الأمير سلطان قال لي: نريد المشروع إنسانيا إغاثيا لا قتاليا

الأمير سلطان قال لي: نريد المشروع إنسانيا إغاثيا لا قتاليا
الأمير سلطان قال لي: نريد المشروع إنسانيا إغاثيا لا قتاليا
الأمير سلطان قال لي: نريد المشروع إنسانيا إغاثيا لا قتاليا

للأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - دور بارز في تشكيل طيران القوات البرية للمملكة، كونه أقر مشروع طيران القوات البرية قبل نحو 27 عاما، وقاد القوات المسلحة السعودية لتحقيق قفزات واسعة النطاق بطريقة احترافية ومميزة عكست مدى بعد النظر والحرص على أمان الوطن، كما عمل بشكل فعال على تدعيم القوات البرية التي تمثل الشريان الحقيقي للقوات المسلحة.

وبرزت بصمة الأمير سلطان على القوات البرية من خلال التطوير الدائم وتزويدها بأحدث الأسلحة والمعدات المتعددة الأغراض.

#2#

يقول اللواء طيار ركن راشد بن عبد الله الزهراني رئيس هيئة طيران الحرس الوطني حاليا أول ضابط طيار في منظومة القوات المسلحة أمضى قرابة 36 عاما في القوات المسلحة تقلد خلالها عديدا من المناصب كان آخرها رئيس هيئة إمداد وتموين القوات البرية عندما تم عرض مشروع طيران القوات البرية (مشروع طيران الجيش سابقا) من قبل قائده في ذلك الوقت الأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير.

"كنت أحد الضباط المرافقين للأمير سلطان عام 1404 وتم عرض الخطة على الراحل وشرح المهام القتالية للمشروع بمختلف الأدوار، وكان يستمع للشرح وأجاز الخطة، وعلق قائلا: (هذا أمر جيد وطيب ولكن لا نريد لهذا المشروع أن يكون الهدف منه مهمة قتالية بحتة ولكن نحتاج إلى أن تكون منظومة لخدمة الوطن عبر الجوانب الإنسانية والإغاثية ومساعدة المحتاجين والإخلاء الطبي وبشكل عام نريده أن يقدم خدمة للإنسان السعودي)".

وفعلا تم أخذ توجيهه بعين الاعتبار وأصبح طيران القوات البرية اليوم منظومة لخدمة الوطن عبر الإسعاف والإنقاذ والمراقبة ومساندة الهلال الأحمر والدفاع المدني، فالشاهد - والحديث للواء الزهراني - أن الراحل كان لديه بعد نظر مستقبلي.

وفي موقف آخر يتذكر اللواء راشد الزهراني "عندما كنت قائد مركز ومدرسة الطيران في القوات البرية في المنطقة الشمالية زارنا الأمير سلطان كعادته السنوية في الأعياد وكانت مناسبة قدمت من خلالها إيجازا عن المركز وأظهرت له وجود جميع الإمكانات حيث توجد العناصر الأساسية الطالب والمعلم وبقي لنا الكتاب، حيث لا توجد مطبعة في المركز، وعلى الفور أمر بتوفير مطبعة، وكانت بتبرع سخي منه - يرحمه الله، ومن المواقف أيضا كنا في طريقنا إلى اجتماع مع الراحل وفي الطريق كان السائق المرافق لنا يتعرض لأزمة مالية وديون وأخذت منه إثبات الدين وكان المبلغ قرابة 260 ألف ريال وعندما عرضت الأمر عليه - يرحمه الله - قال: كم المبلغ؟ فقلت 260 ألف ريال، فأمر في الحال بدفع 300 ألف ريال، أي أن صاحب الدين حصل على قرابة 40 ألف ريال من الأمير، وهذا من المواقف التي لا يمكن أن تنسى".

وزاد اللواء راشد الزهراني: "لم يتوان الأمير سلطان لحظة واحدة في توفير جميع ما تحتاج إليه القوات البرية بمختلف فروعها المكونة من سلاح المشاة وسلاح المدرعات والمظلات والقوات الخاصة وسلاح المدفعية وسلاح الإشارة وسلاح الصيانة وسلاح النقل بحيث تواكب التطورات العصرية كل تخصص على حدة".

#3#

ومن باب الحرص الدائم على الوسائل المتطورة سايرت القوات المسلحة السعودية العصر الحديث ومستجداته من خلال الدعم والاهتمام الكبير الذي أولاه لها الأمير سلطان بن عبد العزيز، حيث لا يترك وسيلة أو سلاحا جديدا إلا ويستخدمه ابتداء من الطائرات العمودية التي أتاحت فرصة القتال للقوات المسلحة السعودية ليلا ونهارا في مختلف ظروف الأحوال الجوية مرورا بطائرات صقر الصحراء، واليوم يشكل طيران القوات البرية جبهة قتالية مهمة وفعالة في المعارك من خلال الدور الذي يؤديه في عمليات الاستطلاع واستكشاف العدو وضربه، وهو الأمر الذي أولاه الأمير سلطان بن عبد العزيز - رحمه الله - أولوية وأهمية قصوى في ظل الاهتمام الكبير به.

وواصل حديثه: "إن إنجازات الراحل لا حصر لها في جميع الأصعدة السياسية والاجتماعية والإنسانية والعسكرية داخلية وخارجية، وقد تحدثت أفعاله عن نفسها قبل أن يتحدث عنها الآخرون، ولكن ما أود ذكره كضابط أنني تشرفت بالعمل تحت قيادته عندما كنت في القوات البرية الملكية السعودية قبل تشرفي بالانتقال للعمل في الحرس الوطني السعودي.

وفيما يتعلق بتأهيل الضباط والأفراد فقد سعى - رحمه الله - إلى تأهيل منسوبي القوات المسلحة ضباط وأفراد العاملين بأفرع القوات المسلحة علمياً وعملياً، حيث أمر بإنشاء المراكز والمدارس والمعاهد والكليات العسكرية ووجه بتعليم وتدريب منسوبيها بحيث يتم صقلهم بدنياً وفكرياً في المجالات التأسيسية والمتقدمة والعليا بدءا بالمستوى التكتيكي ثم العملياتي إلى المستوى الاستراتيجي ليكونوا قادة وتنفيذيين بارزين كل في اختصاصه، واتجه - رحمه الله - إلى إنشاء المدن العسكرية والقواعد الجوية والبحرية وقيادة مجموعات الدفاع الجوي والكليات والمستشفيات والمجمعات والمراكز الطبية العسكرية المتخصصة في مختلف المدن والمناطق، حيث احتوت على كل ما يحتاج إليه ساكنوها والعاملون فيها من مرافق عامة وخدمات كالمدارس والمساجد والمراكز الصحية ومراكز التدريب ومقار لوزارة الدفاع وقيادات أفرع القوات وميادين التدريب داخل المرافق العسكرية وخارجها ما كان له أثر فعال في الرفع من الروح المعنوية ورفع درجة جاهزية القوات المسلحة السعودية.

وأضاف: أقيمت في عهده المستشفيات العسكرية، وكان - رحمه الله - له دور فعال في بناء المدن العسكرية سواء داخل المدن الكبرى في المملكة أو في المناطق العسكرية شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً ووسطاً، حيث جُهزت بأحدث المعدات والتجهيزات الطبية والطواقم الطبية السعودية المؤهلة، وأعطى فرصة للشركات السعودية بتوظيف الشباب السعودي للعمل في مجال تشغيل وصيانة هذه المستشفيات من أجل تقديم الخدمة لأبنائه العسكريين والمدنيين منسوبي وزارة الدفاع وعوائلهم، إضافة إلى الأمر بعلاج حالات كثيرة من أبنائه المواطنين غير العسكريين في المستشفيات العسكرية.

وذكر اللواء الزهراني أن الأمير سلطان بنى أسطولا طبيا جويا عابرا للقارات لخدمة مواطني المملكة العربية السعودية، أما في مجال الصناعة العسكرية فقد وسع القاعدة الصناعية للصناعات العسكرية ووجه بالدخول في شراكة مع القطاع الخاص من خلال إنشاء فكرة التوازن الاقتصادي، حيث قام بتحديث المنظومات العسكرية في أفرع القوات المسلحة بزيادة التشكيلات العسكرية الميدانية مثل استحداث ألوية مشاة خفيفة (جبلية، صحراوية) وألوية قوات خاصة وألوية مشاة آلية وألوية مدرعات وألوية مدفعية وتشكيلات عناصر قتال وإسناد قتال وإسناد إداري في المناطق لإسناد التشكيلات الميدانية، وزود هذه التشكيلات بأحدث الأجهزة والمعدات من دبابات، مدرعات، ناقلات جنود، طائرات عمودية، مهندسين، اتصالات، مدفعية، وقواعد صيانة وتموين.

وبين رئيس هيئة طيران الحرس الوطني أنه قام بإدخال منظومات جديدة تمكن من القيام بالعمليات الجوية المتمثلة في عمليات القتال وعمليات الإسناد وأنظمة قيادة وسيطرة، وسعى - رحمه الله - إلى بناء نظم دفاع جوي جديدة قريبة المدى ومتوسطة المدى وبعيدة المدى وأنظمة مصاحبة للقوات الأرضية مزودة بأنظمة قيادة وسيطرة مرتبطة بمراكز عمليات القوات الجوية، وكان يوجه - رحمه الله - أفرع القوات المسلحة بإجراء تدريبات مشتركة على مستوى الوحدات (برية، جوية، وبحرية) مع بعض القوات الشقيقة مثل: (دول مجلس التعاون الخليجي ومصر) والقوات الصديقة مثل (باكستان، أمريكا، وفرنسا)، وقد أنشأ - رحمه الله - إدارات عامة متخصصة تهتم بشؤون الجندي كالشؤون الدينية، وشؤون المتقاعدين لرعاية منسوبي وزارة الدفاع أثناء وجودهم على رأس العمل وعند انتهاء خدمتهم.. وما ذكرته قليل من كثير مما أنجزه - رحمه الله - منذ توليه وزارة الدفاع والطيران حتى وافته المنية، وأنا على يقين أنه كان يحمل هم ومسؤوليات الدفاع حتى اللحظات الأخيرة من حياته.

الأكثر قراءة