الأربعاء, 7 مايو 2025 | 9 ذو القَعْدةِ 1446


جهود مشتركة للارتقاء بالمنشآت الصغيرة والمتوسطة اقتصادياً

تلعب المنشآت الصغيرة والمتوسطة دوراً مهماً وحيوياً في معظم اقتصاديات دول العالم المتقدم بما في ذلك الدول النامية، لكونها مسؤولة مسؤولية مباشرة عن نشاط الحركة التجارية والاقتصادية بتلك الدول، وبسبب قدرتها الاستيعابية الفائقة على توظيف القوى العاملة، وتبعاً لذلك تشكل المنشآت الصغيرة ومتوسطة الحجم في جميع دول العالم، أهمية كبرى بالنسبة لاقتصادياتها، حيث على سبيل المثال، تقدر نسبة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بنحو 99.8 في المائة في منطقة اليورو من إجمالي عدد المنشآت، ونحو 60 في المائة من القيمة المضافة، ونحو 70 في المائة من التوظيف.
بالنسبة لأهمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد السعودي، فهي قد لا تختلف كثيراً عن أهميتها في بقية دول العالم، حيث على سبيل المثال تشير المعلومات المتوافرة، إلى أن المنشآت الصغيرة قد وفرت نحو 43.3 في المائة من الفرص الوظيفية في الاقتصاد الوطني خلال خطة التنمية الثامنة للمملكة، في حين قد أسهمت المنشآت المتوسطة والكبيرة في توظيف ما نسبته نحو 19.2 و37.5 في المائة على التوالي خلال فترة الخطة نفسها.
من هذا المنطلق أولت الحكومة السعودية اهتماماً كبيراً للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وسخرت لها جميع الإمكانات المتاحة لدعم نموها وازدهار من خلال إنشاء عدد من المؤسسات العامة، التي تعنى بتوفير الدعم المالي والفني واللوجستي اللازم لنمو تلك المنشآت، التي من بينها على سبيل المثال، البنك السعودي للتسليف والادخار، وصندوق المئوية. كما قد أسهمت البنوك السعودية بشكل كبير في الارتقاء بأداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم كافة أنواع الدعم المالي والفني واللوجستي، الأمر الذي يؤكده تجاوز حجم التمويل الممنوح من قبل المصارف للمنشآت العاملة في القطاع الخاص، بما في ذلك المنشآت الصغيرة والمتوسطة، في نهاية الربع الثاني من العام الجاري مبلغ 800 مليار ريال.
برنامج كفالة المنشآت الصغيرة والمتوسطة ''كفالة'' الذي تأسس بتعاون مثمر بين الحكومة السعودية ممثلة في وزارة المالية والبنوك السعودية، يعد نموذجاً آخر ناجحاً للتغلب على معوقات التمويل، التي تواجهها المنشآت الصغيرة والمتوسطة المجدية اقتصادياً، وبالذات التي لا تمتلك القدرة على تقديم الضمانات المطلوبة لجهات التمويل.
آخراً وليس أخيراً، دشنت الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية (سمة) مشروع تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة (تقييم)، والذي يعد سابقة سعودية، ونقلة نوعية في عالم الائتمان المصرفي، لكون المشروع يختص بتقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة وفقاً لمعايير تقييم عالمية مالية وغير مالية دقيقة، تشجع المصارف المحلية على التوسع في منح القروض والتمويل اللازم لذلك النوع من المنشآت، ولاسيما أن هذا المشروع، يعد أول مشروع ائتمان سعودي قامت شركة سمة بالإعداد له وتنفيذه بالتعاون مع إدارة حلول المخاطر في وكالة ستاندرد آند بورز بعد دراسة مستفيضة لتشخيص الوضع الحالي لتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السوق السعودية.
ويتوقع لهذه الجهود المشتركة المبذولة من قبل القطاع العام أو من قبل القطاع أو بالتعاون فيما بينهما، أن تحدث نقلة نوعية في أداء قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأن تعزز من مساهمتها في المستقبل القريب في الناتج المحلي الإجمالي، التي لا تزال محدودة إلى حد ما، إذ تقدر بنحو 33 في المائة من نصيب إجمالي ناتج القطاع الخاص والذي هي جزء منه، في حين تسهم المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي في دول أخرى مثل اليابان بنسبة 57 في المائة، وبنسبة 64.3 في المائة في إسبانيا، وبنسبة 56 في المائة في فرنسا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي