الأمير نايف .. نقاشات صريحة طبقت ثقافة الحوار وأكدت ثوابت الدولة

الأمير نايف .. نقاشات صريحة طبقت ثقافة الحوار وأكدت ثوابت الدولة

على الرغم من أهمية المشروعات العلمية والأفكار المنهجية التي تبناها وأسس لها ولي العهد ووزير الداخلية الأمير نايف بن عبد العزيز، في إطار إيمانه التام بدور العمل الجماعي من أجل ربط الفكر الأمني بالأمن الفكري، وهو توجه كرّسه الأمير الذي يعرف بـ''رجل الأمن الأول'' في دلالة واضحة على بعد الرؤية التي لا تكتفي بالمعالجة الآنية للنتائج، بل تقف بثقة وحزم أيضا أمام أساس المشكلة.
ومن خلال حضور فاعل وحوارات مباشرة مع المشاركين في مؤتمرات عدة تتناول قضايا الأمن والإرهاب والتكفير، كان الأمير نايف يعبّر عن سياسة واضحة تنطلق من شفافية المسؤول والإيمان بثقافة الحوار بشكل يتم فيه شرح سياسة الدولة وثوابتها، وعلى نحو لا يقبل المساومة في التعامل مع المستجدات الأمنية التي يواجهها العالم ككل، كما كان ولي العهد يطرح التجربة السعودية في هذا المجال والتي نجحت في أن تكون أنموذجا حظي باهتمام عدد من الدول، ولا سيما في جزئية ارتباط الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الإرهاب بمواجهة الانحراف الإيديولوجي والفكري، وهو الجانب الذي دعا فيه الأمير نايف إلى وضع الأساس من أجل توسيعه ليتحول لاستراتيجيةٍ عربية.
وعبر لقاءات متنوعة منها ما هو مباشر مع المؤتمرين على هامش افتتاح الفعاليات الأمنية والفكرية، ومنها ما هو على شكل تصريحات إعلامية لوسائل مرئية أو مقروءة، قد صرح الأمير نايف أكثر من مرة حول ضرورة التعرف على الانحراف الفكري وأسبابه في وقتٍ مبكر. في الوقت الذي حققت فيه المملكة تقدما كبيرا في مكافحة الانحراف الفكري، بالمقارنة مع غيرها من البلدان التي تعرضت للإرهاب.
كما عرف عنه التأكيد المستمر على أهمية التكامل بين القطاعات المختلفة في مواجهة التشدد وعلى دور المؤسسات التربوية في تعميق قيم الاعتدال في أوساط الشباب والشابات، وتعزيز الحوار معها. وضمن هذا الرؤية فإن الأمير يؤكد أن مواجهة الانحراف الفكري لا تنحصر فقط في مواجهة التطرف الديني ولكنها تشمل أيضا إدمان المخدرات والفساد المالي وعقوق الوالدين. وقد أشاد ببعض الأسر والعائلات التي نجحت في استرجاع أبنائها من براثن الانحراف الفكري، كما أشار إلى أن التكنولوجيا الحديثة قد أسهمت في زيادة الانحراف الفكري.
في مناسبات أخرى، طالَب الأمير نايف بن عبد العزيز، ولي العهد نائب وزير الوزراء وزير الداخلية والرئيس الفخري لمجلس وزراء الداخلية، في اجتماعات وزراء الداخلية العرب، بمواجهة الإرهاب بكل حزم وقوة، مشدّدا في الوقت نفسه على ضرورة إيلاء الجانب الفكري الأهمية اللازمة لتنظيف الأدمغة والأذهان من الأخطاء الموجودة بها، ولمنعها من الإساءة إلى الإسلام. وقال إنه لا بدّ من مواجهة الفكر المتطرف بالوسطية والاعتدال المدعم بالبراهين والأدلة من أصحاب الفكر والعلم ومن قبل المثقفين العرب.
فيما كان تأكيده المستمر على أن جميع شرائح المجتمع معنية - كل في ما يخصه - بصنع المنظومة الوطنية القادرة على حماية البلاد من خطر التطرف والإرهاب، وتشديده على أهمية مواجهة الفكر بالفكر، وضرورة التكامل بين جميع الفاعليات الفكرية والدعوية والثقافية والتربوية مع النجاحات الأمنية، للحفاظ على أمن البلاد واستقرارها، حيث يقول لإحدى الصحف ''إننا قادرون على مواجهة أي طارئ أمني، والشعب السعودي قادر على مواجهة هذه الأمور''.
وعلى هذا الصعيد، يعبر الأمير نايف عن دعم كبير لاتجاه الحوار الوطني الذي أسس له وأقرّه خادم الحرمين الشريفين، برغبة منه، مع المثقفين والمفكرين، كما طالب بالقيام بأنشطة علمية مختلفة تتمحور حول تعزيز الأمن الفكري ورصد التهديد له. سعيا إلى حماية المجتمع وثقافته من أي أفكار هدامة، في حين رعى الأمير نايف بن عبد العزيز التوجه الذي أسهمت به جائزة نايف بن عبد العزيز آل سعود العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة في محاربة التشدد والإرهاب، وذلك برعايته فعاليات المؤتمر العالمي عن ''ظاهرة التكفير .. الأسباب، الآثار، العلاج''، الذي نظمته الجائزة في المدينة المنورة بمشاركة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
وفي مناسبة أخرى، رعى الأمير نايف انعقاد مؤتمر ''الإرهاب بين فكر التطرف وتطرف الفكر''، الذي أقيم ضمن جهود محاربة التطرف والإرهاب الذي يهدد حياة الإنسان ويعرض مقدرات الأمة للخطر. وقال حينها: إن المملكة ومن منطلق واجبها الديني والأخلاقي سباقة في كشف مخاطر الإرهاب والتطرف الفكري ومواجهته، كما كانت في مقدمة الدول المتضررة بفكر التطرف الذي وقع فيه بعض من ينتمون إليها، وأكد أن مناهجها المستمدة من كتاب الله وسنة رسوله تتبنى المبادئ القائمة على الوسطية والاعتدال والرحمة والعدل وحفظ كرامة الإنسان وحماية حياته وحقوقه، وأضاف بقوله ''إن اجتماعنا في هذا المؤتمر المهم ليس لبيان الفكر المنحرف وتوضيح مخاطره، فذلك معلوم بتعاليم ديننا ومبادئه السمحة، ولكن المهم - أيها الإخوة - هو إعادة المنحرف ومنع المستقيم أن ينحرف، وهي مهمة قد تكون ليست سهلة، ولكنها ليست مستحيلة أمام عزائم الرجال الصادقين''.
لقد آمن الأمير نايف بن عبد العزيز بدور اللقاءات والفكرية والعلمية في تعزيز الحراك الاجتماعي والثقافي الموجه نحو قضايا محاربة التطرف والإرهاب، وكانت رعايته المستمرة لهذه الفعاليات تعبيرا واضحا على تثمينه لدورها ورغبته في أن تتحول جميعها إلى أوراق عمل واقعية تستلهم خبرات المشاركين من مختلف أنحاء العالم وتشكل القواعد والتراكمات المعرفية اللازمة من أجل الوقوف جنبا إلى جنب مع الحلول الأمنية لحماية مقدرات ومكتسبات البلاد.

الأكثر قراءة