خالد الفيصل: مشروع الملك سيجعل مكة مدينة ذكية
يبدأ حجاج بيت الله الحرام اليوم في رمي أولى الجمرات "جمرة العقبة"، ومن ثم الحلق أو التقصير، ثم الذبح، ليتحللوا من إحرامهم، ويطوفون طواف الإفاضة والسعي، بعد أن وقفوا على صعيد عرفات الطاهر أمس، وباتوا في مزدلفة البارحة.
إلى ذلك، أكد الأمير خالد الفيصل بن عبد العزيز، أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية، أن عملية توافد الحجاج إلى منى وتصعيدهم إلى عرفات كانت بمنتهى اليسر والسهولة، مؤكدا أن جميع التقارير التي وصلت مطمئنة ولله الحمد.
وقال الأمير خالد الفيصل: "الحمد لله كل الأمور طيبة وكل التقارير تشير إلى أن الحالة الصحية جيدة، والحالة الأمنية كذلك، وكل الأمور سارت وفق ما خطط لها وأنجزت إنجازا حسنا"، مبينا أن اختيار شعار "الحج عبادة وسلوك حضاري تم بدقة".
وأضاف "نحن متأكدون من سلامة هذا الشعار ولله الحمد، نحن نعلم أن كل هؤلاء الحجاج الذين يأتون من بلادهم ويتحملون مشاق السفر ويصلون إلى هذه الأرض المباركة لأداء فريضة الحج يأتون للعبادة أولا وقبل كل شيء، هناك مختلف الثقافات ومختلف العادات والتقاليد، ولكن عندما يصلون إلى هذه الأرض، الثقافة تكون واحدة والتقاليد واحدة والأهداف واحدة وهي العبادة".
وبيّن الفيصل أن هذا السلوك هو أعلى وأرقى سلوك حضاري يعرفه الإنسان منذ بداية الخليقة ومنذ أن فرض الله - سبحانه - الحج على المسلمين، وقال "هنا تجتمع الأفكار كلها وتجتمع النوايا الحسنة والأخوة الإسلامية والصداقة والعون والمساعدة لكل من يحتاج إليها والتآخي والتضافر والتسامح، وهذا منذ أن نزل الكتاب على محمد - صلى الله عليه وسلم - ومنذ الحج الأول في الإسلام، فالحمد لله على ذلك فنحن نتوقع وننتظر من جميع المسلمين الذي يأتون إلى هذه الأرض أن يتمتعوا بهذا السلوك والنوايا وأن يخلصوا توجههم إلى الله - سبحانه تعالى - ولعبادته".
وأضاف "العبادة في الإسلام فيها الرفق والرحمة والتعاون والتضافر وهذا ما نطلبه منكم، وكذلك احترام الأنظمة؛ لأنه يسهل جميع الإجراءات ويستفيد الحاج من جميع هذه المشاريع التي تؤمنها المملكة لراحة الحجاج، لهذا اخترنا هذا الشعار".
وفي سؤال عن الشعار وهل استطاع أن يقلص كلمة سلوك حضاري من ظاهرة الافتراش، قال: "ظاهرة الافتراش حقيقة أهم سلبية الآن موجودة في الحج وهي تسبب سلبيات أخرى، مشكلة الافتراش له أسباب عدة، منها الحج بدون ترخيص وتسلل كثير من المقيمين ومن غيرهم من سعوديين للحج، هناك اعتقاد عند بعض المسلمين في داخل المملكة ومن المقيمين منها أنه يجب عليهم الحج كل عام وهذا اعتقاد خاطئ؛ لأن الحج هو مرة في العمر وليس كل سنة، هناك في بعض الأحيان رغبة في مخالفة الأنظمة بعضهم يعتبر أنه بمجرد تخطي الحواجز والالتفاف حول النقاط الموجودة لمواصلة الحجيج في هذه المزايا يتباهون بها، نرغب ونأمل تغيير هذه الثقافة وأن يتمتع الإنسان المسلم بالانضباط الذي لا يتأتى إلا بالإيمان، إن الحج سلوك حضاري وليس شطارة وحيلة أو كسرا للأنظمة، هذه تحتاج إلى جهد كبير وسنوات عديدة قادمة".
وبيّن الأمير خالد الفيصل أن ظاهرة الافتراش تتقلص كل عام، ولكن بصورة قليلة وليست بالتي نرغبها، مؤملا أن يتم التحكم في السنوات القادمة في المناطق للمشاعر المقدسة تحكما أكبر، مشيدا بدور رجال الأمن الذين يقومون بهذه المهمة الكبيرة في التحكم بالمنافذ وما يؤدونه من عمل كبير وجبار، ولكنه يحتاج إلى إجراءات أخرى للتحكم بهذه المنافذ؛ حتى لا يجد المتشاطر والمتذاكي الوسيلة والطريقة التي يتحايل فيها على المراكز الموجودة.
وأكد نجاح حملة "لا حج إلا بتصريح" وقال: "لا حج بدون تصريح" أتت بثمارها، وهناك كثير الذين حاولوا الحج بدون تصريح في العام الماضي وهذا العام أعيدوا من حيث أتوا ولكنها لا تكفي، لا بد من التحكم كاملا وسيطرة كاملة على جميع منافذ المشاعر المقدسة فلن تنجح الخطة"، مرتئيا عدم الحاجة إلى الحملات باهظة التكلفة، والفنادق الفخمة في المشاعر المقدسة، مشيرا إلى توافر حملات ذات تكلفة ميسرة لمن أراد الحج، حيث قرر هذا العام أن تكون أقل تكلفة 1200 ريال، وهي ليست بتكلفة عالية، مفيدا بأن من أراد أن يدفع أكثر سيجد من يلبي طلبه، ولكن لا ضرورة لأن تكون هذه الرحلة الإيمانية رحلة صرف، وأن تكون رحلة إيمانية وعبادة، وأن يراعي المقتدر مشاعر غير المقتدر.
وبيّن أن كل المشاكل والملاحظات التي تحدث أثناء الحج تراجع وتعرض على لجنة الحج المركزية بعد الحج مباشرة وكل السلبيات تدرس خلال العام لتلافيها في الحج القادم، لافتا النظر إلى عمل دول إسلامية على التوعية، وحجاجها منضبطون انضباطا جميلا جدا ومنضمون، ولكن حجاج من دول إسلامية أخرى يحتاجون إلى الكثير من التثقيف التوعوي لأمور الحج، حاثا تلك الدول على اتخاذ هذه الإجراءات قبل بدء الرحلة الإيمانية، مؤكدا تطبيق لائحة عقوبات صارمة كل عام للحملات الداخلية المخالفة ولا يكون فيها تساهل.
وعن المشاريع المستقبلية في المشاعر المقدسة قال أمير منطقة مكة المكرمة: "كما هو معلوم جميع الوزارات لها مشاريع في المشاعر المقدسة وفي مكة وكلها مستمرة - ولله الحمد - وستستمر في الأعوام القادمة، ولكن ما هو جديد في هذا العام هو موافقة خادم الحرمين على المشروع الكبير وهو "مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإعمار مكة والمشاعر المقدسة"، ويشمل دراسة كاملة لتطوير المشاريع في المشاعر المقدسة وفي مكة المكرمة سيشمل الحركة والنقل وفتح شوارع جديدة واستخدام وسائل جديدة للنقل في مكة المكرمة وتعزيز الوسائل الجديدة بالمشاعر المقدسة سيشمل توسعة الشوارع والمنافذ والمداخل من خارج مكة إلى الحرم والدخول والخروج من الحرم وكذلك من وإلى مكة".
وأضاف: "مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لإعمار مكة والمشاعر المقدسة كبير جدا، وله شقان، الأول هو الشق المعماري وفتح شوارع، وكذلك سيزيل بعض الأحياء العشوائية في مكة المكرمة وتغييرها - إن شاء الله - إلى الأفضل وتطويرها وستستخدم القطارات الحديثة ووسائل الاتصالات الحديثة، والشق الثاني جعل مكة مدينة ذكية بحيث تكون التقنية هي الأساس في كل المشاريع والخدمات وأن ترتقي لمستوى الخدمات التي تقدم للحاج في مكة المكرمة أو في المشاعر المقدسة، بحيث تصبح هذه الرحلة الإيمانية مريحة وميسرة ومسهلة ومستواها الحضاري راقيا منذ وصول الحاج إلى مطار الملك عبد العزيز في جدة حتى يعود إلى بلاده - إن شاء الله - هذا المشروع سوف يغير وجه مكة المكرمة وكذلك المشاعر المقدسة".