مؤتمر الدوحة يدعو إلى منهج موحد لإصدار الفتاوى
أكد خبراء في المصرفية الإسلامية أهمية تلافي اختلاف الفتاوى والعمل على تقاربها أو توحيدها بمرجعية واضحة في المصرفية الإسلامية، وكذلك ضرورة أن تتقن المؤسسات المالية الإسلامية إدارة السيولة، وبخاصة حال عجز السيولة، وأشاروا إلى أهمية معالجة المصدر الرئيس لمخاطر السيولة وهو اختلال الآجال بين الأصول والالتزامات، كما أشاروا إلى الارتباط الوثيق بين العمل المصرفي والالتزام الديني والسلوكي للأشخاص المتعاملين معه والقائمين عليه، مطالبين بتخصيص المزيد من التمويل لإدارة الموارد البشرية في المؤسسات المالية الإسلامية، وذلك لمواءمة النمو الحالي والمتوقع. جاء ذلك خلال توصيات مؤتمر الدوحة الثاني للمال الإسلامي الذي نظمته شركة بيت المشورة للاستشارات المالية، حيث ناقش المصرفية الإسلامية بين الواقع والتحديات، وفرص تطويرها إقليميا وعالميا.
وقال محمد بن حمد آل ثاني، رئيس مجلس إدارة مجموعة بنك بروة: إن الصيرفة الإسلامية تتميز بالتزامها بمبادئ الشفافية والتعاملات الأخلاقية، وبينما نخطو مجددا نحو مرحلة يشوبها الغموض بسبب المواضيع المتعلقة بالديون السيادية واستقرار الدول، فإن الفرصة تبرز مجددا للقطاع المالي الإسلامي كي يبرهن ويؤكد كونه بديلا ماليا يتمتع بالاستقرار والمصداقية، مشيرا إلى الحاجة إلى الإبداع والتجديد والعمل على تطوير وتحسين أسلوب تقديم المنتجات المالية الإسلامية، وأن هناك الكثير مما يجب إنجازه على مستوى خدمة العملاء.
وأصدر المشاركون في المؤتمر توصيات تناولت مختلف المحاور التي ناقشها المؤتمر، والتي شكلت هاجسا للكثير من المؤسسات المالية الإسلامية، وفي مقدمة هذه المحاور اختلاف فتاوى الهيئات الشرعية، حيث أشار المشاركون إلى أن اختلاف فتاوى الهيئات الشرعية يرجع إلى اختلاف الأنظار في المستجدات، واختلاف البيئات والأزمان والأماكن والأعراف، وعدم مراعاة ضوابط الإفتاء وعدم توفير متطلباته وعدم الإفصاح والشفافية في بيان آليات المنتجات وأهدافها، وكذلك عدم مراعاة القرارات المجمعية والمعايير الشرعية، إضافة إلى التعويل على الأقوال الشاذة في توجيه المعاملات المصرفية، والتساهل في شروط أعضاء هيئة الفتوى والرقابة الشرعية.
وفي سبيل تلافي اختلاف الفتاوى والعمل على تقاربها أو توحيدها أوصى المشاركون بضرورة توحيد منهج إصدار الفتاوى بمرجعية واضحة يتفق على المنهج الاجتهادي فيها، وذلك عدد من الأمور في لوائح الهيئات الشرعية، أبرزها الأخذ بقاعدة رفع الحرج والتيسير بضوابطها، ومراعاة تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأعراف، ومراعاة تقديم درء المفاسد على جلب المصالح، والاحتياط عند الأخذ بالرخص بمراعاة ضوابطها المعتبرة، ومنع الحيل المحرمة والتحوط عند الأخذ بالمخارج المشروعة بضوابطها، إضافة إلى سد الذرائع وفتحها بضوابطهما. كما أوصى المشاركون باعتماد المرجعيات المجمعية والالتزام أو الاستئناس بالمعايير الشرعية لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، والعمل على إنشاء لجنة تنسيق بين المؤسسات المالية الإسلامية في كل دولة، تعمل على توحيد المنتجات والهياكل التمويلية، وتشجع الدخول في أنشطة تمويلية مجمعة مشتركة بآليات موحدة واهتمام البنوك المركزية بذلك، مؤكدين على ضرورة استقلالية الهيئة الشرعية وإلزامية قراراتها للمؤسسة المالية الإسلامية، وتطبيق الرقابة الشرعية على جميع العقود والآليات والهياكل التمويلية، وذلك بإنشاء إدارة رقابة وتدقيق شرعي داخلي يعطى الصلاحيات كافة بالاطلاع على المستندات ومجريات تطبيق فتاوى الهيئة، وتقدم تقريرها عن سير العمل، والتزام مجلس الإدارة والإدارات المعنية في المؤسسة المالية باطلاع الهيئة الشرعية على العمليات والمنتجات الجديدة التي يراد تطبيقها وتقديم المستندات كافة التي تعين الهيئة على النظر وإصدار القرار الشرعي المناسب.
وفي محور السيولة وأثرها على الصيرفة الإسلامية، أوصى المشاركون بضرورة مراعاة المؤسسات المالية الإسلامية للتوازن بين الأصول والخصوم، وأن تتقن إدارة السيولة وبخاصة حال عجز السيولة؛ لما لذلك من مخاطر بعدم قدرة المؤسسات على الوفاء بالتزاماتها وتدهور قوتها الائتمانية، والاستفادة من المعيار الشرعي الصادر عن ''آيوفي'' بشأن إدارة السيولة وما فيه من آليات لمعالجة عجز السيولة أو فيضها، وأشاروا إلى أن الصكوك الاستثمارية والمضاربة والمشاركات وسيلة لتحصيل السيولة بطرق مشروعة مع اختيار الجهات الموثوق بها لتخفيف أخطارها، وكذلك أهمية إيجاد صندوق للسيولة على أساس المضاربة بوحدات صغيرة ودورة يومية مع التنضيض الحكمي لشراء وحدات الصندوق عند فيض السيولة، أو بيعها عند عجز السيولة. وأوصى المشاركون كذلك بأهمية معالجة المصدر الرئيس لمخاطر السيولة، وهو اختلال الآجال بين الأصول والالتزامات، وضرورة تقييد نسبة الالتزامات التي تقل آجالها عن الأصول إلى الحد الأدنى من قائمة الميزانية، وحث المصارف الإسلامية، الاستثمارية والتجارية على المزيد من الاعتماد على المشاركة في تعبئة الموارد، وتقليل الاعتماد على الديون خاصة الصيغ المشبوهة، وكذلك أهمية تطوير صيغ وآليات لإدارة السيولة في المؤسسات الإسلامية بالتعامل مع سائر جوانب الأنشطة التمويلية والاستثمارية.
وفي محور الموارد البشرية والذي ناقش سلوكيات العاملين وأثرها على مستقبل الصيرفة الإسلامية، أكد المشاركون الارتباط الوثيق بين العمل المصرفي وبين الالتزام الديني والسلوكي للأشخاص المتعاملين معه والقائمين عليه على حد سواء، ولمواجهة التحديات التي تواجه العاملين في المؤسسات المالية الإسلامية أشاروا إلى أهمية تخصيص المزيد من التمويل وصناديق الاستثمار لإدارة الموارد البشرية بشكل متناسب لمواءمة النمو الحالي والمتوقع، ومشاركة المعرفة وأفضل الممارسات من خلال لجنة عامة لإدارات لموارد البشرية بالمؤسسات المالية الإسلامية، والاستثمار في البرامج الاستراتيجية الخاصة بالتعليم والتطوير، والاستثمار في برامج تطوير القادة لإعداد قادة العقد القادم، وكذلك تحول الموارد البشرية إلى تقديم تدخلات استراتيجية بدلا من القيام بالعمليات اليومية، إضافة إلى قيام الموارد البشرية بدور اتصال أكثر مع الإدارات المختلفة لضمان الحصول على المعرفة ونقلها.