العمالة والخطاب الشعبي
على نفس خطى الفلبين ودول أخرى، اتجهت الهند إلى رفع أجور عمالتها في الخليج. ردة الفعل الشعبية على القرار كانت طرحا عاطفيا طغى على النقاشات في المجالس وفي الفضاء الافتراضي.
وكالعادة قالت لجنة الاستقدام نفس الكلام الذي قالته عن إشكال العمالة الفلبينية وغيرها حينما تمت المطالبة برفع أجورها (الاقتصادية 20/10/2011).
ورأيي الشخصي أن اتجاه الهند وبلدان أخرى نحو تحديد أجور عمالتها، يصب في مصلحة تقليص الاعتماد على هذه العمالة. كما أنه يصب في خانة تشجيع التوجه لاستقطاب عمالة محلية. ولا ننسى أن من بين الخيارات التي كانت تناقشها وزارة العمل لدينا ذات يوم وضع سقف أدنى لأجور العمالة الوافدة كما هو معمول به في دول أخرى حتى يتم تقليص الفارق الذي يجعل رخص العمالة الوافدة تمثل عقبة كأداء في وجه توطين الوظائف في المنشآت الصغيرة تحديدا.
إن السعودية وهي تتجه إلى تقليص العمالة الوافدة من 31 % إلى 20 % وضعت حزمة من الأنظمة والتشريعات، ولا شك أن ''نطاقات'' يمثل اللبنة الأولى لمثل هذه التشريعات. وفي المقابل، فإنه على طريقة ''رب ضارة نافعة''، يبدو أن الهند والفلبين أعطتا مسوغات أفضل لتقليص العمالة، فلن يصبح استقدام السائق والخادمة مظهرا من مظاهر الترف كما هو الحال في الخليج العربي. إذ إن ارتفاع تكلفة الاستقدام يعني أن من ليس محتاجا لن يكون بوسعه التفريط في مبلغ كبير لمجرد ممارسة سلوك مظهري فقط.
خطاباتنا في شأن العمالة الوافدة شابتها العاطفية، وصارت حتى بعض المطالب الإنسانية مثل توفير الوجبات تثير البعض، رغم أن واقع الحال يؤكد أن العمالة الوافدة تأكل وتشرب في منازلنا كل وجباتها ولا جدل على ذلك. فلماذا تمثل إضافتها في شرط من شروط العقد معضلة بالنسبة للمعنيين في مكاتب الاستقدام. إنه الانسياق العاطفي حول خطاب أثره الملموس تعثر المفاوضات وتشكل صورة نمطية عن مجتمعاتنا باعتبارها غير منسجمة مع متطلبات منظمة العمل الدولية، وهذا حتما غير صحيح.