التكنيك في كرة القدم

التكنيك والتكتيك كلمتان توأمتان متتابعتان لا تذكر واحدة إلا وتذكر الثانية ملازمة لها، والكثيرون يخلطون بين هاتين الكلمتين، وربما هناك أشخاص كثيرون لا يعرفون الفرق بين الكلمتين. وهنا نوضح المعنى والمفهوم العام والخاص للتكنيك أولاً لعدم معرفة الكثيرين بمعناها ومضمونها، بمن في ذلك كثير من اللاعبين والمدربين، وثانياً لأهمية الإلمام بهذه المفاهيم والعمل بها؛ لذلك سنغوص في عدة تعريفات عن التكنيك، منها: التكنيك هو التطبيق المنطقي والاقتصادي والميكانيكي لتنفيذ أي حركة رياضية بشكل عام، إلا أن هذا لا يعني أن يؤدى التكنيك بالقيم نفسها المتحصلة من التحليل الحركي لكل اللاعبين، وذلك بسبب الفروق الفردية من النواحي المورفولوجية والفسيولوجية والبدنية فيما بينهم؛ لهذا نرى أن لكل لاعب أسلوبا خاصا به في تطبيق التكنيك؛ وعليه يجب الانتباه هنا لأمر بالغ الأهميته وهو: لا يجوز استخدام الأسلوب نفسه من قبل لاعب آخر لأنه قد لا يحقق النتائج نفسها. وهنالك تعريف آخر بأنه عملية بيوميكانيكية لحل واجب حركي. ويعرفه آخرون بأنه عبارة عن مجموع المهارات الحركية الخاصة بكرة القدم أو أي مسابقة رياضية معينة؛ أي أنه بالمعنى الدقيق كل من الصورة المثالية لمهارة حركية معينة والطريقة الفاعلة لتنفيذ مهمة حركية. وتم تعريفه بأنه طريقة مجردة لأحسن إمكانية لحل وظيفة حركية، وهذه الطريقة يجب أن تكون اقتصادية ووافية الغرض للوصول بالمهارة الرياضية إلى أعلى مستوى ممكن في حدود اللوائح والقوانين المنظمة لتلك المهارة.
وهذا أمر تم التوصل إليه بفضل التحليل الحركي، والتحليل الحركي هو كونه يهتم بالسلوك الحركي للإنسان وتقويم أدائه، وقد عرّفه بعض الباحثين بأنه العلم الذي يقوم بتطبيق القوانين الميكانيكية على سير الحركات الرياضية تحت شروط بيولوجية. والتحليل الحركي هو الصورة المستقبلية لعالم الرياضة، وهو أحد أهم الأسباب في تحقيق الإعجاز للمستويات العليا، وعليه ولأجل الوصول إليه، يجب علينا فهم هذا العلم وكيفية التناغم معه، فعلى الرغم من كونه يجعلنا نتعامل مع قوانين ميكانيكية ثابتة إلا أننا يجب أن نتنبه إلى حقيقة أخرى، هي أن الإنسان كجسم يختلف عن الآلة في حركته من حيث تكوينه التشريحي، وحدوده وإمكاناته من حيث تركيبه الفسيولوجي وقدراته وطاقاته، والتكنيك يعتمد على مهارات اللاعب وحضوره في الملعب وتطبيقه تعليمات المدرب واللعب الجماعي، خاصة أن هناك علاقة كبيرة بين البنية الجسدية للاعب وإمكاناته وهناك رابط كبير بين جسد اللاعب وإمكاناته، هذه الإمكانات يسخرها اللاعب في تحركات معينة هذه التحركات المعينة هي تكنيك اللاعب. ومن هنا يتضح التكنيك؛ فهو من اللاعب ويعود إلى ميكانيكية الحركة لتنفيذها بنجاح، مع الأخذ في الاعتبار تطوير التدريب الفني بحس تكتيكي لاتخاذ القرار، ومن القواعد الأساسية لأي أداء تكنيكي يجب أن يتم الإلمام بمحتوي المهارات الحركية وجوانبها الفنية ومعرفة أسسها الحركية، وذلك يمثل المداخل العلمية لنجاح العمل في كرة القدم.
وللتكنيك أهمية قصوى؛ حيث إنه يلعب دوراً مهماً في عملية تعليم وتدريب كرة القدم، كونه يمثل الأداء الصحيح والدقيق للمهارة، وتظهر أهميته في قابلية اللاعب للتصرف في مواقف معينة والاستفادة من هذه القابلية والإمكانات البدنية والذهنية والنفسية والحركية، والاستفادة من ظروف الأداء والإمكانات التكتيكية لتحقيق الإنجاز في مجال كرة القدم. وللتكنيك الرياضي شروط معينة تتعلق باكتساب المهارات الرياضية، مثل: عمليات استقبال واستيعاب المعلومات - تكيف أجهزة الجسم (الجهاز الدوري والجهاز التنفسي والجهاز العصبي) - تكوين البرنامج الحركي الذهني - التحكم الذاتي الإدراكي - القدرات البدنية والتوافقية - الصفات النفسية كالإرادة، التصميم - الشجاعة - الثقة بالنفس - الدوافع الخاصة بالتعلم التي تحدد سرعة ونوعية عملية التعلم الحركي - الاستعداد والتحضير النفسي - الخلق والإبداع عند التعرض لمواقف جديدة - تركيز الانتباه - كل الأمور ذات العلاقة باللعب، ومن الأشياء التي يجب أن يتدرب عليها اللاعب مع المدرب ومن دون المدرب هي كيفية تأدية مناولات تسليم وتسلم الكرة من وضعيات مختلفة - كيفية إخماد الكرة والتخلص من الخصم - كيفية السيطرة على الكرة وعمل الخداع والمراوغة ضد الخصم - كيفية ملازمة الخصم وقطع الكرات من وضعيات ثابتة ومتغيرة - كيفية القيام بالتهديف على المرمي من وضعيات مختلفة ثابتة ومتغيرة، وهنالك أمثلة كثيرة للتكنيك الخاص باللاعب، وفي هذا يختلف كل لاعب عن لاعب آخر.
ونقدم بعض أنواع التكنيك لمزيد من التوضيح؛ فنبدأ بتكنيك الدوران، وهذا التكنيك يناسب لاعبا ذا جسم مرن يمارسه للحفاظ على الكرة أو لتوجيه نظر خصمه لجهة مختلفة إذا وجد الجهة التي يقع عليها نظره مغلقة، وهناك من يلتف عليه فيدور بجسده ليحافظ على الكرة وعندما يلمح الجهة الأخرى يبحث عمن يمرر له. هذا التكنيك لا يجيده الكثيرون لأنه يحتاج للاعب فنان يحرك جسده بالطريقة السليمة ويتحكم في الكرة دون النظر إليها لأنه عند دورانه يجب أن يمرر أو ينطلق أو ربما يهدف في المرمي؛ مما يحتم عليه أن يكون كاشفا للملعب، ويلجأ لهذا التكنيك اللاعبون أصحاب القامات المتوسطة أو الضعيفة أو القصيرة؛ فيستطيع بهذا الدوران أن يحافظ على الكرة ويساعد ذلك على كشف كل أماكن الملعب، خاصة حينما تكون المساحات مغلقة. ويعد ميسي أفضل لاعب في العالم في هذا التكنيك حيث يستغل جسمه الضئيل في الدوران الدائم بخفة ورشاقة للحفاظ على الكرة، خاصة أن هذا التكنيك كما قلنا يعتمد على مدى مرونة الجسم والتركيز العالي، وهو لا يستطيع الاستغناء عن هذا التكنيك، خاصة أن ضربته القاضية وهي تسديداته الرائعة التي يطلقها أثناء ركضه بعرض الملعب تبدأ بدوران منه بعد أن لا يجد منافذ الدخول إلى المنطقة المغلقة، فيدور ويركض بطول وعرض الملعب ثم يسدد. وهنالك أنواع أخرى من التكنيك مثل تكنيك رجل لرجل، فهذا التكنيك يمارسه كثير من اللاعبين ولكن يجب أن نصحح مفهومه فهو ليس مجرد الاندفاع نحو اللاعب لقطع الكرة، بل تكنيك رجل لرجل هو قطع الكرة من الخصم أو على الأقل إجباره على إعادتها للخلف وليس مجرد الاندفاع نحوه أو الوقوف أمامه. ونجد هنالك نموذجا آخر للتكنيك ألا وهو تكنيك حارس المرمي، حيث إن حارس المرمي يتميز ببعض المهام التي تختلف عن بقية أعضاء المجموعة أو الفريق، لذلك فله تكنيكه الخاص الذي يختلف كليا عن بقية اللاعبين. وينقسم تكنيك الحارس إلى عدة حالات، ومن أهم هذه الحالات تكنيك الارتماء الذي يمرّن عليه طوال الموسم الكروي وبطريقة تعليمية وتطبيقية حسب نضج حارس المرمى، لكن تختلف سرعة الأداء أثناء التمرين وفق مراحل اللعب المختلفة، ويحتاج هذا النوع من أنواع التكنيك إلى طريقة إمساك الكرة بالطريقة الصحيحة مع استخدام الكفيّن بشكل خاص عند المسك أي كف خلف الكرة والآخرى فوق الكرة ليكون المسك بطريقة سليمة وتكون الكرة في قبضة اليد، ويحتاج الحارس إلى تركيز عال وسرعة ردة فعل، إضافة إلى التنقل الجانبي السريع في بعض الحالات وخاصة إذا كانت الكرة بعيدة عن الحارس. ومن الأمور المهمة التي تؤدي إلى نجاح هذه العملية وضع شكل الجسم أثناء الإمساك بالكرة، إذ يجب أن يمسك الكرة في وقت مبكر ويكون الإمساك بها أمام الجسم.
من هذا المنطلق نشعر بأهمية التكنيك، وبالتالي على مدربينا في الوطن العربي إعطاء أهمية خاصة لتدريبات التكنيك، وهذا النوع من أنواع التدريبات يتم التدريب عليه بشكل فردي أو جماعي، ويتم التركيز على العناصر التكنيكية بشكل خاص جداً، ويكون التركيز على تمارين التكنيك والنصائح التي تؤدي إلى نجح هذه العملية التدريبية المهمة جداً في عالم كرة القدم، ولا يستثنى أي لاعب من هذه التمارين مهما كان عمره ومستواه، وتعد تمارين التكنيك من أهم التمارين الكروية لأنها تثبت المهارة الخاصة عند اللاعب وتصبح إضافة له بجانب المهارات الأخرى المكتسبة من خلال التدريبات العامة. وعلى المدربين عدم محاولة تغيير التكنيك الخاص باللاعب طالما أنه يؤدي الغرض، بل عليه تثبيته عن طريق التدريب عليه مراراً.
وفي مقال آخر سنتحدث عن التكتيك بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي