ما الذي يمنع مطار مكة المكرمة (2)؟

من عوامل نجاح المطارات سهولة الوصول إليها من المدن والتجمعات البشرية التي تخدمها تلك المطارات، ولهذا فإن إتقان مرحلة التخطيط الشامل بمنزلة بوابة النجاح للمطارات الجديدة، كون التخطيط الشامل يدرس بالتفصيل هندسة النقل من وإلى المطار لجميع وسائل النقل من سيارات وحافلات ومترو وقطارات. كان لسوء التخطيط الشامل لمطار الملك فهد الدولي في الدمام أن تسربت الحركة الجوية الخاصة به إلى مطار البحرين الدولي المجاور بسبب البعد من المدن والتجمعات البشرية، حيث يعمل المطار الآن بخمس طاقته الاستيعابية. ليس صحيحًا أن مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة ومطار الطائف هما الأمثل لنموذج النقل الجوي الخاص بالعاصمة المقدسة لأسباب متعددة. قبل أسبوع مررت عبورًا بمطار القاهرة وقد أدهشني سبق الأشقاء في مصر في إنشاء صالة حديثة مغلقة ومكيفة خاصة بالحجاج والمعتمرين أسموها (صالة السفر الموسمي)، حيث تتلاءم تجهيزاتها وإجراءاتها مع طبيعة ومتطلبات السفر الجوي الخاص بالحج والعمرة، وقد عالجت هذه الصالة مشكلة الحركة الموسمية القصوى دون تأثير في الصالة 3 الخاصة بالرحلات التقليدية. الحقيقة المرة أن الحجاج والمعتمرين يعانون مما يتعرضون له من اللحظة الزمنية الأولى لركوبهم وسائل النقل الأرضية من مرافق الإيواء في مكة والمشاعر وحتى اللحظة الزمنية الأخيرة التي يقفل بها باب الطائرة مغادرين إلى أوطانهم. لو قمنا بتحليل تلك الفترة الزمنية سواء بمقياس الزمن ومقياس العناء لوجدنا الكثير من العوائق التي أدت إلى الأزمات التي نراها كل سنة. النقل الأرضي في المشاعر وبين مكة وجدة ليس على الوجه المطلوب، وتسبب ذلك في تأخير وصول الركاب إلى المطار، كما أن الكثير من الحملات تتحوط سلبًا بأن تفوج الركاب مبكرا إلى مطار جدة، وهذا يسبب التكدس واختناق صالات وممرات المطار وعطل الأجهزة. يجب إدراك أن مطار جدة الجديد كغيره من المطارات الكبرى حول العالم لن يتم بناؤه بين يوم وليلة، وأن التفكير في مطار اقتصادي في العاصمة المقدسة أصبح حتميًا. المطارات الاقتصادية اليوم أصبحت علمًا ومنهجًا، حيث تتسابق شركات الهندسة وشركات البناء في عرض حلول المطارات الخضراء الفاعلة. ولهذا يجب أن نبتعد في مشاريعنا الكبرى عن عوامل الترف في الهندسة والبناء، ونركز على الحلول العملية والاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي