سلطان الفروسية وسلطان السلام
الحمد لله الذي جعل لكل أجل كتاب وله ما أخذ وما أعطى، رحل الأمير سلطان بن عبد العزيز فعزاؤنا لمقام خادم الحرمين الشريفين القائد الأعلى للقوات العسكرية كافة ــ أيده الله بنصره ــ وللشعب السعودي الكريم ونسأل الله له المغفرة والرحمة.
برحيل الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، تطوى صفحة مهمة في تاريخ المملكة العربية السعودية عنوانها سلطان بن عبد العزيز الذي ترأس وزارة الدفاع ما يقرب من نصف قرن من الزمان تعرضت فيه المملكة للعديد من الأزمات العسكرية.
في بداية الستينيات أسندت وزارة الدفاع للأمير الشاب سلطان بن عبد العزيز وسط حقبة سوداء في تاريخ الأمة العربية لا تزال تعانيها إلى يومنا هذا، وما مقتل الديكتاتور معمر القذافي ونهايته البائسة إلا ورقة من صفحاتها الأخيرة. تلك الحقبة السوداء تمثلت في نفوذ القومية العربية القائمة على كذبة الاشتراكية وكانت الشعارات البراقة كافية لتضليل الشعوب العربية ضعيفة الثقافة والوعي آنذاك وقيادتها في الشوارع تهتف بحياة الزعماء لابسي البدل العسكرية المثقلة بالأوسمة والنياشين. في تلك الفترة تعرض جنوب المملكة للقصف فكان على الوزير الشاب معالجة الأمر، حيث كان لحنكته العسكرية الأثر الفعال في الحصول على الطائرات المقاتلة الأكثر فاعلية. كانت عملية ميدنة الطائرات في مناطق جبلية وعرة من أصعب المهام وكان لنبوغ وكفاءة الطيارين السعوديين الأوائل الأثر الكبير بعد الله ـــ سبحانه وتعالى ـــ في دحض المعتدي وعودة المدن والقرى الجنوبية لحياتها الآمنة.
أثر هذا النزاع العسكري المبكر على فكر الأمير الشاب فتبنى استراتيجية مبكرة اعتمدت على تملك التفوق النوعي للسلاح مهما كلف مع تأهيل القوة البشرية السعودية القادرة على استخدامه، كما اعتمدت على إنشاء مدن عسكرية متكاملة على أطراف المملكة المترامية.
كان الجندي السعودي ضابطا وفردا الهم الأول لوزير الدفاع الأمير سلطان، فكان يتبنى المشاريع المتكاملة التي تشمل منظومات الأسلحة والمرافق والإسكان وجميع متطلبات الحياة للجندي. ومن القصص المشهورة عنه ــ رحمه الله ــ أنه في إحدى جولاته على مرافق مدينة عسكرية تنبه إلى أن وحدة عسكرية تتخذ من طرف المدينة العسكرية مرافق عمل لها فأمر بإنشاء فيلات سكنية خاصة بالقرب من ذلك المرفق لتسهيل حياة الضباط والأفراد.
تميز الأمير سلطان ـــ رحمه الله ـــ بابتسامته المشهورة وبشاشة محياه ولين قلبه وعطفه، حيث لا يرجع من وصل إليه إلا راضيا، فنسأل الله له الرحمة والمغفرة.