ساعته ومسبحته وقلمه .. هدايا سلطان للمتفوقين

ساعته ومسبحته وقلمه .. هدايا سلطان للمتفوقين

لعل أبرز ما سيتذكره السعوديون عن صانع الجيوش والرجال الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز، تلك اللمسات الإنسانية والتاريخية التي يفضل فيها أن يبدي إعجابه بأحدهم من المتميزين بإهدائه قلما أو ساعة أو مسبحة كانت قريبة منه وعزيزة عليه، ففضل أن تكون عنوان إعجاب يستذكره به المتفوقون.
ليس للمتميزين عنوان لدى سلطان بن عبد العزيز فكل السعوديين عنوانه، بينهم العسكري واللاعب والطالب، بل وحتى السياسي، وليس انتهاء بالأطفال.
فتارة يقدم ساعته لطالب عسكري تفوق على نظرائه، وأخرى للاعب كرة قدم نال إعجابه، وثالثه ليتيم أراد مواساته أو معاق أراد رفع معنوياته أو لسياسي رأت حكمة سلطان أنه يستحق التقدير الشخصي.
على الصعيد السياسي، قدم الأمير سلطان ـ رحمه الله ـ على سبيل المثال وليس الحصر، مسبحته للرئيس اليمني علي عبد الله صالح عندما زاره في مقر إقامته في المغرب العام قبل الماضي، كما أهدى سلطان الخير مسبحته أيضا للشيخ محمد صباح السالم الصباح وزير خارجية الكويت إبان زيارته له في مقر إقامة ولي العهد ـ رحمه الله ـ في مدينة مراكش المغربية.
في حين يتذكر الإعلاميون في المحافل العسكرية التي يشرفها الأمير سلطان، تلك اللمسات التي اختص سلطان نفسه بها، إذ لا تكاد تمر مناسبة هو راعيا لها إلا وقد قدم ما تجود به نفس من العطايا، حيث كان يقدم للطالب العسكري المتفوق نصيبا من مقتنياته الشخصية، وذلك في بادرة تشجيعية من قبل سلطان الخير لتشجيع أبنائه العسكريين للذود عن وطنهم ومقدراته، وتحفيزهم على العطاء في مسيرة عملهم.
وفي موقف تقديري، قدم سلطان الخير ساعته الشخصية لأحد أبنائه المتفوقين، وذلك في حفل تخريج الدورة السابعة والسبعين من طلبة كلية الملك فيصل الجوية، بعد أن نال الطالب الطيار ثنيان بن سعد السبيعي جائزتي سيف الشرف والعلوم الأكاديمية، وذلك في لفتة وفاء غير مستغربة من لدنه، حيث يحرص ـ رحمه الله ـ دائما على تكريم يكرم المتفوقين في جميع المجالات.
ومن مكارم سلطان الخير، تقديمه في عام 1991 ساعته الشخصية للطيار الحربي السعودي العميد عايض بن صالح الشمراني كهدية بعد نجاحه في إسقاط طائرتين من دولة مجاورة اخترقتا حدود المملكة خلال حرب الخليج الثانية. لا يقف الأمر عند العسكريين، فالصبي اليتيم أو المعاق عاشوا تلك اللحظات الجميلة مع سلطان الخير، فكانت يده تمسح على جبينهم والأخرى تقدم لهم إما ساعته أو قلمه أو مسبحته، بعد أن قبل رؤوسهم وداعبهم بأبوة حانية، وذلك في موقف إنساني لتشجيع تلك الفئة من المجتمع للتغلب على ظروف الحياة ومساندتهم في شق طريق المستقبل. فهؤلاء الأطفال، إن كبر بهم الزمن فلن ينسوا تلك اللحظات التي قدمتهم للحياة من منظور مختلف يسوده التفاؤل ويلفه الطموح والإصرار والعزيمة.
فإذا عدنا بالذاكرة للوراء، فليس منا كسعوديين من ينسى موقف الأمير سلطان مع أحد الأطفال من دولة اليمن الشقيقة، حين قدم بين يديه قصيدة تذكر مكارمه ونبل أخلاقه، حيث سردها الصبي اليمني ببراءة الأطفال وبموقف الكبار، لينال إعجاب من كانوا في ديوان ولي العهد، فما كان من الأمير سلطان فور انتهاء الصبي من قصيدته إلا ممازحته وتقبيل جبينه، ليسأله بعد ذلك عن مطالبه، ليكتب القدر فصلا من فصول الحياة الهنيئة له ولأسرته الكريمة بفضل الله ثم بفضل سلطان.
ولا ينتهي الحديث عن مآثر سلطان ومواقفه مع الأطفال عند تقديم مقتنياته الشخصية فحسب وإنما تجاوزه لعلاجهم على نفقته الخاصة، فما كان من الطفل عبد الله بن عادل الجريد إلا أن يخط بيده على الثلج ''بابا سلطان''، وذلك عقب نجاح العملية الجراحية التي أجريت له في الكلى، حيث تمت إزالة الكلية اليمنى، نظراً لتلفها، بالإضافة إلى تفتييت الحصوات الموجودة في الكلية اليسرى. ولا يأتي ما خطته أنامل الصبي عبد الله الجريد إلا تعبيرا عن فرحته وحبه وولائه لهذا الرجل الذي عاد له الأمل ـ بعد الله ـ للحياة.
لاعبو كرة القدم حظوا أيضا بكرم الأمير سلطان، فها هو مهاجم الأهلي سابقا ولاعب النصر حاليا مالك معاذ، يحظى بتقدير وتكريم خاص من راعي المباراة الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد، حين تقدم النجم الأهلاوي لاستلام ميداليته الذهبية من يد (سلطان الخير)، إذ خص ولي العهد اللاعب بإشادة خاصة وثناء على مستواه، ليقدم له بذلك قلمه الخاص كهدية للاعب مالك معاذ. فما كا ن من اللاعب مالك معاذ بعد أن غادر منصة التتويج إلا العيش في قمة الفرح بهدية سلطان الخير التي ازدانت بالميدالية الذهبية التي توجه بها ولي العهد ـ رحمه الله ـ.
وما كان لقب سلطان الخير من باب المصادفة أو المحاباة، بل كان لإنجازاته وإسهاماته الواضحة في المجتمع، وما أعماله الخيرية في الداخل والخارج إلا شاهد على ذلك، حيث حظي سجل الراحل بالعديد من الأعمال الخيرية، ومن أبرزها تأسيس مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية، مدينة سلطان للخدمات الإنسانية، برنامج سلطان للاتصالات الطبية والتعليمية (مديونت)، مركز سلطان لعلوم التقنية (سايتك).

الأكثر قراءة