مختص: تنوع أساليب التمويل الإسلامي يساعد على نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة

مختص: تنوع أساليب التمويل الإسلامي يساعد على نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة
مختص: تنوع أساليب التمويل الإسلامي يساعد على نمو المشاريع الصغيرة والمتوسطة

تمثل المشروعات الصغيرة أحد القطاعات الاقتصادية التي تستحوذ على اهتمام كبير من قبل دول العالم والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، كما تشكل محور اهتمام السياسة الاقتصادية الهادفة إلى تخفيض معدلات البطالة في الدول النامية والمتقدمة، حيث تلعب هذه المشروعات دورا فاعلا في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في معظم دول العالم، ولدورها المحوري في الإنتاج والتشغيل وإدرار الدخل.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه هذا النوع من التمويل الأقل من حيث وجود المخاطر كما يتميز بالعائد الثابت، فإن المصرفية الإسلامية مغيبة عن التمويل متناهي الصغر، رغم قدرتها على النجاح ووجود عدد من النماذج والتجارب الناجحة والمتميزة، حيث لم تتجه المؤسسات المالية الإسلامية إلى دعم حقيقي واستثماري للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بل اكتفت بتسميته دعما للمشاريع، في حين أنه لا يزال يعتمد على أساليب التمويل الأخرى المعهودة في التمويل والمديونية والسداد.

#2#

وحول مساهمة البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية في تعزيز العلاقة مع المجتمع في ظل تنامي الطلب على التمويل الإسلامي والنمو الكبير في المشاريع الصغيرة، يقول الدكتور أشرف دوابة، الخبير في التمويل الإسلامي لـ''الاقتصادية'': إن البنوك الإسلامية جزء من المجتمع تحس بآماله وآلامه، ولها دورها في تحقيق التنمية والاقتصادية الذي رسمته لنفسها مع بدء تجربتها وإن كان دورها التنموي لم يصل للمأمول منها، حيث اهتمت بالاستثمارات قصيرة الأجل تحت ضغط السيولة وودائع العملاء القصيرة الأجل، وقد تم ذلك على حساب الاستثمارات طويلة الأجل التي هي أساس وجودها التنموي، حتى أن هذه النوعية من الاستثمارات ما زالت لم تراوح معدل 3 في المائة من إجمالي استثماراتها، في حين وصلت الاستثمارات قصيرة الأجل فيها نسبة 97 في المائة. وكل هذا انعكس سلبا على تمويلاتها للمشاريع الصغيرة.
وثمة طلب اجتماعي كبير على المشاريع الصغيرة والمتوافقة مع الشريعة، وحول الدور الذي تقوم به المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية في هذا القطاع، قال دوابة: إن المصارف الإسلامية جزء من نسيج النظام المصرفي تؤثر وتتأثر به رغم ما تلزمها قوانين تأسيسها من التزامها بضوابط ومقاصد الشريعة، والتقليد في بعض توجهاتها للبنوك التقليدية أمر ملحوظ في بعض منتجاتها وسياستها التي تنظر بصفة أساسية لملاءة العميل وما يقدمه من ضمانات كأولوية تنتكس بجانبها جدارة المشروع، وهو ما انعكس على تمويلاتها للمشروعات الصغيرة، حيث لم تجد تلك المشروعات الاهتمام الكافي والعناية المأمولة منها.
ويقول دوابة: إن البنوك الإسلامية من خلال الزكاة تسعى إلى تقليل فجوة الفقر والبطالة، وإن كان ذلك في حدود طاقتها بصفتها مؤسسات استثمارية وليست حكومات مسؤولة، وإن كان القرض الحسن لم يفعل بعد فيها حتى أصبح في أدبياتها فقط، فضلا عن بحثها عن الربحية التجارية كغيرها من البنوك التقليدية شريطة مشروعية التمويل، وتمنى دوابة أن تعود البنوك الإسلامية لسالف ما نظرته لنفسها في أهدافها من تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولن يتأتى ذلك إلا من خلال السعي نحو الربحية الإسلامية التي تحقق الربح العادل لها، والأجر الأخروي جراء تمويلاتها ابتغاء مرضاة الله عز وجل.
وحول أبرز المعوقات الرئيسة التي تواجه تنامي المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الدول العربية، أشار دوابة إلى ضيق نطاق التمويل المتاح في الدول العربية، وضعف الاهتمام بدراسات الجدوى، والتركيز على الضمانات في الأولويات الائتمانية لمؤسسات التمويل في الدول العربية، وطول مدة الإجراءات في الحصول على التمويل، وافتقار مؤسسات التمويل إلى الخبرات المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وارتفاع أسعار الفائدة، وكذلك ضعف نظام الرقابة والمتابعة، وافتقار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة إلى الخبرات اللازمة لنشاطهم.
وقال دوابة: إن التمويل الإسلامي يملك من الخصائص والسمات ما يحول دون وجود هذه المعوقات؛ وذلك بما يتضمنه من مزايا لا توجد في غيره من أنظمة التمويل التقليدي، ومن أبرز هذه المزايا تنوع أساليب التمويل الإسلامي وتعددها، واعتماد أساليب التمويل الإسلامي على أساس دراسات الجدوى من الناحية الاقتصادية وعلى أساس الحلال من الناحية الشرعية، وكذلك أن أساليب التمويل الإسلامية ليست نقيضا للضمانات، فهي لا تحول بين مؤسسات التمويل وأخذ الضمانات الكافية التي تؤمّن أموالها، وكذلك فإن أساليب التمويل الإسلامية تنقل التمويل من أسلوب الضمان والعائد الثابت إلى أسلوب المخاطرة والمشاركة والغنم بالغرم.
وفي هذا الإطار، أكد دوابة أهمية تبني مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة آلية لتمويل تلك المشروعات، تقوم على تنمية جانب الموارد، وكذلك تنمية جانب الاستخدامات بمؤسسات التمويل، بما ينمي من المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
وحول وجود رؤية تطبيقية للمؤسسات المالية الإسلامية لاستهداف المشروعات الصغيرة بسياسات تمويلية وبرامجية واضحة، أشار دوابة إلى أن المصارف والمؤسسات المالية الإسلامية تمتلك منتجات تمويلية لا توجد في غيرها من المصارف التقليدية ولكنها تحتاج إلى تطبيق عملي وتفعيل حقيقي، فيمكنها إصدار صكوك خيرية، وصكوك استثمارية وطرحها للاكتتاب العام، واستخدام حصيلتها في تمويل وتنمية المشاريع الصغيرة بصيغ المشاركة والمضاربة والمرابحة والبيع الآجل والسلم والاستصناع والتأجير التمويلي والمزارعة والمغارسة والمساقاة.
ويضيف دوابة: إن من عظمة أساليب التمويل الإسلامي اتسامها بالتنوع والتعدد والواقعية؛ فهناك أساليب للتمويل قائمة على التبرعات والبر والإحسان، وأساليب للتمويل قائمة على المشاركات، وأساليب تمويل أخرى قائمة على الائتمان التجاري، كما أنها متعددة المجالات من زراعة وصناعة وتجارة وخدمات، وكل هذا يتيح فرصا ومجالات أكثر لتمويل المشاريع الصغيرة. كما أن أساليب التمويل الإسلامية تقوم على أساس دراسات الجدوى من الناحية الاقتصادية، وعلى أساس الحلال من الناحية الشرعية، كما أنها تنقل التمويل من أسلوب الضمان والعائد الثابت إلى أسلوب المخاطرة والمشاركة، والغنم بالغرم، وتغلب النشاط الإنتاجي على النشاط المالي، وترسخ مفهوم الرقابة والمتابعة على التمويل الممنوح، وتراعي ظروف المتعثرين. وهي بحق عقد اجتماعي تضامني يستطيع أن يلبي مطالب وحاجات المعوزين، وكذلك المنبوذون من القطاع المصرفي التقليدي في الوطن العربي.
وحول التوقعات بنمو التمويل الإسلامي وارتفاع الطلب عليه خلال السنوات القادمة، أشار دوابة إلى أن التمويل الإسلامي يشهد بالفعل نموا متناميا حتى تتعدى نسبة نموه 20 في المائة سنويا وهو مؤشر جيد في ظل ما يعانيه العالم من ويلات الرأسمالية وأزماتها المالية المتداخلة والمتلاحقة، واتجاه العديد من المصارف الغربية لفتح منافذ للمصرفية الإسلامية، وإن كان الكم وحده لا يكفي، بل لا بد من الاهتمام بالكيف، وذلك بالكف عن فقه الحيل وترسيخ المقاصد الشرعية بالبعد عن صورية التمويل وتقليد المنتجات التقليدية والتبرك بعتبة البنوك التقليدية، حتى صار التوريق مقدسا وترسيخ أساليب التداين منهجا وهجرة أساليب المشاركة مقصدا، وأكد دوابة أهمية خروج المصارف الإسلامية من ضيق المديونيات إلى سعة المشاركات؛ ففيها الحل لتنمية المشروعات الصغيرة والكبيرة على السواء، ومن ثم تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المأمولة.
وفي وقت سابق، أطلقت الشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ''سمة'' مشروع تقييم المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأشار الدكتور محمد الجاسر، محافظ مؤسسة النقد، في حفل إطلاق المشروع إلى أنه يمثل خطوة مهمة في سبيل تشجيع المصارف على تمويل تلك المنشآت بأسلوب علمي ومنهجي يأخذ في الاعتبار درء مخاطر تمويل هذه الشركات، ويساعد المصارف على تنويع محافظها، بحيث يضيف مجالا آخر إلى مجالات التمويل الرئيسية في السعودية، وأضاف مشروع ''تقييم'' يسعى إلى جعل تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة رافداً من روافد التمويل في القطاع المصرفي، ليحقق أهداف التنمية التي تسعى المملكة لتحقيقها للاقتصاد السعودي.
وعزا الجاسر تواضع مساهمة المنشآت الصغيرة في الناتج المحلي في السعودية إلى ضخامة القطاع النفطي والقطاع العام اللذين يمثلان المحرك الرئيس للنشاط الاقتصادي، وأكد أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تُعد الأداة الأكثر كفاءةً وقدرةً على دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما في المناطق النائية الأقل حظا في التنمية، معتبرا أنها أيضا توفر مجالا خصبا للتدريب وتطوير المهارات للعاملين، علاوة على مساعدتها للمشاريع الكبيرة في العملية التسويقية وتوفير المواد الخام والسلع الأولية في مختلف المراحل الإنتاجية.
من جهته، أوضح نبيل المبارك، الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للمعلومات الائتمانية ''سمة'' أن مشروع ''تقييم'' يهدف إلى دراسة جميع الأوجه المالية والاقتصادية والتمويلية والإدارية والاستراتيجية المرتبطة بقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتقييم جميع الشركات المنضوية تحته من حيث رأس المال، وحجم النشاط، وعدد الموظفين، مبينا أن ذلك سيسهل عليها الحصول على التمويل المناسب من الجهات التمويلية وتطوير أعمالها، واتخاذ خطوة جادة في مجال التقييم قائمة على أسس علمية ومنهجية.

الأكثر قراءة