قبل المطر .. أين الخطر؟ (1 من 5)

قبل المطر .. أين الخطر؟  (1 من 5)
قبل المطر .. أين الخطر؟  (1 من 5)
قبل المطر .. أين الخطر؟  (1 من 5)
قبل المطر .. أين الخطر؟  (1 من 5)

خلال أيام قصيرة يحل موسم الشتاء والأمطار الذي تحول خلال العامين الماضيين إلى فترة ترقب وقلق ناتجة عن التغيرات المناخية، رافقها ضعف في استعدادات المدن السعودية وطرق تخطيطها، ما جعل بعضا أو كثيرا منها عرضة للسيول. في جدة قالت الأمطار كلمتها وسجلت خلال عامين متتاليين حالات وفاة وخسائر لا تزال تداعياتها حتى الآن .. وفي الرياض اختبرت 45 دقيقة وضع المدينة التي ترقد على واديين مطمورين هما الاليسن والسلي، وظهرت الأنفاق المطمورة بالمياه، وتوقفت حركة المرور ساعات أثبتت أن الوضع ليس على ما يرام. في الدمام كذلك، وفي حائل، وأيضا في القصيم .. وحدث ولا حرج عن عسير وجازان، وإن أردت الحديث عن مكة المكرمة فلا مانع إطلاقا لأنك ستجد ما يبرر حديثك.

سنوات كثيرة غاب فيها التخطيط النموذجي وتراجعت ميزانيات البنية التحتية لدواعٍ مالية، وظهر فيها طمع ملاك المخططات الذين يدفنون كل شيء يقابلهم مقابل حفنة من الملايين الزائلة.

الآن بدأت المدن السعودية تفيق، وبدأت الأمانات في الاستعدادات، وظهرت القوارب المطاطية لدى إدارات الدفاع المدني، وبدأت تظهر تقارير التحذير .. لكن الشكوى مستمرة من بعض البيروقراطية، وبعض التعطيل المالي المبرر أحيانا، وغير ذلك في أحايين أخرى. والناس في كل المدن يسألون ماذا فعلت الأمانات؟ وكيف استعد الدفاع المدني؟ ومن المسؤول عنا؟ وكيف نواجه الخطر؟ .. أسئلة كثيرة، لكن الآن السؤال الكبير هو: متى يكون الحديث عن مخاطر السيول من الماضي؟

اعتبارا من اليوم تفتح «الاقتصادية» في تقارير متوالية، استعدادات الأمانات لموسم الشتاء المقبل، وكيف سيكون الوضع .. التعهدات التي تقولها الأمانات اليوم .. سنعرف مدى جديتها غدا .. عندما تدهمنا الأمطار فلن يلومنا أحد على المكاشفة وفتح الدفاتر، وحتى المسودات.. إلى التفاصيل:

## مشاريع درء السيول .. محاولة لرتق ثغرة التخطيط

#2#

* محمد الشهري من الرياض

الحديث عن استعدادات المدن السعودية للأمطار، لا يمكن أن يتجاوز عبارة ''درء السيول'' التي أصبحت ضيفا على الميزانية الحكومية خلال العامين الماضيين، وهو ما يعتبره مراقبون دلالة على استشعار بخطورة الوضع، بل ومحاولة لرتق ثغرة التخطيط الاستراتيجي في أغلب المدن السعودية خلال العقود الماضية، والذي انتج مدنا في بطون الأودية.

''والاقتصادية'' نبشت في مشاريع وزارة الشؤون البلدية والقروية (مشاريعها تخص جميع الأمانات)، خلال العامين الماضيين فتبين أن هذه المشاريع بهذه المسميات قد حظيت بنحو 6 في المائة قيمة العقود التي أعتمدتها وزارة المالية للوزارة، وذلك من خلال تخصيص 21 مليار ريال مقابل 133 مليار ريال هي ميزانية الوزارة لعامين متتالين 2010 و2011 الجاري.

ومن خلال الرصد الذي أجرته ''الاقتصادية''، فإن مجموع العقود التي وقعهتا وزارة الشؤون البلدية والقروية لمشاريع درء أخطار سيول الأمطار خلال العام الجاري 1432 وحتى تاريخ نشر هذا التقرير نحو 545.126.888 مليون ريال، موزعة على 21 مشروعا، تخص أمانة منطقة الرياض والبلديات التابعة لها بنحو تسعة مشاريع، وأمانة المنطقة الشرقية والبلديات التابعة لها بنحو بسبعة مشاريع، وأمانة منطقة مكة المكرمة والبلديات التابعة لها بنحو ثلاثة مشاريع، وأمانة منطقة المدينة المنورة والمحافظات التابعة لها بنحو مشروعين.

وبلغت قيمة العقود التي اعتمدتها وزارة الشؤون البلدية والقروية العام الماضي 1431 نحو 785.709.117 مليون ريال، وهي عبارة عن 21 مشروعا توزعت في كل من أمانة منطقة المدينة المنورة والمحافظات التابعة لها بنحو تسعة مشاريع، وأمانة منطقة الرياض والبلديات التابعة لها بنحو ستة مشاريع، وأمانة المنطقة الشرقية والبلديات التابعة لها بنحو خمسة مشاريع، وأمانة منطقة مكة المكرمة والبلديات التابعة لها بنحو مشروعين.

وشهدت المناطق الأخرى نحو 39 مشروعا، بحسب موقع وزارة المالية الإلكتروني، توزعت في كل من أمانة منطقة حائل والبلديات التابعة لها ثمانية مشاريع، أمانة منطقة عسير والبلديات التابعة لها سبعة مشاريع، أمانة منطقة جازان والبلديات التابعة لها سبعة مشاريع، أمانة منطقة الباحة والبلديات التابعة لها خمسة مشاريع، أمانة منطقة القصيم والبلديات التابعة لها أربعة مشاريع، أمانة منطقة تبوك والبلديات التابعة لها ثلاثة مشاريع، أمانة منطقة نجران والبلديات التابعة لها ثلاثة مشاريع، أمانة منطقة الجوف والبلديات التابعة لها مشروعان.

ويقول مراقبون: إن المشكلة ليست مالية بدليل هذا الحجم الكبير من المشاريع، ولكن تنفيذية وهندسية ورقابية تتمثل في أن مشاريع درء السيول غالبا تكون بعيدة عن الأنظار، إذ إن بعضها في أودية بعيدة، أو في مداخل مدن، بل إن بعضها تتعلق بتهذيب أودية أو مسارات مياه، لا يمكن ملاحظتها إلا من خلال تقنيات عالية. ويقول مختصون: إن بعض المدن الصغيرة هي وضع خطير جدا، على الرغم من أنها لم تختبر؛ ذلك أن بعضها في الصحاري وبعيدة عن المراكز الكبيرة، وبالتالي فإن آليات التحذير تكون أقل دقة، ويدللون على ما حدث في عفيف قبل عامين، حيث تعرضت لسيول كبيرة وجرت أودية عدة حولها، وكان هناك صعوبة في الوصول إليها؛ مما استدعى جهودا كبيرة من الجهات المختصة.

## 45 دقيقة تختبر الرياض قبل المواجهة.. ورقابة لـ 13 نفقًا

#3#

* عبدالله الفهيد من الرياض

في الرياض، تشكل ضخامة المدينة وتوسعها تحديا كبيرا للجهات الخدمية فيها، حيث تقع على عاتقها مسؤوليات كبيرة. وقبل عامين اختبرتها 45 دقيقة فقط من الأمطار الغزيرة التي كشفت أن بعض الأنفاق والكباري غير جاهزة لمواجهة أي طارئ من هذا النوع، وهو ما دفع إلى الاستعانة بطريقة شفط تقليدية، وهو ما أوقف حركة المرور في أجزاء من المدينة.

وتقول مصادر هندسية وتنظمية تحديث إليها ''الاقتصادية'': إن العاصمة تعاني اختلاف الجهات التي تشرف على المواقع، فمثلا بعض الطرق السريعة تابعة لوزارة النقل، بينما أخرى تابعة للهيئة العليا لتطوير الرياض، وأجزاء منها تخضع لسلطة الأمانة فيما يتعلق بالخدمات التحتية، هذا التباين يخلق حالة من عدم الاستقرار نظرا لاختلاف المعايير والمقاييس التي تطبق من مكان لآخر. سألنا أمانة الرياض عن استعدادتها لمواجهة الأمطار فقالت في رد مكتوب على تساؤلات ''الاقتصادية'' إن جميع بلدياتها وأماناتها جاهزة ومدعمة بكافة الوسائل التي تعينها على مواجهة أي طارئ يتعلق بالسيول، خاصة من ناحية تصريف السيول في الأنفاق أو غيرها.

وأشارت الأمانة إلى أنها حشدت ''المعدات والآليات والمضخات كافة اللازمة، والتأكد من جاهزية جميع الفرق بكامل طواقمها البشرية، ووضع خطة لتوزيع تلك الفرق على مواقع التجمعات المعروفة مسبقاً أو ما يستجد منها لتتم مباشرتها حال ورود ما يستدعى ذلك''.

وقالت الأمانة إنها تعمل على متابعة شبكة الأنفاق التابعة للأمانة التي يبلغ عددها 13 نفقا موزعة على مدينة الرياض، حيث تم تجهيزها بسلالم نجاة ولوحات إلكترونية جديدة، إضافة إلى تأكد جاهزية مضخاتها وقنوات التصريف بها. وأنه تم ''التأكد من جاهزية عناصر شبكة السيول من مصائد وغرف التفتيش وأنابيب وقنوات وإزالة ما يعلق بها من مخلفات مما قد يعوق تصريف مياه السيول''. هنا يمكن أن نقول إن الوضع يبدو جيدا، لكن العبرة في لحظة التنفيذ وساعات الخطر، وهو ما يستدعي آلية لتقييم الأداء خلال التجارب الماضية.

#4#

وفيما يتعلق باستخدام وسائل التقنية لمواجهة الخطر قالت الأمانة إن ''مركز طوارئ أمانة منطقة الرياض (940) يعمل بكامل جاهزيته لاستقبال بلاغات وشكاوي وملاحظات ساكني مدينة الرياض وإحالتها إلى الجهات سواءً داخل الأمانة أو الجهات الخدمية الأخرى (المرور – الدفاع المدني – وزارة النقل – شركةالكهرباء – شركة المياه وغيرها)''.

سألنا الأمانة عن التنسيق مع الجهات الأخرى فقالت عبر ردها المكتوب: إن هذا الأمر يحظى باهتمام بالغ من قبل أمينها الأمير عبد العزيز بن عياف، وفي هذا الصدد ''عقد اجتماع تنسيقي برئاسة الأمير العياف وبحضور الجهات الخدمية كافة ذات العلاقة يوم الثالث عشر من الشهر الجاري، إضافة إلى الاجتماعات التنسيقية التي تتم بين مندوبي تلك الجهات للتنسيق والتكامل فيما يخص الاستعدات لموسم السيول''.

ويترقب سكان الرياض حاليا، نتائج الأعمال التي قررت الأمانة أن تجريها يتعلق بوضع وادي السلي، هي ستعمد الأمانة إلى إعادة تطوير وتأهيل وادي السلي الذي يقطع الرياض من مطارالملك خالد الدولي شمالاً إلى خشم العان جنوباً بطول 103 كليومترات الواقعة في حدود حماية التنمية لمدينة الرياض، وذلك بعد توجيه الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض بإعادة تأهيل وادي السلي وتحديد مساره ليعود إلى طبيعته كمصرف لمياه الأمطار والسيول. ويمثل المشروع تحديا كبيرا؛ نظرا لاختلاف الطبيعة الجغرافية للوادي، حيث تعرضت معالمه للاختفاء، في الوقت الذي تقع كثير من المخططات في مساره الطبيعي، مما يستدعي نزع ملكيات لصالح المشروع، فضلا عن الافتقار إلى مجارٍ لتصريف السيول في كثير من الشوارع والأراضي الواقعة على جانبي ووسط الوادي مع عدم وجود أراض بيضاء لاستيعاب وتخرين مياه الأمطار هناك، وهو ما يؤدي لتجمع المياه واحتجازها بين الشوارع والمباني.

مواجهة الأمطار، كانت أيضا ضمن اهتمامات الهيئة العليا لتطوير الرياض، التي ضمنتها استراتيجيتها التي أعلنتها قبل شهرين، حيث أعلنت أن محور برنامج حماية وتنظيف واستغلال الأودية والشعاب، حيث يجري العمل على حماية الأودية والشعاب المتبقية في المدينة ضمن أعمال التخطيط العمراني، بما يشمل حماية الأودية الرئيسة من التعديات والتغيير، وتحديد مجاري السيول فيها.

وقالت الهيئة العليا لتطوير الرياض ''إنه تم طرح مشروع خاص بأعمال تنظيف الأودية والشعاب، حيث يتم تنفيذ إجراءات لحماية ما تبقى من الشعاب الغربية لوادي حنيفة، والإعداد للاستفادة من تجربة تأهيل وادي حنيفة لوضع برنامج لإعادة تأهيل المجرى الرئيس لوادي بنبان، وامتداده الجنوبي في وادي السلي إلى الشرق من مدينة الرياض، وصولاً إلى تحويل المجرى إلى متنزه شريطي مفتوح يخدم الأجزاء الشرقية من المدينة، إلى جانب وظيفته الأساسية المتمثلة في كونه المصرف الرئيس لمياه السيول في الجزء الشرقي من الرياض''.

الأكثر قراءة