«الفزعة» تحرك الناخبين بدوافع غير القبيلة واندفاع القرى والهجر يعوض عدم إقبال سكان المدن
يظن الكثيرون أن النزعة القبلية هي وحدها التي تحرك الناخبين باتجاه صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية السعودية، في حين أثبتت الدورتان الماضيتان - حيث الأخيرة (الخميس الماضي) ما زالت دروسها ماثلة في الأذهان- أن النزعة القبلية ليست هي المحرك الرئيس بل هي محرك فرعي لإطار أكبر اسمه ''الفزعة'' بأشكالها كافة.
في جولة ميدانية وبسؤال الناس يمكن ملاحظة ذلك، هنالك الكثير ممن انتخب خارج إطار القبيلة، بعضهم قطع مسافات طويلة لانتخاب مرشح من قبيلة أخرى فقط لأن المرشح ومن يدعون لانتخابه هم من الأصدقاء الذين يتجاوز بهم حدود القبيلة إلى ساحات المعرفة الرحيبة والتفاهم التام كما يقول عامر العنيتري الذي انتخب أحد مرشحي قبيلة مجاورة.
كانت الانتخابات الأخيرة (الخميس الماضي) هادئة في المدن لكنها اشتعلت حماسا في المدن الصغيرة والقرى والهجر حيث ''الفزعة'' تأخذ أشكالا أقوى تأثيرا وفرضا اجتماعيا لا يمكن الهروب منه إذ تختصر الفزعة غالبا في الانتماء القبلي لكن عدد من أبناء هذه الانتماءات لم يخفوا تعاطفهم مع مرشحين من الطرف ''الآخر'' ولم يخفوا ميلهم لترشيحهم.
انتخابات هذه الدورة شهدت فتورا لم يكن خافيا طيلة الأشهر الماضية لكن الساعات الأخيرة منها في نهار الخميس عرفت ركضا باتجاه اللحاق بالفرص الأخيرة في هذا المشهد التنافسي مع نسبة إقبال اقتربت من نصف عدد المسجلين طوال الفترة الماضية الذين استفادوا من حقهم في التصويت وصبوا أصواتهم في سبيل دعم مرشحيهم.
يشير عدد من الناخبين وكذلك بعض المرشحين إلى أن الانتخابات البلدية خصوصا في دورتها الثانية كانت إشارة قوية إلى ارتفاع الوعي بثقافة الانتخاب عند الناخب إذ يعطي صوته لمن يستحق وفق ضوابط اجتماعية تدفعها ''الفزعة'' التي غالبا ما تكون في اتجاهها الصحيح حيث البعض يفزع لبرنامج انتخابي يراه مكتملا وواقعيا مثل خالد السالمي، والبعض يفزع لاعتبارات المعرفة بالشخص ونزاهته، فيما آخرون ذهبوا لمرشح لم يعرفوا عنه سوى أنه من أفراد القبيلة.