قائد إعادة هيكلة الجهاز الحكومي بـ 20 قرارا استراتيجيا

لم تعرف أعمال الأمير سلطان بن عبد العزيز، حدودا لها لتقف عندها، حيث تميزت شخصيته (يرحمه الله) بالإنسانية وبالحنكة السياسية والإدارية، ليصل بشخصيته الفذة إلى العالم أجمع، حتى أن أصبح بكلمة حق (مؤسسة إنسانية عالمية). في هذه السطور، بحكم العلاقة بتخصصي الأكاديمي، عن جانب مهم جدا تميز به صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز (طيب الله ثراه) عن غيره من بقية قادة العالم والقادة السعوديين، وهو الجانب المرتبط بالتنمية الإدارية، وبالذات المتعلق بتنمية العنصر البشري في المملكة، وجعله عنصرا نافعا وفاعلا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، التي تعيشها البلاد. فمنذ بداية دخوله إلى معترك الحياة السياسية والإدارية، في عهد المؤسس الملك عبد العزيز (طيب الله ثراه) وتقلده لعددا من المناصب السياسية والإدارية المهمة، التي من بينها على سبيل المثال، تعيينه أميرا للرياض في عام 1947م، ثم إسناد إليه بعد ذلك عدد من الحقائب الوزارية، التي من بينها، حقيبة وزارة الزراعة، وحقيبة وزارة المواصلات، وحقيبة وزارة الدفاع والطيران، وأخيرا تعينه وليا للعهد ونائبا لرئيس مجلس الوزراء، بالإضافة إلى مسؤولياته وزيرا للدفاع والطيران والمفتش العام، وسموه (يرحمه الله)، ينبوع لا ينضب عطاؤه في مجال التطوير والتحديث الإداري، حيث قد أسهم (يرحمه الله) مع والده في إرساء قواعد نظام حكم إداري وسياسي متين للمملكة العربية السعودية، مبنيا على العدالة الاجتماعية وتطبيق شريعة الإسلام. وعند تشكيل أول مجلس وزراء في المملكة العربية السعودية، وتعيينه وزيرا للزراعة في 24 كانون الأول عام 1953م، تمكن آنذاك سموه من تنفيذ أول مشروع لتوطين البدو ومساعدتهم في إقامة مزارع حديثة، وهذا المشروع يعتبر أحد التوجهات الأساسية في مجال التنمية البشرية والإدارية للدولة في خطواتها التطويرية المختلفة.
وعندما تبنت المملكة العربية السعودية من خلال خططها الخمسية المتعاقبة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التطوير والإصلاح الإداري، وذلك بناءً على تقرير من هيئة الأمم المتحدة، والبنك الدولي - حسب رغبتها ودعوتها لذلك، كان لسموه (يرحمه الله)، دور فاعل في قيادة عدد كبير من برامج الإصلاح الإداري في المملكة، حتى وبعد أن أنشئت اللجنة العليا للإصلاح الإداري في عام 1383هـ بقرار من مجلس الوزراء الموقر.
وعندما شكّلت اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري برئاسة سموه (يرحمه الله) وعضوية عدد من الوزراء في المملكة العربية السعودية في عام 1420هـ؛ بهدف تطوير الجهاز الحكومي وتحديثه والارتقاء بمستوى أدائه وترشيد كلفته، وإعادة هيكلة أجهزة الدولة، كان لسموه الكريم (يرحمه الله)، إسهامات كبيرة وملحوظة في الارتقاء بأداء الأجهزة الحكومية المختلفة، بما في ذلك وضع خطة تنفيذية شاملة لدراسة وضع الجهاز الحكومي من منظور شامل، يركز على جوانب التنظيم، والأنظمة الوظيفية والمالية، والوظائف والموظفين؛ وذلك بهدف الارتقاء بمستوى وفاعلية تلك الجوانب، بغية تحقيق أداء متميز للجهاز الحكومي.
من بين أبرز الإنجازات العديدة، التي حققتها اللجنة المذكورة بقيادة سلطان الخير (يرحمه الله) والتي تجاوزت سبعين دراسة اعتمدت جميعها من المقام السامي الكريم ما يلي:
- إنشاء وزارة للمياه.
- تحويل الإدارة المركزية للمساحة بوزارة الدفاع والطيران إلى هيئة تسمى الهيئة العامة للمساحة.
- إنشاء شعبة للترجمة الرسمية بهيئة الخبراء.
- تحويل مصلحة معاشات التقاعد إلى مؤسسة عامة.
- فصل الإدارة العامة للسجون عن المديرية العامة للأمن العام، وجعلها مديرية عامة ذات ميزانية مستقلة.
- إنشاء هيئة عامة للرقابة الغذائية والدوائية في المملكة.
- إلغاء وزارة الأشغال العامة والإسكان، ونقل مهامها إلى وزارة الشؤون البلدية والقروية وغيرها من الأجهزة الحكومية الأخرى ذات العلاقة.
- اعتماد تعديل مسمى وزارة المعارف بحيث يكون (وزارة التربية والتعليم) ونقل مهمة التعليم من رئاسة الحرس الوطني إلى وزارة التربية والتعليم، والموافقة على الترتيبات التنظيمية لبعض جوانب التعليم العالي.
- اعتماد تعديل مسمى وزارة الإعلام بحيث يكون (وزارة الثقافة والإعلام) ونقل بعض النشاطات الثقافية من بعض الأجهزة الحكومية الأخرى إلى وزارة الثقافة والإعلام.
- نقل نشاط الآثار من وزارة التربية والتعليم إلى الهيئة العامة للسياحة، وتعديل مسماها لتكون (الهيئة العامة للسياحة والآثار).
- إلغاء وزارة الصناعة والكهرباء، ونقل نشاط الكهرباء من وزارة الصناعة والكهرباء إلى وزارة المياه، وتعديل مسماها بحيث يكون (وزارة المياه والكهرباء)، ونقل نشاط الصناعة إلى وزارة التجارة وتعديل مسماها بحيث يكون (وزارة التجارة والصناعة).
- نقل نشاط الاقتصاد من وزارة المالية والاقتصاد الوطني إلى وزارة التخطيط وتعديل مسماها بحيث يكون (وزارة الاقتصاد والتخطيط)، وتعديل مسمى وزارة المالية والاقتصاد الوطني بحيث يكون (وزارة المالية).
- تعديل مسمى وزارة البرق والبريد والهاتف بحيث يكون (وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات) وإيكال مهام تقنية المعلومات إلى هيئة الاتصالات، وتعديل اسم الهيئة إلى (هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات)، وتحويل المديرية العامة للبريد إلى مؤسسة عامة تسمى (مؤسسة البريد السعودي).
- تعديل مسمى وزارة المواصلات بحيث يكون ( وزارة النقل).
- تحويل رئاسة الطيران المدني إلى هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية مستقلة.
- فصل وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى وزارتين مستقلتين، تسمى الأولى (وزارة العمل)، وتسمى الثانية (وزارة الشؤون الاجتماعية) وإلغاء مجلس القوى العاملة.
- وضع أسس لتنظيم جوائز الدولة.
- إنشاء مركز لقياس أداء الأجهزة الحكومية بمعهد الإدارة العامة يسمى (مركز قياس الأداء للأجهزة الحكومية).
- إعادة تنظيم الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس، وتعديل مسماها إلى (الهيئة السعودية للمواصفات والمقاييس والجودة).
- وضع آلية العمل التنفيذية لنظامي القضاء وديوان المظالم.
إضافة إلى أعماله الجليلة سالفة الذكر، تولى سموه (يرحمه الله)، رئاسة أو نيابة رئاسة عدد من المجالس واللجان، التي من بينها على سبيل المثال لا الحصر، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني، ورئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية، ورئيس اللجنة العليا للتوازن الاقتصادي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها، والرئيس الأعلى للخزن الاستراتيجي، ورئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للغذاء والدواء، ونائب رئيس المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن، ونائب رئيس المجلس الاقتصادي الأعلى.
جدير بالذكر أن جميع هذه الجهات التي تولى سموه (يرحمه الله) إما رئاسة مجالس إداراتها أو نيابة الرئاسة فيها، قد شهدت تطورا إداريا ملحوظا وغير مسبوق حققت لتلك الجهات التطور والتقدم والازدهار المنشود.
خلاصة القول، إن المملكة العربية السعودية، بل العالم أجمع قد فقد رجلا عظيما بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، سواء كان ذلك على الجانب الإنساني، أم على الجانب السياسي، أم على الجانب الإداري، حيث على سبيل المثال على الجانب الإداري قد تمكن (يرحمه الله) من تحقيق عددا من المعجزات الإدارية منذ بداية دخوله معترك الحياة السياسية والإدارية، انتهاءً بتوليه (يرحمه الله) رئاسة اللجنة الوزارية للتنظيم الإداري، التي قد حققت إنجازات إدارية عديدة في مجال التطوير والتحديث الإداري لأجهزة الدولة بقيادته (يرحمه الله)، وستبقى تلك الإنجازات محفوظة، بل محفورة في ذاكرة التاريخ السعودي المعاصر بماء من ذهب ولن تنساه الأجيال الحاضرة ولا القادمة على مدى التاريخ.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي