الراحل الكبير بدأ بإيقاف هدم «الأصيفرين».. وانتهى بـ «منح أراضي حائل»

يمكن قراءة القرارات والتوجيهات التي أصدرها ولي العهد السعودي الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - منذ توليه هذا المنصب في صيف عام 2005 مطلع آب (أغسطس) على اتجاهين أولهما إداري بحت يتعلق بشؤون المؤسسات الخاضعة مباشرة لإدارته، وثانيهما ما يتعلق بشؤون مؤسسات أخرى يؤثر فيها الرجل باعتباره رمزا يضاف إلى رمزية الملك في قلوب المواطنين والمسؤولين على حد سواء. وكمثال بارز، وجّه الأمير الراحل بعد أسابيع قليلة من توليه مسؤوليات ولاية العهد بإيقاف الهدم الحاصل في جبل الأصيفرين في الحرة الغربية من المدينة المنورة باعتباره معلما تاريخيا. وكان سكان حي الأصيفرين قد اشتكوا من بدء عمليات الهدم والتكسير للجبل المطل على منازلهم وطالبوا بالإبقاء على الجبل الذي يمثل إرثا تاريخيا، فكان التوجيه المتفهم لمطالب الناس والمبقي على مصالح المستثمر في الوقت ذاته، إذ تم الإيعاز بتعويض صاحب الأرض بمنحة أخرى في موقع آخر. وإن كانت تلك القصة في بداية عهد الأمير الراحل كولي للعهد، إلا أن توجيهاته - رحمه الله - ظلت تحمل السياق الإنساني ذاته وتزداد دفقا مع مرور الوقت إذ شهدت الأيام الأخيرة لعهده تبرعا سخيا عبر التوجيه بتخصيص مساحة واسعة من الأرض شمالي حائل لإسكان أهالي عروس الشمال. وأعلن الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبد العزيز وزير الشؤون البلدية والقروية في أيار (مايو) الماضي عن الانتهاء من تخطيطها كاملة.
وخصص من خلال الأرض الممنوحة من ولي العهد الراحل 34 ألف قطعة سكنية لتكون بداية فعلية لشكل جديد من التعامل مع أراضي المنح وتوزيعها التي صدر بشأنها قرار رقم (5) في عام 1431هـ من مجلس الوزراء ينص على أن الأراضي التي توزع يجب أن تكون مطورة ومخصصة للإسكان بحسب ما أوضح الأمير منصور بن متعب في حينه الذي قال :" إن ملايين القطع من المنح السابقة غير المطورة كانت قد وزعت في السابق ولم يستفد منها المواطن، بل تم بيعها واستفاد منها فقط القطاع العقاري". وفي الجانب الإداري البحت، كانت من أول مهام الأمير سلطان بن عبد العزيز كولي للعهد هي مواكبة التوجهات الجارية في استحداث نظام جديد للطيران المدني وأخذ موافقة مجلس الوزراء على تحويل رئاسة الطيران المدني إلى هيئة عامة، وقال الأمير سلطان بن عبد العزيز حينها: "إن الهيئة العامة ستكون ذات شخصية اعتبارية واستقلال مالي وإداري، تدير أعمالها وفق معايير تجارية لمواكبة التوجهات العالمية في صناعة النقل الجوي"، وعلل ذلك إلى الاستجابة لمتطلبات صناعة النقل الجوي كونها تتصف بالديناميكية والمتغيرات المتلاحقة. وفي الجانب ذاته الذي شهد أبرز إنجازات الأمير الراحل وهي صناعة الطيران المدني التي وصلت في وقت من الأوقات إلى مراتب عالية، كان آخر مشاهد العمل الدائم على تطوير هذه الصناعة هو توقيع ولي العهد الأمير سلطان - رحمه الله - عقود تطوير مطار الملك عبد العزيز في جدة بتكلفة بلغت نحو 27 مليار ريال في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أي قبل أقل من عام.