سلطان.. محطات مهمة في الخير

إذا فقدت أي أمة مسؤولاً بحجم الأمير سلطان بن عبد العزيز فإنها تحزن كثيراً ولكن فقيد بلادنا والأمة العربية الإسلامية كان مجموعة رجال في رجل.. فهو لم يكن سلطان الخير كما عرف فقط .. وإنما كان ــ يرحمه الله ــ مسؤولاً متابعاً وصاحب قرار حاسم في جميع المناصب الوظيفية المهمة التي تقلدها.. كما كان رجل الحرب والسلام .. فإذا دقت طبول الحرب شاهدناه يعتلي سيارة مكشوفة ويتجول على الجبهات.. مما يبعث الاطمئنان في نفوس مواطنيه قبل جنوده كما حدث إبان حرب الخليج وغيرها من الأحداث.. فإذا حل السلام كان أول من يصافح ويسامح وينهي قضايا الخلاف مع الجيران والأشقاء بأريحية وابتسامة لا تفارق محياه .. وفي المحافل الإقليمية والدولية كان صاحب علاقات واسعة وحضور مميز في اجتماعات عربية وإسلامية وعالمية.
لن أتحدث عن الأعمال الخيرية لفقيدنا الكبير لأن الصفحات لن تستوعب تفاصيل هذه الأعمال التي غطت جميع النواحي الإنسانية من المحتاجين إلى أصحاب الاحتياجات الخاصة والأيتام والمنكوبين في العالم أجمع .. لكنني سأتحدث عن جوانب متخصصة من الأعمال مثل دعم كراسي وبرامج وجوائز البحث العلمي التي بلغت العشرات في جامعات المملكة وفي دول عربية إسلامية وبعض الجامعات الأجنبية، وتغطي تلك الكراسي والبرامج تخصصات مختلفة من الدراسات الإسلامية إلى تعليم اللغة العربية إلى علم الاجتماع إلى بحوث الطاقة والمياه وهندسة البيئة والمياه والحياة الفطرية.. وغيرها من العلوم الإنسانية.
أما مجال العمل الوظيفي فلقد عرف ــ يرحمه الله ــ بالدقة والمتابعة وقراءة المعاملات قراءة متأنية ثم الشرح عليها بخط يده شرحاً وافياً لا يقبل اللبس أو التأويل.. كما كان حريصاً على أن يسمع من صاحب المعاملة مباشرة أية تفاصيل يريد إضافتها.. وذلك في المجلس المفتوح له منذ أول عمل تقلده أميراً للرياض عام 1366هـ وحتى قبيل سفره الأخير للعلاج، ولم يؤثر في أسلوبه ومتابعته علو المنصب أو الظروف الصحية. ولعلي وأنا أتحدث عن متابعة فقيدنا الكبير لقضايا الوطن أذكر موقفاً كنت طرفاً فيه، حيث كتبت في هذه الجريدة قبل نحو ست سنوات مقالاً عن جامعة أهلية كان من المفترض أن تؤسس في المملكة برأس مال سعودي وأساتذة وطلاب سعوديين لكن التعقيدات الإدارية حالت دون ذلك، وعلى الرغم من أن المقال نشر يوم الخميس وهو يوم عطلة رسمية كما هو معروف، فقد اتصل مكتب سمو ولي العهد بالجريدة ثم بالكاتب ليسأل عن الموضوع لأن سموه قرأ المقال ويريد معرفة المزيد من التفاصيل وفعلاً تم تزويدهم بها.. فأصدر سموه أمراً عاجلاً لوزارة التعليم العالي ولوزارة المالية لتسهيل إنشاء الجامعات الأهلية ودعمها بالقروض الميسرة وهكذا كان.
وأخيراً: هناك مواقف إنسانية للفقيد لا يمكن أن تنسى منها إصراره وقسمه بأن يقبل رؤوس بعض الجنود المصابين في معركة للدفاع عن الوطن وسؤاله لأطفالهم عن طلباتهم وممازحتهم ولا زالت هذه الصورة مرسومة في أذهان المواطنين.. رحمك الله يا أبا خالد.. وأسكنك فسيح جناته أنه سميع مجيب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي