تفاعل السوق مع برامج التمكين
كشف استطلاع نُشر على صفحات ''الاقتصادية'' يوم الإثنين 28 شوال 1432هـ الموافق 26 أيلول (سبتمبر) 2011م عن تحالف بين مطورين في المنطقة الشرقية من أجل إنشاء وحدات سكنية من نوع الشقق تتوافق مع شروط صندوق التنمية العقارية، بغرض استقطاب مواطني المنطقة الحاصلين على قروض من الصندوق. وفي هذا الخبر دليل على إمكانية سوق الإسكان من التفاعل مع احتياجات المواطنين السكنية وضمن إمكاناتهم المالية متى ما توافرت برامج التمكين وسمحت الاشتراطات والضوابط والتنظيمات بذلك، كما أنه مثال صادق على أهمية برامج التمكين الحكومية في توفير الإسكان الملائم للمواطنين، وكذلك في الدفع بعجلة انتعاش سوق الإسكان ودعم استقراره واستدامته.
إن تحالف عدد من صغار المطورين من أجل توفير رأس المال اللازم لإقامة مشاريع للوحدات السكنية من نوع الشقق للوفاء بحجم الطلب الناتج عن أعداد القروض التي تم منحها للمواطنين في المنطقة الشرقية؛ أصدق دليل على تفاعل السوق السريع والمرن من أجل تقديم نماذج إسكانية تتوافق مع رغبات المواطنين وإمكاناتهم المالية. كما أن فيه مؤشراً على أهمية أن تعتني وزارة الإسكان وبقية الجهات الحكومية المعنية بالإسكان بتشجيع مثل هذا التفاعل والعمل على تنميته ودعمه بالعديد من برامج التمكين لضمان انتعاش سوق الإسكان، ولتمكينه من العمل بفاعلية على توفير الاحتياج الإسكاني الميسر، ولضمان إيجاد بيئة اقتصادية واجتماعية واستثمارية متوازنة تؤدي إلى استدامة السوق واستقراره.
ومن هذا المنطلق يتعين على وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات إعادة صياغة ضوابط تقسيمات الأراضي السكنية واشتراطات بناء الوحدات السكنية، والعمل على إلغاء اشتراط العرض الإلزامي لواجهة قطعة الأرض السكنية على الشارع، وكذلك إلغاء اشتراط ضرورة ارتداد الوحدة السكنية من الجانبين؛ لتمكين المطورين من توفير الوحدات السكنية المصفوفة (بصفتها مساكن مستقلة وصغيرة يمكن أن تقام على أرض بمساحة تقل عن 150 متراً مربعاً). وهو ما يجعلها بديلاً يلائم الأسر السعودية أكثر من الشقق في المباني السكنية المشتركة، لكونها توفر للأسرة الاستقلال الكامل في التملك والاستخدام والعناية والصيانة.
أخيراً أعود وأكرر على أهمية العناية بتوفير مجموعة من برامج الدعم الحكومي المالي والفني والتنظيمي التي تمكن المواطنين من الحصول على المساكن المتوافقة مع خصائصهم الاجتماعية والاقتصادية، والمحققة لرغباتهم وميولهم ومتطلباتهم، والعمل على توفير القنوات اللازمة لانتشارها؛ لتمكين الأسر من امتلاك مساكنهم عوضاً عن بناء مساكن حكومية متشابهة للجميع، خصوصاً أن الدعم الحكومي لبرامج التمكين الإسكاني يعمل على تنشيط السوق وانتعاشه وضمان استدامته واستقراره. كما أن برامج التمكين تجنب الحكومة المشكلات الإدارية والفنية المصاحبة لعمليات بناء المشاريع الإسكانية.