تلاميذ غزة يدرسون في قاعات مصنوعة من الصفيح ونوافذها من الأسلاك
تحلم هالة بدولة فلسطينية تؤمن لها التعلم في مدرسة مبنية بالأسمنت والطوب وترفع ''علم بلدنا'' في قطاع غزة بدلا من غرفة مصنوعة من الصفيح.
وفي قاعة مصنوعة من الصفيح ونوافذها من الأسلاك وتفتقر للتهوية تجلس هالة (14 عاما) مع أكثر من أربعين تلميذة على كراسي خشبية قديمة. وتقول ''أشعر أنني في فرن ..لا نقدر على التفكير أو التعلم في الصف''.
وتضيف أن كل ما يشغلها هو ''متى تنتهي الحصة الدراسية''. وتؤكد هذه الفتاة التي تدرس في مدرسة ''الرمال الإعدادية لبنات اللاجئين'' التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في حي الرمال الراقي غربي مدينة غزة ''حلمي دولة لفلسطين تبنى فيها مدارس لنا من الأسمنت والطوب ونرفع عليها علم بلادنا''.
وتقف هداية الوحيدي مديرة المدرسة التي صنفت ''المدرسة المميزة الأولى'' من بين مدارس الأنروا في قطاع غزة، عاجزة عن تقديم أي مساعدة لتلميذاتها في غرف الصفيح وهي تجول بهدوء بين مقاعد الدراسة.
وتتساءل الوحيدي ''ماذا نفعل؟'' في ظل عدم وجود تهوية أو نوافذ أو إضاءة والازدحام غير العادي في مقاعد صفوف الصفيح؟ وتضيف ''لا يمكن تخيل الوضع حال انقطاع التيار الكهربائي المتكرر''.
وتضيف المدرسة أنها غرف ''لا تصلح حتى للحيوانات (...) لا تليق بالبشر وتسبب السرطانات''، مشيرة أيضا إلى ''التأثير النفسي المدمر وصعوبة التحصيل العلمي'' لهذا الوضع.
ويؤكد الناطق باسم الأونروا عدنان أبو حسنة أن الدراسة في غرف الصفيح هذه ''غير مناسبة وتؤثر سلبا في تحصيل التلاميذ ووضعهم النفسي''.
ويضيف ''لكننا مضطرون لهذا ونحاول التغلب عليها بتوفير دعم نفسي وأماكن تهوية وتغطية'' الغرف، بينما اضطرت إدارة المدرسة لقطع أشجار كانت زرعت أثناء إنشاء المدرسة قبل خمسين عاما، لوضع حاويات الصفيح.
ويوضح أن الأونروا وضعت منذ بدء العام الدراسي الجديد في أيلول(سبتمبر) الجاري ستين غرفة من الصفيح في عدد من مدارسها لتغطية ''النقص الحاد'' في المدارس. ويقول أبو حسنة إن عدد التلاميذ في مدارس الأونروا بلغ هذا العام ''220 ألف طالب بزيادة أكثر من تسعة آلاف عن العام الماضي''، مؤكدا أن الوكالة بحاجة إلى بناء 150 مدرسة إلى جانب ''240 مدرسة'' تابعة لها في غزة.
ويعزو أبو حسنة هذا الوضع إلى ''الحصار وعدم إدخال إسرائيل مواد بناء إلى غزة''، مؤكدا أن لدى الأونروا ''خططا لبناء مائة مدرسة لإنهاء الأزمة وانتهاء العمل بنظام الفترتين وعشرة آلاف وحدة سكنية في القطاع في العامين القادمين''.
من جهتها، تعتقد الوحيدي أن الحل المؤقت ''ممكن بإدخال إسرائيل غرفا أسمنتية جاهزة كالتي تستخدم في إسرائيل، وبالتالي لا حاجة ملحة لإدخال مواد الإسمنت بدلا من غرف الصفيح المدمرة''. وهذا ما يؤكده تقرير أعده مركز الميزان لحقوق الإنسان شدد على أن الحصار الإسرائيلي يشكل ''العائق الأكبر'' للتعليم في قطاع غزة، ما أدى إلى ''عجز كبير'' في المباني المدرسية.
وأوضح التقرير أن عدد المدارس في القطاع بلغ 677 مدرسة وعدد الطلاب فيها 465 ألف طالب وطالبة.
وأضاف أن وزارة التربية والتعليم التي تديرها حكومة حماس تحتاج لإقامة 130 مدرسة ''بشكل عاجل'' في حين تحتاج الأونروا لبناء 119 مدرسة للقضاء على نظام الفترتين، الذي يصل إلى 79 في المائة من المدارس. وأوضح أبو حسنة أن الحاويات أو غرف الصفيح ''حل مؤقت ونأمل إنهاء الأزمة ببناء فصول جديدة خلال عام''.
وتؤكد هبة الأشرم (14 عاما)، التي تدرس في غرفة من الصفيح في مدرسة في بيت لاهيا شمالي القطاع أن ''هذا الصف لا يصلح للدجاج''. وتضيف وهي تتصبب عرقا بسبب درجة الحرارة المرتفعة داخل فصلها الدراسي ''حرام عليهم، لا نستطيع الجلوس فكيف سنستوعب الدراسة''.
وتعاني هذه الفتاة متاعب مرض جلدي بسبب الحر والرطوبة، كما تقول. وتعبر عن أمنيتها بأن يصوت أعضاء مجلس الأمن لمنح الفلسطينيين دولة ''ووقتها سنقيم مدارسنا على الطراز العالمي الحديث''، مؤكدة أن ''حلمي أن أعيش في دولة تعترف بها كل الدنيا''.
وتستدرك الفتاة أن ''إسرائيل لن تسمح وأمريكا ستصوت بالفيتو لكن الحق لا يضيع''.
أما سهيلة زميلة هالة فتقول ''أشعر بأنني في صندوق صفيح يغلي مثل قنبلة ذرية ستنفجر، أملنا في الأمم المتحدة أن توافق على دولة لنا.. كفى معاناة''.
وتشاطرها مادلين أبو سيف (15 عاما) التلميذة في الصف العاشر أن خطوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب الاعتراف بعضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة ''عظيمة''، مؤكدة أن ''فلسطين تبقى دائما موجودة وأتمنى أن تصبح دولة حقيقية فورا وتنتهي معاناة الشعب الفلسطيني''.
وكانت إسرائيل قد ''وافقت مبدئيا'' في آذار(مارس) الماضي على دخول مواد البناء لتنفيذ ''مشروعين إسكانيين'' تشرف على إقامتهما الأونروا في جنوب القطاع لإسكان آلاف الفلسطينيين الذين هدمت بيوتهم في عامي 2002 و2003''.