مكة المكرّمة.. العيون ترقب 14 موقعا خطرا
الخطر في مكة المكرمة يبدو محدقا .. عيون السكان ترقب الغيوم الركامية خاصة سكان المنح وطلاب جامعة أم القرى التي تقع في مجاري السيول. الجهود التي تبذل لمواجهة أي طارئ كبيرة، لكن للمخاوف مبرراتها سواء الطبيعية والطبوغرافية أو حتى التاريخية.
اليوم نستعرض ضمن تقارير "الاقتصادية" حول الاستعدادات للسيول الوضع في مكة المكرمة خاصة أنها تستعد لاستقبال أكثر من ثلاثة ملايين حاج. الأمانة من جانبها تقول إنها جندت عشرات الآلاف من الموظفين للمتابعة والتدخل سواء خلال موسم الحج أو ما بعده، وتكشف أنها صرفت أكثر من 200 مليون ريال في مشاريع لدرء الخطر المحتمل من خلال تهذيب أودية أو غير ذلك من الإجراءات. من جانبه، يقول الدفاع المدني إنه يتابع على مدار الساعة الوضع، وإنه يتخوف من منطقة عدم الاستقرار الجوي. اليوم في الحلقة الثالثة نستعرض الأوضاع في مكة المكرمة بعد أن استعرضنا في الحلقتين السابقيتن الوضع في الرياض وجدة. إلى التفاصيل:
#2# #3#
أكدت إدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة في حديث خاص لـ"الاقتصادية" أن أكثر من 14 موقعاً مهددة بمخاطر جريان السيول وتجمع المياه في حال هطول الأمطار خلال موسم الحج للعام الجاري، وأن تلك المواقع التي تم رصدها سابقاً تم التأكيد على الجهات المعنية بإزالة مكامن الخطورة منها بموجب خطابات رسمية ولجان عديدة مختصة أوصت بإزالة خطورة جريان السيول الجارفة وتجمعات المياه ومتابعة ذلك أولاً بأول. وكشفت الإدارة عن أن المواقع تتمثل في: أجزاء من مخطط السبهاني ومن مخطط قدح والخياط، مقر جامعة أم القرى في العابدية في الجزء الشمالي على طول الضلع الشمالي، مخطط الورش الواقع في حوض التخزين بسد وادي لقيطة، المنعطف الواقع بعد مصنع الكسوة في خط مكة – جدة القديم على الجهة اليسرى باتجاه جدة أمام مخطط باشراحيل، أمام وخلف مجمع المدارس في شارع الحج، أمام المعهد المهني بالعمرة، مخطط النسيم الواقع بين طريق العزيزية الجنوبية المؤدي إلى الطائف، وطريق رقم (1) المتجه إلى مخطط بطحاء قريش، ومخطط المنح الواقع على طريق مكة – جدة القديم قبل نقطة تفتيش الشميسي، عدة مواقع على امتداد طريق الوادي الأخضر، مخطط العوالي، مخطط بطحاء قريش، مخطط المعيصم، ومخطط منطقة العسيلة.
#4#
من جهته أبلغ "الاقتصادية" الدكتور أسامة بن فضل البار، أمين العاصمة المقدسة، أن الأمانة لم تبلغ حتى اللحظة بإمكانية هطول أمطار تصاحبها السيول خلال موسم الحج، كما أنها لم تردها أي تحذيرات خاصة في ذات الشأن من أي جهة حكومية أو خاصة أو مرصد مستقل، مفيداً بأنهم لا يتلقون البلاغات عن مثل هذه الحالات إلا من إمارة منطقة مكة المكرمة ولا يعتمدون بشكل كلي على مصادر المعلومات الأخرى.
وقال البار: "نحن عملنا خلال الفترة الماضية على صيانة مصارف السيول في مكة المكرمة وفي المشاعر المقدسة، كما أن الأمانة رفعت من استعداداتها لمجابهة أي مخاطر قد تنجم عن السيول في حال هطول الأمطار من خلال التعاقد مع مقاولي طوارئ، وهم المقاولون الذين قد تصل قيمة التعاقد مع الواحد منهم إلى نحو نصف مليون ريال، وذلك بخلاف قيمة الأجور التشغيلية التي سيتم احتسابها في حال استدعت الحاجة المقاول للعمل في الميدان"، مبيناً أن مشاريع السيول في مكة المكرمة وفي المشاعر المقدسة يتم تنفيذها إما من خلال الأمانة أو من خلال وزارة الشؤون البلدية والقروية ممثلة في الإدارة المركزية للمشروعات التطويرية.
وكشف أمين العاصمة المقدسة عن أن الأمانة أنفقت أكثر من 200 مليون ريال على مشاريع تصريف ودرء مخاطر السيول خلال العامين الماضيين، نافياً أن يكون لمحاصرة بعض المخططات بالسيول في حال هطول الأمطار دلالة على عدم جدوى مشاريع السيول التي تقوم بها الأمانة في الآونة الأخيرة، موضحاً أن أغلب المخططات التي تداهمها السيول هي مخططات قديمة يعود تاريخ التصريح بفسحها إلى ما قبل أكثر من 20 عاماً، وهي الفترة التي كانت فيها يسمح للمخططات بالاعتماد دون أن يتم اعتماد متطلب تصريف السيول ضمن بنود اعتماد المخططات في الأمانة.
وأضاف البار: "كان لدينا تأخر في بعض مشاريع حماية الطرق من السيول كما الحال مع المشروع الواقع في منطقة الشرائع، ولكن الآن أصبح الوضع مختلفا والعمل جاريا على قدم وساق لتنفيذ تلك المشاريع، كما أن الأمانة أبرمت عقدين لحماية المخططات القديمة من السيول بقيمة إجمالية جاوزت نحو الـ80 مليون ريال"، لافتاً إلى أن عدد المخططات التي لم يتم اعتماد متطلب تصريف السيول لها ضمن بنود ومتطلبات الفسح لها هي عديدة، ومنها مخطط العوالي وبعض مخططات الشرائع ومخططات جنوب مكة المكرمة.
وأبان البار، أن أكثر من 22 ألف فرد سيشاركون في تنفيذ خطة الأمانة خلال موسم الحج لهذا العام، وأنهم سيستخدمون أكثر من 800 آلية، مشيراً إلى أن الأفراد الذي سينفذون خطة الأمانة هم من عدة مواقع مختلفة ومن فروع أخرى لوزارة الشؤون البلدية والقروية، كما أن من ضمنهم أفرادا للعمل خلال فترة الطوارئ وأفرادا آخرين للمراقبة الصحية وللأعمال الفنية، مستدركاً أن صيغ العقود المبرمة مع المقاولين خلال موسم الحج، البعض منها دائمة وأخرى تقتصر على عمل المقاول خلال الموسم فقط.
وبالعودة إلى إدارة الدفاع المدني، قال العميد جميل أربعين، مدير إدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة: "لدينا فريق عمل في قسم الحماية المدنية في الإدارة يتابع يومياً الموقع الإلكتروني للرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة ويعمل تقرير يومي عن حالة الطقس، سواءً في العاصمة المقدسة أو المشاعر المقدسة، والتقرير يحتوي على درجات الحرارة والرياح السطحية والرطوبة النسبية كذلك حالة السماء والظواهر الجوية، ومن خلال التقرير يتم توزيع الفرق حسب الخطط المعدة مسبقاً في حالة توقع هطول أمطار وجريان السيول".
وأكد أربعين أنه من المتوقع هطول أمطار على العاصمة المقدسة في فصل الخريف الذي بدأ بتاريخ 25/10/1432هـ الموافق 23/9/2011، وذلك لأنها تتأثر في هذا الفصل بما يسمى بحزام منطقة عدم الاستقرار، لافتاً إلى أنه في حالة هطول أمطار يتم استقبال البلاغ عن طريق الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، سواءً كان تنبيها أو تحذيرا، ويتم تمريره على الجهات المعنية، وفق آلية يتم من خلالها إرسال رسائل "sms" للمسؤولين لتقوم كل جهة بتنفيذ خططها، وكذلك الخطة التفصيلية لتنفيذ تدابير الدفاع المدني في العاصمة المقدسة في حالات الطوارئ لحج عام 1432هـ وخطة مواجهة مخاطر الأمطار والسيول في العاصمة المقدسة.
وكشف أربعين عن أن هناك عوامل طبيعية وبشرية تضاعف من خطورة السيول على السكان والممتلكات، التي منها وعورة المنطقة الغربية، حيث الجبال المرتفعة والأودية الوعرة شديدة الانحدار وسريعة الجريان تجرف ما في طريقها من منشآت ومزارع، صعوبة تحديد كمية الأمطار ومدتها ووقت سقوطها، ما يجعل المواطنين الذين تعوزهم الخبرة والمعرفة ألا يأخذوا في الاعتبار خطورة السيول والأمطار عند إقامة المنازل والمنشآت، عدم وضوح مجاري الأودية في منطقة معرضة لمخاطر الأمطار والسيول، قيام بعض المواطنين بإنشاء مزارع ومبان في مجاري الأودية، ما يجعلها عرضة لخطر السيول، مرور بعض الأودية في وسط المدينة وبعض القرى والهجر التابعة للعاصمة المقدسة، ما يجعلها عرضة لخطر السيول، تعرض بعض المواطنين لمجاري الأودية الطبيعية وتغيير اتجاهها ومسارها وهذا يشكل خطرا على المناطق المحيطة بها، ووضع حواجز خرسانية وترابية في مجاري الأودية بغرض ري المزارع ينتج عن ذلك رفع منسوب المياه في الوادي خلف الحاجز فيغمر الأحياء التي حوله، عدم استيعاب العبارات لكميات المياه المتدفقة، ما يجعلها عرضة للانهيار ويزيد من الخطورة على المناطق المجاورة، عدم اكتمال بعض مشاريع تصريف مياه الأمطار والسيول في بعض الأحياء في العاصمة المقدسة، تراكم مياه الأمطار في بعض الشوارع لعدم توافر شبكات تصريف مياه الأمطار، مداهمة السيول للمنطقة المركزية في العاصمة المقدسة.
وأضاف أربعين: "تضمنت خطة تنفيذ تدابير الدفاع المدني لمواجهة الظروف المناخية المختلفة في موسم حج هذا العام وحالات الطوارئ والأمطار على وضع الخطط اللازمة لجميع الظروف والأحداث المحتمل وقوعها خلال موسم الحج، سواء كانت طبيعية من الأمطار وما ينتج عنها من جريان السيول، وما قد تخلفه من أضرار على المنازل والممتلكات المختلفة أو غير ذلك من الظروف، فهناك خطط لمواجهة الطوارئ العامة وغيرها من الخطط للتدخل في حالات الأمطار والاستفادة من تقنية نظم المعلومات الجغرافي في إعداد خرائط تحليلية للمخاطر ومواقع تجمع المياه من جراء الأمطار والسيول وأماكن الخطر والكثافة السكانية لتلك المناطق والطرق الرئيسية والفرعية الموصلة لها وأماكن الإيواء ونقاط الفرز وإدخالها في بوتقة تحليل علمية لاستخراج الإمكانات البشرية والآلية والمساندة فيما لا سمح الله إن تعرضت تلك المناطق للتضرر من الأمطار والسيول، كما أن هناك إجراءات للتنسيق مستمرة على مدار العام لرصد وتحليل المخاطر ومكامن الخطر، الذي قد تنشأ على أثر تدفق السيول، حيث بني هذا التحليل على الجولات الميدانية، وكذلك على الاستفادة من اتجاه إحصائي للحالات المصاحبة للأمطار والسيول".
وأفصح أربعين أنه تم تزويد أمانة العاصمة المقدسة والمجلس البلدي في العاصمة المقدسة بتلك التقارير للعمل على علاجها، مشددا على أن الدفاع المدني في العاصمة المقدسة يأخذ على عاتقه أيضا إيضاح مواقع الانهيارات الصخرية التي يخشى منها أيضا أثناء جريان السيول من على الجبال، ويأخذ مبدأ التعامل بسرعة الاستعداد والتهيؤ فور ورود تحذيرات من مصلحة الأرصاد وحماية البيئة الركيزة الرئيسية في تنفيذ خطط طوارئ السيول والأمطار، حيث إن عند ورود الرسائل التنبيهية والتحذيرية يتم تمريرها لكل مندوبي الجهات الحكومية المعنية بالوجود بغرفة عمليات التنسيق في الدفاع المدني.
وأردف أربعين: "من جانب آخر يتم إصدار تنبيهات وتحذيرات عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة عن أي تنبيهات أو تحذيرات إرشادية للمواطنين والمقيمين, وهناك فرق ومعدات متخصصة للتعامل مع حالات الإنقاذ المحتملة أثناء هطول الأمطار، وهي فرصة سانحة لنؤكد ونهيب بالإخوة الحجاج والمواطنين والمقيمين حول توخي الحذر أثناء هطول الأمطار الغزيرة وجريان السيول والابتعاد عن مجاري الأودية ومواقع تجمعات المياه حفاظاً على سلامتهم".
واطلعت "الاقتصادية" على استعدادات إدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة لإدارة موسم الحج بشكل عام، حيث ورد في مضمون المقدمة للخطة، أن العاصمة المقدسة خلال أشهر الحج تشهد توافد أعداد كبيرة من المسلمين من جميع بقاع الأرض لتأدية مناسكهم وعباداتهم، سواء كان ذلك في المسجد الحرام أو في المشاعر المقدسة، وتتزامن وفق هذه الحركة النشطة والمستمرة لهم تزايداً طردياً لنسبة السكن في الفنادق والشقق المفروشة والدور السكنية، كما ترتفع وتيرة الأنشطة التجارية وحركة المركبات والمشاة، وهو ما يجعل من المديرية العامة للدفاع المدني في منظومة أدائها لمهامها تقدم مجموعة من الأعمال الميدانية والتخطيطية ورفع درجة الاستعداد في جميع وحداتها لمواكبة هذا الموسم الديني العظيم، وذلك من خلال حشد الإمكانات والجهود المتنوعة بشرياً وآلياً وفنياً.
وتركز الخطة في مضمون التنفيذ على أنها تأتي إنفاذا لتوجيهات وتطلعات ولاة الأمر بتوفير أقصى درجات الأمن والسلامة والرعاية لزوار بيت الله الحرام. وأكدت المديرية في البيان، الذي اطلعت عليه "الاقتصادية" بشكل خاص أن إدارة الدفاع المدني في العاصمة المقدسة أنهت استعدادها لتنفيذ خطة تدابير الدفاع المدني على أرض الواقع بعد اتخاذ جميع السبل الاحترازية، التي تكفل أن يكون الحاج والمعتمر بمأمن عن المخاطر، وفق ما يتبناه أمير المنطقة رئيس لجنة الحج المركزية من شعار (الحج عبادة وسلوك حضاري)، واتخذت تلك الافتراضات بمضامينها من خلال تحليلات تحضيرية ووقائية وعمليات ميدانية.
وتمت التحليلات التحضيرية من خلال الدروس المستفادة لموسم حج عام 1431هـ، وذلك بتحليل تلك الدروس، وفق المداخلات على المعطيات والمتابعة والإحصاءات الميدانية، ومن ثم وضعها في منظومة الحاسوب ليتم على ضوئها وضع التصورات النهائية للمحاور والمخرجات التي يتم العمل بها، وفق الأهداف العامة والتفصيلية للخطة وحصر المخاطر المحتملة وتحديدها في المنطقة على ضوء المتغيرات الحديثة والمستحدثة والعمل على الحد من المخاطر أو التقليل من آثارها، وما تحدثه من خسائر في الأرواح والممتلكات، وعقد الاجتماعات التحضيرية مع المسؤولين في القطاع وعلى رأسهم المدير العام والاجتماعات الجانبية الأخرى مع الجهات ذات العلاقة بتنفيذ خطط الطوارئ، حسب اختصاص ومسؤوليات كل جهة، وفق ما جاء من أوامر وتعليمات الصادرة بها مع تحديد مصادر وموارد القوى البشرية والآلية الخاصة بالتدخل وقنوات ووسائل الاتصال وتدوين مستخلص للمعلومات بعد اعتماد خطة تنفيذ تدابير الدفاع المدني لمواجهة حالات الطوارئ من لدن ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية رئيس اللجنة العليا للحج ليتم توزيعها على كل جهة والمطالبة من الجهات المعنية بتقديم خططها التفصيلية لتنفيذ الأدوار المنوطة بهم.