الملابس المستعملة .. أمل البسطاء لاقتناء ملابس العيد وكسوة الشتاء

الملابس المستعملة .. أمل البسطاء لاقتناء ملابس العيد وكسوة الشتاء

يوم بعد آخر تتأصل لدي القناعة بأن البسطاء أكثر الناس الذين يذوقون طعم السعادة، ربما لأنهم تعايشوا مع القناعة والرضا دون أن تدفعهم الماديات نحو ذلك الشعور.. وربما لأن هذا هو قدرهم!. في سوق الملابس المستعملة الواقع بين أروقة ''حراج بن قاسم'' - ذي الطابع الشعبي وهو أشهر من نار على علم - كان الكل يبتسم، والكل سعيدا، لا يهمهم الوقت مثلما لا تهمهم الفوضى، حيث تتعالى صيحات الباعة وقد التف حولهم حشد من البسطاء السعداء، وأحياناً بعض ميسوري الحال، وإن اختلفت جنسياتهم فإن مبتغاهم وأحد، شراء ملابس للعيد وربما كل ما تحتاج إليه كسوة الشتاء، بما يناسب مدخولهم ووضعية جيوبهم. في هذه السوق التي تمثل نوعاً من ''اقتصاد الظل'' كونها لا تخضع للرقابة أو الإعلان عن الأسعار، يجد فيها الكثير من الناس حاجتهم في ظل ارتفاع الأسعار والغلاء الفاحش وبقاء الدخل على ما هو عليه، وهي من دون أدنى شك ذات أهمية اقتصادية كبرى، فكم من أعياد عديدة مرت وهؤلاء الناس وغيرهم يقومون بالتبضع من هذه السوق التي تلبي حاجاتهم المختلفة والمتنوعة وتفرحهم وأبناءهم ومحبيهم وأمهاتهم في مختلف المناسبات.
إن الأمر اللافت أن سوق الملابس المستعملة هذه ظلت محافظة على حالتها ووضعها الاقتصادي كونها تشكل عامل استقطاب متواصل ودائم للزبائن العاديين من ذوي الرواتب المحدودة ولشريحة الأسر المتوسطة أيضاً بحثا عن رخص الأسعار. وهنا قد تقبل شهادة صاحب إحدى البسطات الخاصة ببيع الملابس المستعملة، بأن الطلب على بضاعته يزداد مع مرور السنوات. وقد أسهمت الحالة الاقتصادية الضعيفة التي يعيشها بعض الوافدين وقلة من السعوديين البسطاء في إنعاش السوق بصورة فاعلة مع الارتفاع الحاد في أسعار سوق الملابس الجديدة.
مزاجية أصحاب البسطات في سوق الملابس المستعملة، مرتبطة إلى حد كبير بما يدخل جيوبهم من نقود يوما، فعادة ما يتحرك سوقهم بشكل كبير خلال الفترة التي تسبق المناسبات من أعياد وكذلك أيام الإجازات الأسبوعية في الخميس والجمعة أو تلك التي تلي تسلّم الرواتب أحيانا، وفي هذه الحالة تنفرج أساريرهم، أما في أيام الأسبوع العادية وإجازات المدارس فإن ما يحدث من انكماش في السوق يجعلهم يائسين محبطين.
يلتفت صاحب البسطة إلى الوراء ممسكا بأحدث ثيابه الشتوية ليرفعها أمام أحد زبائنه من الوافدين، ويصف خريطة الطريق التي بموجبها يتحصل على بضاعته هذه بالقول إنه يشتريها من بعض التجار المهتمين بهذا النوع من التجارة، حيث تأتيهم هذه الثياب بأنواعها وهي موضوعة داخل طرود مغلقة دون أن يسمح لهم برؤية ومعاينة ما بداخلها، أي أن الشراء يتم على قاعدة الوزن وليس بالقطعة، ليقوم أصحاب البسطات بعد ذلك ببيعها بالتجزئة. إن الازدحام والإقبال على بسطات الملابس المستعملة، لم يكن بأقل حالا من ذلك الزحام الذي يلف معظم الأسواق التجارية الكبرى ''المولات''، في هذه الأيام، ربما لأن نسبة كبيرة من غير البسطاء أيضا بدأت تتجه للشراء من بسطات الثياب المستعملة أو ربما بسبب ما توفره تلك البسطات من ألبسة مستعملة لكن بنوعيات جيدة جداً وبأسعار أرخص من السوق!.

الأكثر قراءة