اهتمامات سلطان الثقافية.. أنتجت أضخم عمل موسوعي عربيا

اهتمامات سلطان الثقافية.. أنتجت أضخم عمل موسوعي عربيا

تعد الثقافة أحد الجوانب الحاضرة عند ذكر سيرة الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - بصفته مبادراً إلى دعم وتشجيع الإبداع والمبدعين، يرعى المواهب ويؤازر بمواقفه العملية النهضة الثقافية والعلمية في أرجاء الوطن. وبصفته إنساناً نشأ وترعرع وعشق هذه الأرض، وما فيها من كنوز القيم والمكارم والأعراف، أميناً مخلصاً لتاريخها المقبل من فيض أنوار العقيدة الإسلامية السمحة، ومن شهامة شمائل أخلاقها العربية الأصيلة.
الأمير سلطان كان قائدا إنسانا، ظل على رغم مشاغله الجسام، حريصاً على أن يكون موقعه الرسمي والشخصي في المؤسسة الخيرية التي تحمل اسمه، غيوراً على إرث وتاريخ وثقافة هذا البلد، وتمكينه من سجل المعارف والعلوم قولاً وإنتاجاً وعملاً، لذا شرف السعودية بمشاريع ثقافية ثلاث، أصبحت ملء السمع والبصر، واقعاً تعمد للرجوع إليه الجامعات والمعاهد، كما لا غنى للباحثين وسائر القراء عنها، تمثلت في الموسوعة العربية العالمية، وموسوعة الملك عبد العزيز آل سعود وفترة حكمه في الوثائق الأجنبية، وموسوعة الثقافة التقليدية في المملكة العربية السعودية.
تبنى الأمير سلطان - رحمه الله - تمويل مشروع الموسوعة العربية العالمية، مثبتاً أن جهوده لا تقتصر على النواحي الإنسانية وأعمال الخير فحسب، وأمكن تحويل هذا الأمل إلى عمل، لمحاولة سد النقص، وليكون مرجعا متكاملاً لمختلف المجالات المعرفية، ومعيناً للسواد الأعظم من الناطقين بالعربية. ولإخراج مثل هذا العمل، تمت مراجعة موسوعات عالمية باللغة الإنجليزية، ووجد أن النسخة الدولية من دائرة المعارف العالمية (موسوعة الكتاب العالمي)، تتميز عن غيرها من الموسوعات.
ولتدارك بعض العيوب فيها، مثل إغفالها بعض الموضوعات والقضايا العربية والإسلامية الأساسية، إذ تمت مواءمة موضوعاتها، وإضافة البعد الغربي والإسلامي إليها، والإبقاء على المواد العلمية الواردة مع التنقيح، إضافة إلى تأليف مواد عربية وإسلامية جديدة، وذلك ضمن خطط مدروسة في التأليف والترجمة، والتنقيح والمواءمة، والتحرير والمراجعة، والإخراج. الهدف من القيام بجميع هذه الأعمال محاولة إخراج عمل علمي متوازن من الناحية العلمية والعربية والإسلامية مع عدم إغفال البعد العالمي.
وقد أعدت المعلومات في هذه الموسوعة العربية العالمية على أسس عدة، تمثل منهج الموسوعة في النظر إلى القضايا والمعارف كافة، سواء المترجمة أو المؤلفة، وحرصت هيئة تحرير الموسوعة على تصنيف موادها بصورة تيسر للقراء الوصول إلى المعلومات التي يبحثون عنها، وذلك بترتيب المقالات والإحالات الرئيسة وفق الترتيب المعجمي العربي، وبتصميم المداخل بصورة تعين القارئ على الاستيعاب، مع وضع كشاف شامل في مجلدين مستقلين من الموسوعة. روعي في تحرير مواد الموسوعة، أن تتم صياغة المعلومات بأسلوب واضح ومباشر، ومن هنا، فقد استخدمت الألفاظ العربية الشائعة، التي يفهمها القراء على اختلاف مستوياتهم الثقافية والتعليمية، وذكرت المصطلحات الفنية عند الحاجة فقط، وشرحت في المقالة، كما عمدت الموسوعة إلى استخدام الجمل القصيرة، وتجنب الجمل والتراكيب والعبارات التي يمكن أن تعود فيها الضمائر على أكثر من ذات أو شيء أو حدث، تجنباً لغموض المعنى أو اضطرابه. وعنيت أشد العناية بضبط وتوثيق الآيات القرآنية، توثيقاً دقيقاً يعتمد على اتخاذ قواعد الإملاء العربي معياراً لكتابة الآيات.
الموسوعة لا تزال تحصد ثناء واستفادة الجمهور العربي، منذ طبعتها الأولى عام 1996م، مروراً بطبعتها الثانية عام 1999م، بتمويل ذاتي وسخي من الأمير سلطان. ولم يمنع الثناء على هذه الموسوعة القائمين على أعمالها من العمل الصامت البعيد عن الضجيج الإعلامي، وروتين المؤسسات المعتاد، لخلق رسالة متفردة تسهم في تعليم أفضل وثقافة أشمل، في عصر تقنية المعلومات.
لقد قدمت المؤسسة ولأول مرة في تاريخ اللغة العربية والتعليم العربي والإسلامي، بين أيدي منسوبي ومنسوبات التعليم العام والعالي، وفئات وشرائح المجتمع من متعلمين ومثقفين وإعلاميين ومهنيين، مرجعاً علمياً رقميا (إلكترونياً)، شاملاً ومتنوعاً وعاماً باللغة العربية في نحو نصف مليون صفحة حاسوبية، يحوي ما يقارب 150 ألف مادة معرفية في جميع العلوم والفنون والتخصصات، ونحو 24 ألف عنوان ومدخل رئيس، و20 ألف صورة إيضاح تعليمي، وجدول إحصائي وعرضاً تفصيلياً لحياة ما يقارب ستة آلاف شخصية كان لها حضورها المعرفي والاجتماعي والفني والسياسي. أو شخصيات مشهورة بإنتاجها العلمي، والعديد من قواعد البيانات المتنوعة، وطرائق البحث السهلة والسريعة.

الأكثر قراءة