النقيب العلي يروي لـ "الاقتصادية" قبلة سلطان وتفاصيل الزيارة

روى لـ «الاقتصادية» النقيب فهد مشعل ممدوح العلي أحد مصابي رجال القوات المسلحة في أحداث الحدود الجنوبية تفاصيل زيارة الأمير سلطان بن عبد العزيز (رحمه الله) له في مستشفى القوات المسلحة في الرياض، والحوار الذي دار بينهما وظهر على شاشات التلفزيون عندما رفض العلي انحناءة الفقيد ليقبل رأسه، ورد الأمير سلطان عليه.

وقال العلي مدرب الصاعقة في القوات الخاصة في تبوك، الذي أصيب في مواجهة مع الحوثيين في الخوبة برصاصة في يده اليسرى وإصابة بليغة أخرى في الترقوة لكتفه الأيسر لتخترق لوح الكتف، "إن تفاجئي بالزيارة لم يكن محض صدفة، وذلك لأن القائمين على المستشفى أبلغونا قبلها بدقائق بأن مسؤولا كبيرا في القوات المسلحة سيزورنا، فكنت مستبعدا أن يكون الأمير سلطان، ولا سيما أنه لم يمكث يوما أو يومين من فترة النقاهة التي قررها له الأطباء بعد عودته للبلاد من الرحلة العلاجية".

وزاد النقيب العلي:"وما هي إلا لحظات من خروج منسوبي المستشفى الذين أبلغونا بالزيارة، كنت حينها مستلقيا، فإذا بالأمير سلطان يدخل علي ومن كان برفقته، ويتحمد ويدعو لي بالسلامة، في تلك اللحظات أنا لم أصدق ما أراه واقعا، فإذا بالأمير يقترب مني ويطلب مني أن يقبل رأسي فرفضت.. فردد علي ـ رحمه الله ـ ثلاثا ("ولا كلمة، ولا كلمة، ولا كلمة")، كما أنه أقسم إلا أن يقبل رأسي.. ففعل".

وأضاف أن والده في تلك اللحظات كان بجوار ولي العهد ـ يرحمه الله ـ ويقول لي: يا فهد لا تتعب الأمير سلطان، حين رفضت أن يقبل رأسي، فما كان مني إلا أن أنزل عند رغبة الفقيد ـ رحمه الله ـ.

#2#

وأوضح النقيب فهد أن الأمير سلطان قال له:" أن ما قمت به وزملاؤك ما هو إلا شرف وعز لكم في الدنيا والآخرة". وأردف النقيب فهد أن الراحل قاله له:"ماذا تريد..وما ينقصك"؟ فرددت عليه: لا ينقصني إلا سلامتكم ومشاهدتك بصحة وعافية، لكن لي طلب وكنت يا سيدي حينها أشير إلى كبار الضباط المرافقين معه بأن تبلغهم أن يسمحوا لي بالعودة إلى الجبهة بجبيرتي لأقاتل مع زملائي"، فما كان من الأمير سلطان إلا أن ضحك.

وأسهب العلي في حديثه بالقول:"إن الأمير سلطان سأله بعد مغادرة الكاميرات هل قصر الأطباء في علاجك؟ فأجبته بـلا، ليعاود السؤال مرة أخرى. فأجبته بلا أيضا". وهذا لهو دليل واضح على اهتمامه ـ يرحمه الله ـ بأبنائه أفراد وضباط القوات المسلحة.

وأوضح النقيب فهد العلي الذي ترقى أخيرا إلى رتبه رائد، أنه شارك في أحداث الخوبة بعد مكاتبات ووساطة بعض قادة القوات المسلحة للسماح له بالمشاركة في الخوبة، ولا سيما أن طبيعة عمله كمدرب صاعقة لا تتطلب منه المشاركة في المواجهات العسكرية إلا في الحالات القصوى".

وزاد العلي أن إصابته في الترقوة واليد اليسرى، سبقتها إصابة أخرى في الرأس، حيث نقل على أثرها للمستشفى الميداني للخوبة، وأجريت له عملية جراحية من ثماني غرز ليعطى بعدها راحة مرضية لمدة أسبوعين، قابلها الرائد العلي بالرفض والمشاركة والعودة من جديد لأرض الميدان ليصاب بعد ذلك أثناء مشاركته لزملائه في مواجهة مباشرة مع الحوثيين في الكتف واليد اليسرى.

#3#

وأوضح العلي ذو الـ27 عاما والذي حصل على المراكز الأولى في دورتي معلم تكتيك الصاعقة والخرائط في كل من فرنسا والولايات المتحدة ، بالإضافة إلى حصوله على مراكز متقدمة في دورات داخلية وخارجية كدولتي مصر وبريطانيا، أنه بعد إصابته الثانية نقل هو ثلاثة من زملائه بواسطة طائرة إخلاء طبي إلى مستشفى القوات المسلحة في الرياض ، مشيدا في الوقت ذاته بما قام به الطاقم الطبي في مستشفى صامطة من سرعة في إنهاء إجراءات نقل المصابين وتقديم كافة الخدمات الطبية لهم أثناء إقامته في المستشفى.

من جهته، قال لـ«الاقتصادية» الدكتور مشعل العلي عضو مجلس الشورى (والد النقيب فهد العلي) إنه بعد خروج ولي العهد ـ رحمه الله ـ من زيارة ابني، قلت له لماذا تشق على نفسك وأنت ما زلت في فترة النقاهة العلاجية، ولا سيما أن الأطباء نصحوا بعدم الإكثار من الحركة.. فرد عليه الأمير سلطان ـ والحديث للعلي ـ أن كل قطرة دم من أبنائنا تسوى أرواحنا".. فكيف لا أزورهم"، وذلك في لفتة إنسانية وأبوة حانية غير مستغربة من لدنه ـ يرحمه الله ـ.

وزاد الدكتور مشعل أنه في أحد أحاديثه مع الفريق الركن عبد الرحمن بن عبد الله المرشد قائد القوات البرية آنذاك، إذ أبلغه الفريق بأنه قال للمسؤولين الأمريكيين القائمين على دورة الصاعقة التي عقدت في أمريكا وحاز فيها النقيب فهد العلي على المركز الأول على جميع نظرائه من مختلف الجنسيات، إنه سوف يلتحق بهذه الدورة شاب سعودي يثبت لكم قدرة وقوة الجيش السعودي كنموذج عصري في المهارة والفنون القتالية وتحدي الصعاب.

في حين يفكر الرائد فهد العلي خلال هذه الفترة في إكمال دراسة الماجستير في تخصص القانون، وذلك للسعي أيضا لإكمال الدكتوراه في التخصص ذاته.

وتأتي زيارة الأمير سلطان ـ رحمه الله ـ لأبنائه ضباط وأفراد القوات المسلحة الذين تلقوا علاجهم في مستشفى القوات المسلحة إثر تعرضهم لإصابات أثناء أدائهم الواجب في تطهير الحدود الجنوبية للمملكة من المتسللين المسلحين من منطلق حرصه واهتمامه ـ رحمه الله ـ بأبنائه ضباط وأفراد القوات المسلحة الذين يضحون بأنفسهم في سبيل الذود عن الوطن.

وفي أثناء تلك الزيارة نقل ولي العهد ـ رحمه الله ـ لأبنائه ضباط وأفراد القوات المسلحة تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود وتمنياته لهم بالشفاء العاجل.

مشيدا في الوقت ذاته ببسالة أفراد القوات المسلحة في عمليات المواجهة وأدائهم واجبهم تجاه دينهم ومليكهم ووطنهم.