التمويل الإسلامي يرسم خريطة طريق لتعزيز العلاقة مع قطاع «الغذاء الحلال»
أكد عدد من المختصين في الصناعات الغذائية أن سوق الأغذية الحلال سينال وافر الاهتمام من قبل التمويل الإسلامي وذلك لأنه تطبيق حقيقي لمقاصد الشريعة، وبيئة مناسبة ومجال عمل لا تنافسهم فيه كثير من الشركات العالمية. ويبلغ إجمالي حجم القطاع نحو 651 مليار دولار لكثافة سكانية تقرب من ملياري نسمة يعيشون على الأغذية الحلال ويفضلونها عن غيرها، ولهذا يرى الخبراء أن الطريق أصبح ممهدا لقيام تعاون كبير بين التمويل الإسلامي وشركات الأغذية الحلال، التي أصبحت منتشرة على مستويات عالمية. ويتوقع الخبراء أن ينمو هذا القطاع خلال السنوات الخمس القادمة بنسبة مقدارها 15 في المائة.
وضمن هذا التوجه أكد صالح عبد الله لوتاه العضو المنتدب لشركة الإسلامي للأغذية في منتدى التمويل الإسلامي الذي عقد أخيراً في كوالالمبور، أن قطاع التمويل الإسلامي العالمي البالغة قيمته تريليون دولار بصدد رسم خريطة طريق لتعزيز الترابط مع قطاع الغذاء الحلال البالغة قيمته 651 مليار دولار انطلاقاً من النموذج الماليزي المتخصص. جاء ذلك خلال مشاركة ''الإسلامي للأغذية'' في منتدى التمويل الإسلامي، والذي نظمه مركز البحث والتدريب ''سيرت'' في السابع من أكتوبر الجاري، وافتتحه وزير المالية الماليزي داتو سري أحمد حسني ونوقشت فيه الآليات الكفيلة بتعزيز الترابط بين قطاعي التمويل الإسلامي والأغذية الحلال، وكيفية إقامة هذا التعاون لما يؤدي إلى جعله قطاعا مهما في الاقتصاد الإسلامي.
#2#
ويعد مؤشر سوق الاستثمارات المقبولة اجتماعيا SAMI للأغذية الحلال بمثابة تجمع للشركات التي تعمل في مجال الأغذية والتوزيع وصيد الأسماك، وتربية الماشية والدواجن، وغيرها. وتضم المرحلة الأولى شركات من 15 دولة من دول منظمة التعاون الإسلامي، إضافة إلى 270 شركة أخرى برأسمال سوق يربو على 114 مليار دولار. وتحتل ماليزيا المركز الأول من حيث رأس المال الذي يتجاوز 53 مليار دولار، تليها إندونيسيا 26 مليار دولار، والسعودية برأسمال يقدر بـ 12.7 مليار دولار. وبالنسبة للقطاعات العاملة في تلك الصناعة جاءت عملية تصنيع الغذاء في المرتبة الأولى برأسمال 55 مليار دولار، يليه قطاع الأسماك وتربية المواشي والدواجن بقيمة 49 مليارا. ويتناول مؤشر SAMI حلال صناعة الأغذية الحلال والتي تعتمد على استثمار أموال المسلمين الموجودة في الدول الإسلامية لتنمية وإنشاء شركات تسهم في الاقتصاد الحقيقي.
وشاركت في منتدى التمويل الإسلامي شركة الإسلامي للتغذية لتسليط الضوء على تجربتها المتخصصة وخبرتها الواسعة في قطاع الأغذية الحلال، وكيفية تطوير مكانتها لتصبح في طليعة الشركات العاملة في هذا المجال على مستوى العالم. وتزامن مع انعقاد المنتدى فعاليات لتغطية قطاعات التمويل الإسلامي كافة والتي شملت منتدى الشريعة، وملتقى التكافل، وندوة الأخلاقيات، وقطاع المالية، وورش عمل، ومسابقة مقالة التمويل الإسلامي، وجوائز التمويل الإسلامي التي أقيمت في كوالالمبور. وحظي المنتدى بمشاركة أكثر من 1500 شخصية من السلطات التنظيمية، وعلماء الشريعة، والمصرفيين، والقانونيين، ومشغلي التكافل، والأكاديميين، والمستشارين العاملين في مجال التمويل الإسلامي من أماكن مختلفة من العالم.
وأكد لوتاه أن قيام سوق إسلامي للأوراق المالية للخدمات الإسلامية المالية وشركات الحلال للسلع الاستهلاكية سريعة الحركة، هو نتيجة منطقية للنمو المتصاعد الذي يشهده هذان القطاعان، وأن الوقت قد حان لاستغلال هذا النمو الاستغلال الأمثل. وأضاف أن نمو عدد السكان المسلمين، والمستهلكين، وارتفاع نسبة الذين يعرفون القراءة والكتابة، والتدريب المحترف، ودور الصحافة، والإعلام الاجتماعي تأتي في طليعة العوامل التي تسهم إلى حد بعيد في نمو قطاعي التمويل الإسلامي والحلال بشكل قياسي.
وأضاف لوتاه أن تعزيز الأواصر ما بين التمويل الإسلامي وسوق الحلال أمر طبيعي بين هذين القطاعين باعتبارهما يكملان بعضهما بعضا، مؤكدا أن الجهود الكبيرة التي قامت بها الحكومة الماليزية والمؤسسات المالية وشركات الأغذية الحلال في القطاع الخاص في ماليزيا ساهمت إلى حد بعيد في وضع ماليزيا في طليعة الدول الساعية إلى تكامل القطاعين على مستوى العالم، ولذلك فإن العالم الإسلامي ينظر بعين الإعجاب والتقدير إلى ماليزيا والدور البارز الذي قامت به في هذا الإطار.
وقال لوتاه إن الفضل في تأسيس قطاع التمويل الإسلامي الحديث يعود إلى إطلاق مصرف دبي الإسلامي في عام 1975م بمبادرة من الحاج سعيد لوتاه، مؤسس شركة الإسلامي للأغذية ورئيس مجلس إدارة مجموعة لوتاه التي تتخذ من دبي مقرا لها. وجاء ذلك انطلاقا من إيمان الحاج لوتاه وحماسته البالغة لتطبيق قواعد الشريعة الإسلامية وقيمها النبيلة في مناحي الحياة كافة. ولا شك أن التزامه الراسخ بهذه القيم ساهم إلى حد بعيد في تعزيز المكانة الرائدة التي تتمتع بها شركة الإسلامي للأغذية في قطاع الأغذية الحلال على مستوى العالم'' كما أكد لوتاه الدور الكبير الذي يؤديه منتدى التمويل الإسلامي في تعزيز قطاع التمويل الإسلامي العالمي.
ووفقاً للتقرير الذي أصدره مركز دراسة الحوكمة العالمية التابع لكلية لندن للاقتصاد في عام 2009 بعنوان ''تطور قطاع التمويل الإسلامي في دول مجلس التعاون الخليجي''، فإن الأصول المتوافقة مع الشريعة في منطقة الخليج تتميز بقيمتها العالية حيث يبلغ حجم القطاع المالي الإسلامي في دول مجلس التعاون الخليجي 262.6 مليار دولار، وتتجاوز القيمة الإجمالية للقطاع المالي الإسلامي العالمي تريليون دولار.
ويرصد الخبراء أهم التحديات التي تواجه شركات الأغذية الحلال المتضمنة في المؤشر: أولها صغر معدل التعويم الحر free float في عدد من الشركات. وثانيها عدم توافر السيولة الكافية لعديد من الشركات. وثالث التحديات يتمثل في تضخم حجم Malaysia’s Sime Derby. وفي هذا الإطار يرى الخبراء أنه يجب أن يقف عند سقف 20 في المائة. وعلى الرغم من تلك التحديات إلا أن تلك الشركات بما فيها الشركات ذات الرساميل الصغيرة تحقق نموا كبيرا وضعها في مصاف مؤشر أغذية الحلال العالمي، كما أصبحت محط أنظار واهتمام المستثمرين حول العالم. وبالنسبة للتوقعات حول مؤشر SAMI يرى الخبراء أنه من المنتظر إطلاق عدد من الصناديق الخاصة بالمنتجات الاستثمارية في المؤشر. وينتظر أن تلعب تلك الصناديق دورا مهما في توضيح مفهوم الأغذية الحلال بالنسبة للمواطن المسلم في الدول غير الإسلامية، لكنها لا تؤدي الهدف ذاته بالكفاءة نفسها بالنسبة للشركات الكبرى في المجالات المختلفة. وهنا يأتي دور مؤشر الأغذية الحلال الذي يتوقع أن يصبح مؤشرا ذا أداء متميز، وهو ما يؤدي لاجتذاب الكثير من الشركات الكبرى، كما أنه يشجع الشركات التي تعمل منفردة في هذه الصناعة على الظهور العام من خلال الطرح في المؤشر.