لماذا قال نايف إن المواطن هو رجل الأمن الأول؟
عندما تستبعد كل فرضيات الخيال الذي لا يتحقق فإنك تنظر إلى شخصية الأمير نايف بن عبد العزيز ذي العين الثاقبة، خاصة عند الرغبة في إطلاق استراتيجيات أمنية تستمر طوال الأزمنة القادمة لتحقق مفهوم الوطن والمواطنة. قبل نحو أكثر من عقد من الزمان، أطلق الأمير مقولة "المواطن رجل الأمن الأول"، ليكرر مقولته في عدة مناسبات واحتفالات وطنية واجتماعية وأمنية مختلفة، وهو الأمر الذي جاء ليؤكد أن التكرار لم يكن من أجل التكرار فقط، ولكن من أجل ترسيخ قاعدة تربوية في نفوس أبناء الوطن لينهضوا بمسؤوليتهم تجاه مجتمعهم وأمن وطنهم. من هذه الفلسفة المتفردة، تجلت شخصية نايف الأمنية، فهو نسيج بمفرده، وطراز وحده، ومنظومة إنسانية رائدة في مجالات شتى، وصاحب إدارة حكيمة، مكنته جميعها من المزج بين معادلة خاصة لا تحتمل أجوبتها التأويل. فالأهداف لديه تتحدد والأحلام تتوالى ولغة الإنجاز دائماً حاضرة في قاموس من ضرب الإرهاب في معقله بيد من حديد، واحتوى المواطن بداخله ليجعل منه رجل الأمن الأول في بلاده. منذ تعيين الأمير نايف وكيلا لإمارة منطقة الرياض بموجب الأمر الملكي رقـم 1264 وتاريخ 17/6/1371هـ ووصولا إلى تعيينه وليا للعهد، مرت هذه الشخصية التي رسخت في المواطن مفاهيم العطاء للوطن ووضع الخطوط الحمراء أمام كل من يحاول أن يمس بأمن الوطن والمواطن وعلى وجه الخصوص أمن الحجيج بعدة محطات ومناصب قيادية عليا، ومنها تعيينه أميراً لمنطقة الرياض ومن ثم نائبا لوزير الداخلية وبعد ذلك التعيين على منصب وزير دولة للشؤون الداخلية وتلاها الأمر ليعين وزيرا للداخلية وصولا إلى نائب ثان لرئيس مجلس الوزراء.
في كل مناسبة تتجلى ملامح الإصرار في شخصية الأمير نايف بأن ينعم الوطن وزائروه وضيوف الرحمن بأعلى سقف من الخدمات الأمنية، وجميع الخدمات الأخرى الأساسية منها والثانوية، وتتضح العزيمة الصادقة والقدرة الهائلة في مواجهة المصاعب اعتماداً ومصداقا على قوله- سبحانه وتعالى: (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا)، فهي تلك الآية التي أبى الأمير نايف إلا أن يعمل بمحتواها بعد أن تعرض مساعده للشؤون الأمنية قبل نحو ثلاثة أعوام لمحاولة اغتيال في قصره في محافظة جدة، ليحضر بعد ذلك مناسبة اجتماعية في مكة المكرمة في منزل رجل الأعمال عبد الرحمن فقيه، وليؤكد من خلال كلمة ألقاها في ذلك الحين، واستمرت 20 دقيقة، أن قادة هذا البلد المعطاء يثقون بالمواطن، ولن يلتقوا به إلا بشكل عفوي وأبوي يدحض جميع المعادلات والتحليلات التي تحاول أن تمس بأمن الوطن أو تزعزع ثقة المواطن بولي الأمر. وبالعودة إلى ترسيخ مفهوم الأمن والأمان.. الوطن والمواطنة.. قال الأمير نايف في مناسبات عدة: "الجميع في خدمة أمن الوطن، لكني أكرر، كما أقول دائما إن المواطن هو رجل الأمن الأول"، ففي أواخر شهر نيسان (أبريل) من عام 2007 أكد الأمير نايف دور المواطن ووصفه بأنه رجل الأمن الأول الذي إذا لم يقم بواجبه في الإبلاغ عمن يشتبه به بطوعه، فلن يتم القضاء على الفئة الإرهابية بالشكل المطلوب، ومشددا على أن الأجهزة الأمنية لا تمارس أي ضغوط على من يقوم بذلك التعاون، وهي المقولة التي جاءت لتوضح حقيقة البعد الاستراتيجي عند إطلاقها، فعندما نؤمن نحن المواطنين بأننا رجال أمن، سيخاف المخالف أن يخالف وسيخشى رجل الأمن ألا يخالف من خالف، وهو ما يؤكد ضرورة الشعور بالمسؤولية والوعي وأهمية دور كل مواطن في استقرار وأمن وسلامة وطنه. رسالة نايف التربوية جعلت على المواطن دورا كبيرا ومهما في دعم ومساندة جهود إخوانهم رجال الأمن، فللمواطن دور مهم أيضا في تكملة دور رجال الأمن، وهو ما أوجد من خلال حديثه وتوجيهاته، منظومة متكاملة من التعاون من خلال تأهيل معاني القيم الإنسانية بين أفراد المجتمع وتنمية الإحساس لدى المواطنين بأنهم جميعا رجال أمن يشاركون في حفظ الأمن والاستقرار، كما أسهم في التقليل من حجم الجريمة والكشف عن كثير من خفايا أخرى منها، وذلك بعد أن تعززت تلك القيم داخل كل مواطن سعودي شعر بأنه مسؤول تجاه وطنه والحفاظ على أمنه وممتلكاته. يرى الأمير نايف الذي أسس منهجية الحوار الأمني في السعودية من خلال توليه زمام المهام الأمنية منذ نحو 50 عاما، إن معالجة أي فكر لا تكون إلا بالفكر، وأن لغة الحوار أفضل دوما من العنف، وهو ما جعل تلك الرؤى والأفكار تبنى على أسس راسخة، ولم تكن يوما مجرد توقعات لم تصل ولم تسجل أي نسبة من الحقيقة الفعلية لمنهج المملكة الذي قال عنه الأمير نايف: "إن المملكة لن تغير من سياساتها ونهجها ومبدأها، الذي أتبعته مع الراغبين في العودة إلى جادة الصواب من أفراد الفئة الضالة مهما كان نوع الجرم الذي تم ارتكابه، وإن الأبواب ستظل مشرعة ومفتوحة لمن أراد أن يصحح منهجه ويعود إلى سبيل الرشاد بعد أن ظُلل به، وأن الدولة السعودية منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز- طيب الله ثراه- انتهجت سياسة الباب المفتوح، حيث إن في إمكان أي مواطن أن يتحدث مع أي مسؤول، كما أنه يستطيع أن يلتقي بأعلى سلطة في البلاد ممثلة في خادم الحرمين الشريفين بكل يسر وسهولة". برؤية الأمير نايف الإنسانية، ومعالجته للأمور بعقلانية وتبصر جعلته قائدًا من طراز فريد، جمع بين المهارة السياسية والحنكة الإدارية، والخبرة الأمنية المتوجة بالإنجازات، والثقافة الشاملة، والاطلاع الواسع، ما جعل من استراتيجية وزارة الداخلية عند التعامل مع الإرهاب, تعتبر أن معظم شباب الوطن الذين انخرطوا في المجموعات الإرهابية، إنما هم ضحايا فكر ضال يجب تخليصهم من هذا الفكر بروح أبوية وأخوية، وبروح تمكنهم من العودة من جديد للخضوع للمناصحة، ومن ثم العودة للمجتمع للمشاركة الفاعلة. من هذه الفلسفة والرؤى الثاقبة، يحق لنا كسعوديين, أن نفرح ونفاخر بشخصية الأمير نايف، وهو ذلك الشخص الذي لم يسمح يوماً لكل من ينوي العبث بأمن الوطن أو المواطن أيا كانت جنسيته أن يحقق مبتغاه أو يفلت من يد العدالة.