانية منحهم أماكن في مجمع خال على مشارف العاصمة.
ومن دون مكان للعمل فإن الباعة الجائلين الذين يعتمدون على مكان مجاني لبيع بضائعهم يرون أن كسب قوت يومهم سيكون أمرا صعبا.
وقال رجل اعتاد بيع الملابس على عربة يد في شارع قريب من شارع الحبيب بورقيبة متسائلا : هل تريد الحكومة منا أن نضطر للسرقة الآن لأننا لا نستطيع العمل بأي شكل.
وأضاف : نريدهم أن يمنحونا مكانا للعمل. لدي أسرة من خمسة أفراد كيف أوفر لهم طعامهم؟
وهناك نحو 700 ألف شخص عاطل في تونس أي نحو 16 في المائة من قوة العمل. وطبقا لما قاله رئيس الحكومة فإن البطالة بين الخريجين تبلغ الآن 30 في المائة لكنها لا تمثل مشكلة بالنسبة له ويتوقع القدرة على حلها في أي وقت.

الأكثر قراءة