روايات الكرم لا تتوقف.. أوقف موكبه لمعوق ومنح والدته منزلا

روايات الكرم لا تتوقف.. أوقف موكبه لمعوق ومنح والدته منزلا
روايات الكرم لا تتوقف.. أوقف موكبه لمعوق ومنح والدته منزلا

لن تتوقف الروايات عن كرم الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز، الذي امتدت لتشمل كل شبر في أرجاء وطنه الغالي، وإذا كان الأمير سلمان بن عبد العزيز هو من أطلق عليه لقب "مؤسسة خيرية متنقلة"، فإنه لا شك لم يأت إلا بدراية كاملة لخفايا يديه المعطاءتين، التي جعلت من أفعال السر تظهر لدرجة يصعب معها الحصر.

يروي منصور محمد العمري مدير العلاقات العامة للشؤون الخاصة لمكتب ولي العهد الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز، أنه كان يسمع كثيرا عن كرم الفقيد، إلا أنه حين عمل معه قرابة السنوات الخمس عرف أن ما يسمعه أقل بكثير من الحقيقة، واصفا إياه بأنه رجل لن يتكرر، يقول الراوي: "عندما كان الأمير سلطان في موكب وشاهد امرأة مع ابنها المعوق الذي يبلغ عمره 20 سنة، فأوقف موكبه ليسألها عن حالها، وعندما أخبرته أمر بشراء بيت لها وتأثيثه ومبلغ شهري".

ويضيف العمري أن ما يميز الأمير الراحل أنه كان لا يكتفي بالأمر، بل يتابع ما حصل ووجه به، ويطلب موافاته بالتفاصيل وكأن الأمر يخصه هو شخصيا لا يخص أحدا لا يعرفه، وكان دائما يردد للعاملين معه مقولة "خدمة الإنسان عمل مستحب ديناً ودنيا، لأنّه لله- سبحانه وتعالى- وهو الذي يبقى، ولا يزول أبداً، والله- سبحانه وتعالى- يجازي الذين ينفقون أموالهم في السراء والضراء بدون أن ينتظروا منحة أو كلمة أو حتى شكراً".

#2#

واسترسل العمري أن الأمير سلطان كان يخص المطلقات والأرامل بعطاياه فاتحا مجلسه كل يوم أحد ليستقبل الطلبات، ولا يرد أحدا مما يجعله يعتبر أن خسارته خسارة لكل بيت وأسرة، وليس فقط لعائلته والمقربين منه، فرسائل التعزية كانت تأتي من الخارج قبل الداخل ومن السيدات والأطفال قبل الكبار.

ويضيف لا تزال قصة النمل، كما يسميها، شاهدة على أعمال الخير خارج البلد، فبينما اكتفى البعض بالتأثر لمشاهدة صورة المرأة المسنة في صحراء النيجر تحفر بيوت النمل، لتأخذ منها ما خبّأته من حبوب لتأكلها مع أولادها من شدة الجوع، وحده ولي العهد أمر على الفور بتشكيل فريق لدراسة وضع تلك المرأة ومعرفة ما يمكن فعله تجاهها، هي ومن في مثل حالتها، فكان ميلاد لجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز الخاصة للإغاثة، التي أمر بتكوينها لتقديم المساعدات الإغاثية العاجلة لمتضرري المجاعة في النيجر،

وبعد بحث طويل عن تلك المرأة المسنة التي شاهد الأمير سلطان صورتها في التلفاز، وهي تحفر بيوت النمل لتأكل ما ادخره من شدة الجوع، تم الوصول إليها، وتقدّيم مساعدات كثيرة. ونتذكر كلنا كيف رفعت يدها إلى السماء ودعت للأمير سلطان، ولسانها يردد: "الله أكبر.. الله أكبر".

من جهته، يقول الدكتور عبد العزيز المقوشي مساعد مدير عام مؤسسة سلطان بن عبد العزيز الخيرية للشؤون الثقافية والإعلامية، "إنه على الرغم من أن الأمير- رحمه الله- كان محنكا وسياسيا إلا أنه أيضا عاطفي ومشاعره تتغلب عليه في المفاوضات فهو لا يستطيع أن يقول لا، لذا كنا دائما نحاول أن ننتهي من المفاوضات قبيل حضوره للتوقيع".

ويشير إلى أنه لا ينسى عندما كان الراحل في زيارة لمدينة سلطان للخدمات الإنسانية، وكانت هناك سيدة كبيرة في السن مرافقة لابنتها التي تعالج على حساب الصندوق الخيري للمرضى، ورغم أن الزيارة كانت مسائية وغير رسمية إلا أن السيدة عرفته فأخبرته أنها تعاني الوصول للمدينة، لأنها تسكن بعيدا عن الرياض فأمر بشراء سيارة لها، فقالت له وقتها إن إيجار البيت صعب عليها، لأنها هي المعيلة لأسرتها، فطلب شراء منزل لها.

وما زال يتذكر المقوشي عندما كان في جمعية الأطفال المعوقين، وكانت هناك حفلة وطلبوا من بعض الأطفال الاصطفاف لاستقبال الأمير فجاءه والد أحد الأطفال طالبا منه أن ينضم ابنه للأطفال فوافق وبالفعل عندما جاء الأمير جلس يداعب ويتكلم كل واحد فيهم فقال له أحدهم إنه "وده بسيارة"؟ وقتها سأله عن عدد إخوانه وأمر بسيارة صالون ليس له فقط, بل لكل طفل من الموجودين مع أن الطفل ربما كان يقصد عربية ريموت أو لعبة إلا أنه أصر على منح الأطفال وأسرهم سيارة حقيقية ليتنزهوا بها.

ولم تكن أم المعوق التي أوقف الأمير الراحل الموكب لأجلها هي الوحيدة التي اشترى لها بيتا، فتقول المواطنة بدرية السعيد إن نساء كثيرات كن سيبتن في الشارع لولا المساكن التي أمر بها للمطلقات والأرامل, فهي شخصيا كانت لها مشكلة ولم تحل إلا بعد أن ذهبت للأمير سلطان فأمر لها بسكن وأراحها هي وأولادها.

لم تستطع بدرية إكمال حديثها قائلة إنه ليس كل قصة تقال، وإنها ستكتفي بالدعاء أن يستر الله الراحل تحت الأرض ويوم العرض، كما ستر الكثيرات من السيدات فوق الأرض، مشيرة إلى أنها أصبحت يتيمة من بعده ليست وحدها، بل الكثيرات من السيدات, كما أنها سمعت أطفالا لم يتعد عمرهم ست سنوات يدعون له بالمغفرة بالتأكيد من سيرته الحسنة التي سمعوا عائلاتهم تتحدث عنها.

محمد الغامدي مواطن آخر، اختصر كلامه عن ولي العهد بأنه لولا أمره بالإخلاء الطبي لنقل والده المريض لكان الآن يتيما، فبرقية الموافقة على علاج والده جاءت لترسم البسمة على وجوه العائلة جميعا بعد استجابة الأمير- رحمه الله- لطلب الإخلاء الطبي.

ويقول خالد العنزي أحد العاملين في مؤسسة الأيتام إن المؤسسة كانت ترفض استقبال الملابس وقت العيد من الناس، لأنها جميعا يتكفل بها.

الأكثر قراءة