إعادة تقدير قيمة الدية وأثره في التأمين

إن صدور القرار السامي الذي يقضي بالموافقة على قرار الهيئة العامة للمحكمة العليا بأن تكون دية القتل الخطأ 300 ألف ريال، ودية العمد وشبهه 400 ألف ريال، ستكون له آثار ملحوظة في صناعة التأمين في المملكة، وفي الناتج المحلي تبعاً لذلك. حيث إن شركات التأمين السعودية حالياً تُعيد دراسة قيمة مبالغ أقساط (اشتراكات) التأمين بشكل عام على إثر مُضاعفة قيمة دية الخطأ من 100 ألف ريال، إلى 300 ألف ريال، وما يتبع ذلك من مُضاعفة قيمة دية ما دون النفس من الأعضاء والمنافع والشجاج (الأروش)، وبطبيعة الحال لن تؤثر في هذه الدراسات مُضاعفة قيمة دية العمد، حيث إن جميع وثائق التأمين لا تُغطي الأفعال المتعمدة.
إن رفع مبالغ أقساط وثائق التأمين سيُبنى على دراسات اكتوارية وتسويقية من قبل شركات التأمين، كما أنه سيكون مرهوناً بنتائج مُباحثات ومُفاوضات شركات التأمين مع شركات إعادة التأمين المحلية والدولية، ذلك لأن شركات التأمين تُعيد توزيع الأخطار المؤمَنة على شركات إعادة التأمين وتحتفظ بنسبة مُعينة من هذه الأخطار لنفسها. ولذا، فإن عملية رفع شركات التأمين مبالغ أقساط وثائق التأمين لن تتم في ليلة وضُحاها، بل سيستغرق الأمر فترة معقولة من الزمن.
وفي اعتقادي، ستكون هناك قفزة واضحة في مبالغ أقساط وثائق التأمين التي تُغطي المسؤولية المدنية (القانونية) المُترتبة على المؤمَّن له تجاه الغير عن الإصابات الجسدية أو الوفاة، والتي من بينها، على سبيل المثال، وثائق تأمين المركبات، الأخطاء الطبية، المسؤولية المدنية تجاه الغير، المُمتلكات، الحريق، الهندسي، أخطار المقاولين، مسؤولية المنتجات، مسؤولية صاحب العمل، ووثائق تأمين أصحاب المحال التجارية. وفي ظل الارتفاع الدراماتيكي المُرتقب لمبالغ أقساط وثائق التأمين، فإننا نعتقد بأن نسبة التفاوت في أسعار وثائق التأمين بين شركات التأمين العاملة في السوق لن تكون كبيرة، وذلك حفاظاً منها على المنافسة في استقطاب العملاء. كما أعتقد بأن التدخل الفعَّال لمؤسسة النقد العربي السعودي، مُمثلةً في إدارة مراقبة التأمين، في هذه المرحلة الانتقالية للأسعار سيكون له دورٌ مهمٌ للغاية، وذلك لما لمؤسسة النقد العربي السعودي من سلطة تتمثل في الإشراف والرقابة على قطاع التأمين في المملكة وفقاً لما نص عليه نظام مراقبة شركات التأمين التعاوني. خصوصاً أن من ضمن ما تهدف إليه إدارة مراقبة التأمين، تشجيع المنافسة العادلة والفعَّالة وتوفير خدمات تأمينية أفضل بأسعار وتغطيات منافسة، إضافةً إلى توطيد استقرار سوق التأمين.

محام

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي