الاقتصاد السعودي يدخل مرحلة «العناقيد» بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة

الاقتصاد السعودي يدخل مرحلة «العناقيد» بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة

واصلت خطط التنمية الخمسية المتعاقبة للمملكة جهودها الرامية لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بهدف تعزيز مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة من خلال توفير بيئة عمل مناسبة لنموها وازدهارها.
وتحقيقاً لهذا المطلب الوطني المهم، تبنت خطة التنمية التاسعة العديد من الإجراءات الداعمة لنمو ذلك النوع من المنشآت، كما أنها رسمت عدداً من السياسات التي تعمل على تذليل المعوقات والصعوبات الإدارية والتنظيمية والفنية والمالية والتسويقية التي تواجه تلك المنشآت.
ومن بين أبرز المشاريع الداعمة لتوجهات الدولة، المرتبطة بنمو قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتعزيز مساهمته في الاقتصاد المحلي، مشروع ''تقييم'' الذي دشنه الدكتور محمد الجاسر محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي ''ساما'' أخيراً، ويعد أول مشروع سعودي تتبنى تنفيذه والإشراف عليه الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ''سمة''، والذي يختص بتقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال إيجاد نموذج علمي وعملي لتقييم أداء تلك المنشآت في الاقتصاد السعودي. كما يعتبر ''تقييم'' خطوة مهمة جداً في سبيل تشجيع المصارف العاملة في المملكة على تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة بأسلوب منهجي يأخذ في الاعتبار درء مخاطر تمويل هذا النوع من المنشآت، كذلك يساعد المصارف على تنويع محافظها التمويلية، بحيث يضيف مجالاً آخر إلى مجالات التمويل الرئيسة في المملكة.
ومن بين أبرز أهداف مشروع ''تقييم'' خلق ودعم التنمية الاقتصادية المستدامة في المملكة والنهوض بالأنشطة الإنتاجية المختلفة، تقديم تعريف موحد لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتزويد مؤسسات التمويل في المملكة بمعلومات مالية دقيقة عن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بغرض تسهيل إجراءات التمويل. كذلك المساهمة الفعلية في خلق فرص العمل، وفي توزيع وتنويع الأنشطة الاقتصادية، إلى جانب دعم تكامل الأنشطة الاقتصادية للمملكة وتحسين مستوى الدخل وتوفير الاستقرار الاقتصادي بمفهومه الواسع والشامل.
أما أبرز العوامل التي يستند إليها مشروع ''تقييم'' في تقييم الكفاءة التشغيلية والإدارية والتسويقية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، العوامل المالية المشتملة على إجمالي نمو الأصول، نمو صافي الأرباح، نمو صافي المبيعات، والنسب المالية المتعارف عليها مثل نسبة السيولة ونسبة السيولة السريعة. كما يستند المشروع في تقييمه لأداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إلى عوامل غير مالية، كالقدرة على توسيع الملكية، ونوعية وحجم فريق الإدارة، ومدى عمق التركيز الاستراتيجي على إدارة دفة الأعمال بالمنشأة، ودرجة التعرض لمخاطر السوق، ومعدل الفائدة وتذبذب أسعار المنتجات. من بين العوامل أيضاً التي يستند إليها مشروع (تقييم) في تحديده لكفاءة عمل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بما في ذلك قدرتها على البقاء في السوق والتعامل مع التحديات والصعوبات التي تواجهها، مدى قدرتها على التعامل مع المخاطر، التي تتعرض لها خارج الميزانية، بما في ذلك الضوابط التشغيلية، التي تتبعها وكذلك استمرارية فريق الإدارة، والمصداقية، كما أن هناك معايير خاصة تتعلق بسلوكيات المنشآت والقطاع بشكل عام.
وبالنسبة للآثار الإيجابية الأخرى، التي سيحققها مشروع ''تقييم'' للاقتصاد الوطني والمنشآت الصغيرة والمتوسطة على حد سواء خلاف تسهيل فرص حصولها على التمويل اللازم من المصارف، تمكينها من نمو أعمالها وتوسعها في أنشطتها الاقتصادية المختلفة، وسيساعد على حل مشكلة التباين في المعلومات لكامل القطاع، وأيضا سيعمل على تطوير فاعلية وكفاءة سوق التمويل في المملكة، وسيوفر أدوات وآليات متقدمة للمصرفيين وللماليين لمعرفة المخاطر الائتمانية للشركات، علاوة على أنه سيعمل على زيادة مستوى الشفافية في الاقتصاد من خلال تسليط الضوء على طبيعة ونوعية عمليات تلك المنشآت. كما يفترض للمشروع أن يعمل على تخفيض تكاليف الإقراض من خلال توفير المعلومات المحدثة والدقيقة لجهات التمويل.
ومن بين الفوائد والميزات الإيجابية التي سيحققها ''تقييم'' أيضا، إيجاد نظام اقتصادي في المملكة يعتمد على نظام العناقيد Clusters Systems، المطبق في عدد كبير جداً من دول العالم المتقدم، والذي يعمل على إيجاد شركات كبيرة يتفرع منها عدد من الشركات الصغيرة بشكل تكاملي، أو ما يعرف بنظام السلاسل Chains Systems، ولاسيما أنه قد روعي في تصميم المشروع اتباع أحدث النماذج والتصاميم العلمية والعملية العالمية المناسبة للاقتصاد السعودي، حيث سعت شركة سمة بشكل حثيث إلى تطوير أنظمة تقييم فاعلة تستطيع من خلالها وضع تصور كامل لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والآلية التي يمكن بمقتضاها تحقيق التكامل المنشود بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة والشركات الكبيرة.
ويتوقع لمشروع ''تقييم'' أن يحدث خلال الفترة المقبلة نقلة نوعية في أداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأن يعزز من مساهمتها في الاقتصاد الوطني، ولاسيما أنه يتوقع له أن يسهم بفاعلية كبيرة في تذليل عدد من المعوقات والصعوبات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة، والتي تأتي في مقدمتها مشكلة التمويل وذلك من خلال تمكين تلك المنشآت من الحصول شهادة تقييم عبر نظام التقييم الائتماني. كذلك سيعمل ''تقييم'' في المستقبل على تطوير نموذج خاص لكل جهة تمويلية وفق متطلباتها لإدارة المخاطر، إضافة إلى بناء قاعدة بيانات خاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وربط الجهات ذات العلاقة بتلك المنشآت عبر بوابة سمة الإلكترونية، علاوة على توفير برامج تدريب متعددة للجهات التمويلية وللمنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال أكاديمية سمة الائتمانية، إلى جانب تطوير ونشر مؤشرات اقتصادية وأبحاث علمية خاصة بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإنشاء قاعدة بيانات لتسجيل الرهونات المنقولة وغير المنقولة والتي ستساعد على زيادة الضمانات المقبولة، كما أن المشروع سيساعد على توفير استشارات خاصة بالأنظمة المالية والإدارة بهدف دعم تطور ونمو والتحسين من مستوى أداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة.

الأكثر قراءة