«خدمة» المرور!

روعة المرور ليس لها حل! وصباح السبت كنت، كعادة مواطَنتي، أقود سيارتي لإيصال ابني لمكان دراسته بحي المعذر، والسيارة بالمناسبة جديدة واشتريتها عبر تمويل بنكي سيقصم ظهري لخمسة أعوام قادمة! المهم، بينما كنت أمارس الكبح، وهذا اسم ممارستي اليومية على طريق خريص، وأحاذر كعادتي بعين للأمام وعين على المرآة للخلف.. فوجئت بصوت انقشاعات في الجانب الأيمن.. ولمحت سيارة صغيرة تبتعد عن جانبي الأيمن وبداخلها شاب مقيم قذف بهاتفه النقال كيفما اتفق في ذهول.. ثم عاد من شدة ارتباكه والتحم بالجانب الأيمن لسيارتي من جديد.. وكأنه فدائي لا غاية له سوى الاستشهاد اصطداماً بي أنا.. وليس سواي من آلاف الشاحنات المتعانقة في خريص!!!
المهم، توقفت لأرى ما الذي تسبب فيه فدائي "الطارة" هذا؟! وإذا بجانب سيارتي الأيمن وقد "تمكيج" بطلاء سيارته الحمراء بالكامل.. بخلاف ما حل بجسد حبيبتي الجديدة من انحناءات وتموجات سببها رفرف سيارته ومرآتها الصغيرة التي تشبه مرايا علب البودرة لعرائس باربي! ذهبت إليه.. وتحمدت لكلينا السلامة.. وقلت: كنت لأتفهم أن تصطدم بسيارتي من الخلف في زحام خريص.. لكن أن تترك مسارك وتلتحق بسيارتي من باب التوأمة بسبب دردشة على الجوال.. فهذا ما لن أفهمه! وسألته: أرى أن سيارة شركتك حديثة وموديل 2011 فهل معك تأمين ورخصة سارية المفعول؟ فقال: "آه.. معايا"!.. وبينما كنت أحاول الخلاص من مبرراته التي لا تمت للحقيقة بصلة، ومنها أن "العربية" جديدة لكن "الدركسيون بايز".. انهال علينا، ونحن في النفق، صوت رجل المرور من الأعلى: "اطلعوا للخدمة.. اطلعوا للخدمة"! وأنا أعلم جيداً أنه لا طريق خدمة في المخرج القادم، بل التفاف فوري إلى شارع العليا العام أو عودة لطريق خريص باتجاه الشرق! ولكني أطعت المسؤول! وقدت سيارتي للأعلى.. وأشرت للشاب "اتبعني"! فمارس خدعة رخيصة، وأضاء إشارة الالتفاف لليمين وكأنه سيسلك معي المخرج إلى الأعلى. وفي هذه الأثناء هدأ سرعته تدريجيا.. وما إن أدرك أني وسيارتي والمكياج قد سلكنا المخرج.. حتى أطلق طارته للريح.. وتركني أبحث عن حق لن يكلفه سوى دقائق من عَطَلة هو السبب فيها! المهم، ضحكت على الفوضى.. وذهبت راجلاً إلى رجل المرور، وقلت: هرب الجاني.. بسيارته ودردشته وعدم حمله رخصة وتأمينا حسبما أظن! فما الحل في نظرك؟! فعاجلني شاهد العيان الأهم بسؤال أشد قسوة من هروب الجاني، قائلاً: "عساك أخذت رقمه"؟! وأصدقكم القول.. أني كتمت انفعالي واستدرت عائداً للسيارة دون أن أطالب حتى بورقة إصلاح.
المخالصة من كل هذا: تركيب كاميرات لتسجيل الحوادث ومعاقبة المتسيبين لم يعد ترفاً! وبعبارة شعبية أخرى: اللي قدركم على تركيب كاميرات "ساهر".. بيقدركم على تركيب كاميرات لرصد الحوادث والمخالفين وإعادة الحقوق لأصحابها! الطرق السريعة والأنفاق والمداخل والمخارج تعج بفوضى غير خلاقة أبداً! وهناك أرواح تزهق أحيانا دون حساب يذكر! وبغض النظر عن حسرتي على جانب سيارتي التي لن أصلحها الآن، لأنها وسيلة النقل المدرسي الوحيدة التي أوفرها أنا للسستم التعليمي في بلدي، إلا أن بقاء الطرق الرئيسة دون كاميرات خاصة برصد الحوادث هو مأخذ مدني أمني لا يسكت عنه! تعبنا فوضى يا مرور!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي