سلطان ... السبق الأول

قبل ما يزيد على 20 عاما، كنت طالبا في الصفوف الجامعية الأولى في قسم الإعلام. كنت حينها أتعاون مع صحيفة المسائية التي كان يرأس تحريرها الأستاذ عبد العزيز العيسى عضو مجلس الشورى الحالي. في لحظة ما، وجدت نفسي مع الصديق عبد الرحمن العبد القادر عضوين صغيرين في اللجنة الإعلامية ضمن مجموعة من الطلاب في مؤتمر حول تاريخ الملك عبد العزيز. اتفقت والزميل عبد الرحمن أن نخوض تجربة إجراء حوار مع الأمير سلطان -يرحمه الله - باعتباره من أبناء المؤسس. امتطينا سيارتنا واتجهنا إلى مقر وزارة الدفاع والطيران. دلفنا من البوابة. كان منظرنا كشابين ضئيلين لافتا.
وصلنا إلى مكتب الأمير سلطان، واستقبلنا حينها مسؤول في مكتبه. جلس معنا وأنصت بهدوء، ثم اعتذر عن عدم وجود فرصة للقاء بالأمير وقتها، إذ إنه في مهمة خارجية، لكنه طلب منا بكل جدية كتابة الأسئلة التي نريد طرحها على الأمير. أحضر لنا الأوراق والقلم وكتبنا أسئلتنا للأمير.
عندما خرجنا من المبنى، كنا على يقين أن مهمتنا ستنجح. بعد بضعة أيام، عاد الأمير سلطان إلى الرياض، وفوجئت وأنا في قاعة المحاضرات بمسؤول في الكلية يأتي مندفعا ويطلبني والأخ عبد الرحمن ويسألنا: ماذا فعلتم؟ جاءني اتصال من وزارة الدفاع يطلب حضوركما فورا؟
وقتها لم يكن عصر البيجر والجوال قد أضاء العالم. واتجهنا إلى الوزارة. حيث كنا والأخ عبد الرحمن على وعد مع السبق الأول في حياتنا.
في الصحيفة، التقانا رئيس التحرير في صالة التحرير، كان يجري اللمسات الأخيرة على الصفحة الأولى التي تصدر طبعتها الأولى الثانية عشرة ظهرا. التفت إلينا وهو يسأل سؤاله المعتاد بهدوء: ماذا لديكم؟ كان الجواب: أجرينا حوارا مع سلطان بن عبد العزيز. توقفت عجلة الطباعة، انتظارا للخبر الذي سيحمل اسم الزميل عبد الرحمن العبد القادر واسمي. كانت لمسة إنسانية لطيفة من الأمير الإنسان الذي رأى في هذين الشابين الضئيلي الجسم شيئا ما فمنحهما السبق الأول في حياتهما. لم يصدق كثير من الزملاء وقتها أن حوارنا مع الأمير سلطان تم بهذه البساطة.
رحم الله الأمير سلطان بن عبد العزيز وأسكنه فسيح جناته.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي