الهيكل الرقابي دعامة رئيسة لصناعة المصرفية الإسلامية
أكد مختص في الرقابة الشرعية أن الهيكل الرقابي لصناعة المال الإسلامية هو إحدى دعائمها الرئيسة، وتزداد أهميته مع نمو وانتشار هذه الصناعة وضرورة المحافظة على ميزتها الأساسية، وهي الالتزام بالضوابط الشرعية، مضيفا أن هناك جوانب عدة يتضمنها الهيكل الرقابي، بعضها داخلي يجب تطويره داخل المؤسسة، وآخر خارجي يتعلق بالقوانين المنظمة من جهة، ومن جهة أخرى يتعلق بعملاء هذه الصناعة وما يمكن أن يسهموا به في تعزيز الرقابة. جاء ذلك في إطار التحضير للمؤتمر العالمي السنوي السابع لصناديق الاستثمار والأسواق المالية الإسلامية في البحرين، حيث يناقش مختصون عالميون في الاقتصاد الإسلامي التحديات التي تواجه الأسواق المالية الإسلامية.
وقال ياسر دهلوي، المدير التنفيذي لشركة دار المراجعة الشرعية في جدة لـ''الاقتصادية''، الذي يشارك خلال جلسات اليوم الثاني للمؤتمر، عن دور الهيئات الشرعية في تعزيز تدويل سوق الاستثمارات الإسلامية في البحرين: إن التطوير المنشود على صعيد المؤسسات العاملة في الصناعة المالية الإسلامية يتطلب وجود نظام رقابة داخلي فاعل، مكوناته الأساسية هي الهيئة الشرعية ووظيفة التدقيق الشرعي الداخلي، وقد تختلف الطريقة التي تختارها أي مؤسسة للقيام بأعمال التدقيق الشرعي الداخلي، وهذه أمور تنظيمية تترك للمؤسسة، لكن المهم هو أن تكون هذه الوظيفة المهمة موجودة وفاعلة، وقال: إن نظام الرقابة لا يقتصر على ذلك فقط، بل يتضمن كذلك عناصر مهمة أخرى مثل وجود إجراءات وأنظمة عمل واضحة ومحددة تأخذ في اعتبارها الضوابط الشرعية، وأدلة المراجعة الشرعية للمنتجات، إضافة إلى تطوير وتدريب الكوادر البشرية العاملة في هذه القطاعات.
#2#
وعن التدقيق الخارجي قال دهلوي: إن وجود تشريعات رقابية على الصناعة المالية الإسلامية من شأنه أن يدعم هيكل الرقابة عليها وهو جانب في حاجة إلى تطوير، ويمثل تفعيل وظيفة التدقيق الشرعية الخارجي خطوة مهمة في هذا الاتجاه، أما عن دور عملاء الصناعة المالية الإسلامية في تعزيز وظيفة الرقابة الشرعية فمهم جدا؛ لأنهم طرف في هذه المعاملات، وعليه يجب العمل على رفع درجة الوعي بالضوابط الشرعية والتطبيق الصحيح للمنتجات التي تقدمها هذه الصناعة.
وحول الجهات المخولة والمقترحة للقيام بأعمال تطوير الهياكل الرقابية، أكد دهلوي، أن الدور يقع على قطاع الأعمال أو المؤسسات العاملة في هذه الصناعة ودور آخر للجهات التشريعية والرقابية، ولا بد من التعاون والتنسيق بين هذه الجهات للتطوير بما يخدم الصناعة. وأضاف: إن هناك مؤسسات لديها أنظمة ضبط ورقابة داخلية قوية على جميع أعمالها ومعاملاتها واهتمت بتطوير وظائف الرقابة الشرعية لديها، بينما قد نجد خلاف ذلك في مؤسسات أخرى، وهي بالتالي تعرض نفسها لمخاطر عدم الالتزام، أما عن الرقابة الشرعية الخارجية فهي أمر مطلوب وحيوي لتطوير ودعم هيكل الرقابة الشرعية، وهي غير موجودة حتى الآن.
وعن دور هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية والمجامع الفقهية وغيرها في تكوين جهاز للرقابة الخارجية أشار دهلوي إلى أن كل جهة من هذه الجهات لها دور، لكن ليس لها دور رقابي، وهو أمر منطقي لاختلاف الأنظمة والقوانين في كل دولة، لكن الاستفادة منها تكون في جعلها مرجعية للصناعة، ويكون ذلك بموجب النظام في كل دولة.
وفي ظل عالم المنافسة والتكتل والتطور التقني والاستثماري الذي يفرض مواكبة التطور وتعزيز هياكل الرقابة، توقع دهلوي الازدهار لهذه الصناعة مع ضرورة التركيز على التطوير في جوانبها كافة، مثل جانب المنتجات والخدمات والرقابة الشرعية وغيرها وإحداث التغيرات اللازمة للمضي قدما، كما يرى أن العامل الأهم لدعم التطوير هو أن تقدم الصناعة المالية الإسلامية دائما حلولا مبتكرة لعملائها.
وعلى صعيد المؤتمر، أكد دهلوي، أنه يكتسب أهمية في ظل الرغبة في انتشار صناعة المال الإسلامية، مؤكدا ضرورة الاهتمام بتطوير الهيكل الرقابي لصناعة المال الإسلامية الذي يعد من أهم سمات صناعة المال الإسلامية؛ ليواكب النمو المتوقع والتطور المطلوب، إلى جانب تقديم حلول تطويرية متكاملة قائمة على مقاصد الشرعية الإسلامية.
ويهدف المؤتمر الذي سينعقد في الـ26 من أيلول (سبتمبر) الجاري تحت شعار ''تحقيق مكانة دولية رائدة وإنشاء أسواق مالية إسلامية حيوية، وإعادة تنشيط قطاع الاستثمارات الإسلامية''، إلى تحديد مجالات جديدة لنمو الصناعة وتقديم النماذج المميزة التي تطبق الواقع الاقتصادي الجديد في سوق الاستثمار المتوافق مع الشريعة الإسلامية، وتناقش الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، الذي يشارك فيه 400 خبير دولي وعلماء دين متخصصون في الاقتصاد الإسلامي، تمكين النمو من خلال إنشاء أسواق عميقة وحيوية في الاستثمار الإسلامي.
كما يستعرض المجتمعون استراتيجيات إعادة تحفيز النمو في الأسواق المالية الإسلامية، إضافة إلى التوقعات الاقتصادية العالمية والإقليمية وتقييم تأثيرها في الصناديق الإسلامية، كما ستطرح شركة إيرنست يونج تقريرها السنوي حول صناديق الاستثمار الإسلامية لعام 2011.
واكتسب قطاع صناديق الاستثمار والاستثمارات الإسلامية، بعد عودة ثقة المستثمرين بالأسواق العالمية، زخما كبيرا على الصعيد الدولي في ظل تزايد عدد الجهات المصدرة والمستثمرين الدوليين الذين يسعون وراء الأدوات المالية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية باعتبارها بديلا جذابا لزيادة رأس المال، وتنويع محافظهم الاستثمارية، ومع تزايد وتيرة عملية العولمة في قطاع صناديق الاستثمار والاستثمارات الإسلامية، فمن الضروري أن تتم الاستفادة من الفرص الجديدة والمغرية في بقاع جديدة من العالم، من أجل تحقيق نمو عالمي مستدام لقطاع الاستثمارات الإسلامية.
وعلى الصعيد نفسه، قال ديفيد ماكلين، المدير الإداري للمؤتمر العالمي لصناديق الاستثمار والأسواق المالية الإسلامية: إنه في ظل تزايد التكامل الدولي الذي يشهده قطاع التمويل الإسلامي، تسهم التدفقات الاستثمارية المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية عبر الحدود في زيادة كفاءة تعبئة وتخصيص صناديق الاستثمار في مختلف المناطق، وتعزيز الروابط المالية والاقتصادية في مختلف بقاع العالم، مضيفا أنه مما لا شك فيه أن هذه الاتجاهات أسهمت في دعم وتعزيز انتعاش ونمو سوق صناديق الاستثمار والاستثمارات الإسلامية العالمية، ومن الضرورة بمكان تعزيز الزخم الذي اكتسبه قطاع صناديق الاستثمار والاستثمارات الإسلامية أخيرا في فترة ما بعد الأزمة من أجل إعادة هذا القطاع إلى مسار النمو المرتفع وتحقيق الكتلة الحرجة على الصعيد العالمي.
ويناقش المؤتمر المبادرات التنظيمية الرئيسة لتعزيز قطاع الاستثمارات الإسلامية، إلى جانب تقييم فرص النمو لصناديق الاستثمار الإسلامية في مناطق حيوية جديدة. وصرح جيرمان بيرجن، رئيس إدارة العمل المعنية بالتمويل الإسلامي في شركة لوكسمبورج للتمويل، بأن مدينة لوكسمبورج ثاني أكبر موطن لصناديق الاستثمار في العالم، وجعلت من نفسها قبلة لصناديق الاستثمار الإسلامية لأكثر من عشر سنوات حتى الآن، وفي آذار (مارس) 2010 أطلقت خدمات أمانة للأوراق المالية في بنك ''إتش إس بي سي'' تقديم خدمات المحاسبة والإيداع والأوراق المالية لصناديق الاستثمار الإسلامية، ويقدم هذا العرض في 16 موقعا مختلفا في جميع أنحاء العالم، وأضاف: إن المؤتمر يعتبر ملتقى مثاليا لتبادل الخبرات والآراء، والأهم من ذلك كله تشجيع مديري الاستثمار من داخل وخارج منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تصدير خبراتهم والانطلاق نحو العالمية.
من جهته، قال عبد الرحمن محمد الباكر، المدير التنفيذي لإدارة الرقابة على المؤسسات المالية في مصرف البحرين المركزي، ''هناك فرص هائلة تلوح أمام قطاع صناديق الاستثمار والاستثمارات الإسلامية في ظل إقبال المستثمرين على البحث عن قنوات استثمارية، وفئات أصول جديدة بغية تنويع المخاطر، وزيادة العائدات بصورة كبيرة''، وأضاف: ''من أجل الاستفادة من هذه الفرص، فمن الضروري أن يخضع هذا القطاع لعملية تحديث مبتكرة من حيث تقديم فئات أصول جديدة، وإدخال تحسينات على توحيد أحكام الشريعة الإسلامية المستخدمة في هذا القطاع على مستوى العالم، وتطوير منتجات وهياكل جديدة''.
وأكد الباكر ضرورة زيادة تبادل المهارات الفنية والخبرات في مجال تطوير الأسواق المالية الإسلامية، والبنية التحتية، بما في ذلك تنسيق الترتيبات التنظيمية، وذلك مع تزايد تحديات إدارة صناديق الاستثمار والاستثمارات في العديد من المواقع الجغرافية والمناطق، وقال: ''سيكون المؤتمر منبرا مثاليا يتيح لهذا القطاع مواجهة تلك التحديات المهمة''.
ومن أبرز الملامح الرئيسة للمؤتمر، عقد جلسة حصرية للرؤساء التنفيذيين وقادة الصناعة، يشارك فيها لفيف من الرؤساء التنفيذيين وقادة الصناعة على مستوى العالم، حيث يشارك في هذه الجلسة أوسكار سيلفا، الرئيس التنفيذي للمصرف العالمي جي بي كورب، ومعين الدين معلم الرئيس التنفيذي لبنك المشرق الإسلامي، وجيرت بوسويت الرئيس التنفيذي لـ''دار الاستثمار''، والدكتور صلاح الدين عبد القادر سعيد، المدير العام لإدارة الائتمان والمخاطر في بنك البحرين الإسلامي؛ بهدف تحليل ومناقشة الاستراتيجيات الجديدة لإعادة تحفيز النمو في الأسواق المالية الإسلامية، كما تهدف الجلسة أيضا إلى تقييم عملية تدويل سوق الاستثمارات الإسلامية، فضلا عن مناقشة التحديات الرئيسة لمواءمة استراتيجيات الأعمال مع الوقائع الاقتصادية الجديدة.