الباكستانيون يغرقون في أعماق الفيضانات.. والحكومة تهملهم
تركت الحكومة الباكستانية مواطنيها الذين غمرهم الفيضان الأخير؛ ليتدبروا أمورهم بأنفسهم دون مساعدة، وخصوصاً في إقليم السند جنوبي البلاد الذي غمرت المياه مساحات شاسعة منه.
إنه لمن الغريب والمحبط في آنٍ، أن يتكرّر هذا المشهد ثانية بعد عامٍ واحدٍ فقط، ولكن هذه المرة يبدو الأمر أسوأ بالنسبة لسكان جنوبي باكستان.
ففي الجولات التي قمنا بها في المناطق المنكوبة، صدمتنا أقوال المتضررين بأنهم - مقارنة بفيضان العام الماضي - لم يتلقوا أي دعم أو عون، لا من منظمات الإغاثة ولا من الجيش الباكستاني ولا من الحكومة.
كنا نتجوّل في منطقة زراعية في إقليم السند في اليوم ذاته الذي أصدر فيه رئيس الحكومة الباكستانية يوسف رضا جيلاني، تأكيدات بأن ضحايا الفيضان سيسمح لهم بالمكوث في المخيمات التي أعدتها الحكومة طالما رغبوا في ذلك، وأنهم سيحصلون على المأوى والطعام والشراب التي يحتاجون إليها.
ولكننا رأينا الألوف وهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء على الطرق التي لم تغمرها المياه.
التقينا شخصاً يدعى دينو قرب قريته قمرو شريف التي أتت عليها المياه. "أي مخيمات تلك التي تتحدثون عنها؟" سألنا دينو بتهكم، "بحثنا في كل مكان ولم نجد لها أثرا!".
سمعنا هذه القصة مرات عديدة في رحلتنا، ففي منطقة ميربورخاص أخبرنا قرويون كانوا يقيمون قرب جثث حيواناتهم النافقة إن حالهم بلغ من السوء بحيث بدأوا يشربون من مياه الفيضان الآسنة.
وقرب بلدة قندياري، أوقفت مجموعة من النسوة سيارتنا وهن يولولن ويقلن إن أطفالهن يموتون ولا من مغيث. وجدنا ضالتنا في مدينة حيدر أباد، حيث شاهدنا لوحة علقت في سوق الخضراوات الجديد كتب عليها "مخيم الحكومة الطبي". تم تحويل السوق بأسره إلى مخيم يقيم فيه زهاء ألفي نازح، ولكن حتى في هذا المخيم قال لنا النزلاء إنهم تركوا ليتدبروا أمورهم بأنفسهم.
التقينا في مخيم حيدر آباد سامية، وهي أم شابة كانت تحمل وليدها نصار ذا السنة الواحدة بين ذراعيها. كانت سامية تجهش بالبكاء، وقالت إن ابنتها مايرا ذات السنوات الأربع تُوفيت منذ سويعات فقط.
عندما سألتها كيف حصل ذلك، روت لي كيف غمرت مياه الفيضان مسكنها، وكيف أنها جاءت إلى المخيم، وكيف أصيبت مايرا بالوهن. ثم أشارت إلى نصار وقالت: "إنه في الحالة نفسها".
وفعلا بدا نصار ضعيفا هزيلا. قالت أمه إنه لم يتناول الطعام منذ أيام، وإنهم لم يمنحوا طعاماً مناسباً في المخيم قط.
أخذنا الأم ووليدها إلى طبيب المخيم، الذي قال إن نصار مصاب بسوء التغذية ووصف له الحليب. "ولِمَ لا تعطونه الحليب؟" سألنا الطبيب. أجاب: "ذلك ليس من اختصاصي". وجدنا أخيرا شخصاً قال إنه المسؤول عن تنظيم العمل في المخيم.
سألته إن كان شح المال هو سبب الفوضى وانعدام الخدمات، فأجاب "كلا، أبداً" وأخرج آلاف الروبيات من جيبه.
"فهؤلاء أناس فقراء، وكانوا يعانون سوء التغذية قبل قدومهم إلى هنا".
قلنا للرجل إننا سنتكفل بإطعام الأسرة بأنفسنا، فأجاب: "إذا جلبتم الطعام لأسرة واحدة سيتعين عليكم إطعام الجميع".