ثقب في عمليات الإخلاء السريع.. وخلل في النقل المدرسي
هذا هو قدرك يا جدة، أن يعلو صراخك عاما بعد عام، وتكوني حاضرة في مشهد الأحداث المؤلمة في كل عام، فمن كارثة السيول التي ذهب ضحيتها أكثر من مائة نفس ومئات المركبات والبنايات، وفي الوقت الذي كانت تتجه فيه أنظار أهل جدة إلى السماء ويعيش سكانها قلق الأمطار والسيول ليفجع أهالي جدة في أغلى ما يملكون فلذات أكبادهم، فتيات في عمر الزهور يصرخن خلف قضبان حديد ومن وسط لهيب النيران، ومعلمات خاطرن بحياتهن لينقذن ما يستطعن ويودعن هذه الحياة، بعد أن قدمن تضحية وطنية تسجل بمداد من ذهب للمرأة السعودية في تعاملها مع الحدث، كارثة جدة في المدرسة المنكوبة التي ذهب ضحيتها ريم وغدير وأصيبت فيها 51 طالبة تعيد فتح ملف السلامة في المدارس الحكومية والأهلية، ومدى تجاوب العاملين من معلمين ومعلمات مع عمليات الإخلاء السريع والتعامل مع الحدث وإدارة الأزمة، لم يكن يوم أمس الأول عاديا للسعوديين فمن جدة إلى حائل وفي أقل من أربع وعشرين ساعة الفاجعة واحدة والمصاب جلل، فهنا في عروس البحر الأحمر مدرسة منكوبة ذهب ضحيتها معلمتان وأصيبت 51 طالبة على أثر نشوب حريق في مدارس البراعم الأهلية، وهناك في حائل شهدت بلدة مريفق التابعة لمنطقة حائل، صباح أمس، حادثاً مرورياً، نتج عنه وفاة 12 طالبة من جامعة حائل، وإصابة واحدة بإصابات خطيرة. وبهذين الحادثين يفقد الوطن 14 طالبة ومعلمة، ففي جدة حريق وفي حائل حادث مروري، مشاهد تتكرر في كل عام والضحية بنات حواء والجهات المعنية لم تقدم الحلول ووسائل السلامة تكاد تكون مفقودة في مدارسنا، وحوادث الطرق تتكرر بشكل مخيف بين الطالبات والمعلمات، ولا يكاد يمر أسبوع دون وقوع حادث يذهب فيه عديد من الضحايا من معلمات وطالبات يتنقلن من منطقة إلى أخرى، الوضع يحتاج إلى تصحيح وخطط عاجلة لتأمين المدارس بوسائل السلامة المطلوبة وعدم التهاون في ذلك.
وعن هاتين الحادثتين المأساويتين يتحدث الدكتور محمد سعيد المتخصص في علم المجتمع بأن حادثة جدة تحتاج إلى وقفة صادقة وقبل ذلك هو قضاء الله وقدره، ولكن الإهمال في وسائل السلامة وعدم تدريب العاملين عليها لا شك أنه يحتاج إلى وقفة، والمشاهد التي رأيناها من خلال تساقط فتيات في عمر الزهور من الدور الثالث في محاولة للنجاة بحياتهن، فلو كانت هناك خطط مطبقة للإخلاء والسلامة لما وقعت الكارثة وأصيبت 51 فتاة، ومن هنا لا بد من تدريب مديري ومديرات المدارس والعاملين على كيفية وضع خطة إجرائية للسلامة المدرسية بالتنسيق مع الجهات المختصة كالدفاع المدني ومكتب وزارة التربية والتعليم وتشكيل لجنة أو فريق السلامة المدرسية وتفعيلها وتحديد دور الإدارة المدرسية في إدارة السلامة المدرسية بشكل محدد وواضح من قبل الوزارة وتدريب العاملين بالمدرسة على كيفية مواجهة الطوارئ بالتنسيق مع الجهات المختصة، ولا بد من تفعيل وسائل السلامة في المدارس. أما حادثه حائل فهي أيضا كارثة وهي تكرر في كل أسبوع، وأناشد وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي تشكيل فريق عمل لحل هذه المشكلة، إما بوضع مجمعات سكنية داخل المدن الجامعية وإما بتلبية رغبات المعلمات قدر المستطاع أو أسناد النقل لشركات متخصصة، وليس ترك عملية نقل الطالبات والمعلمات بشكل عشوائي من خلال إسناد مهمة نقلهم إلى كبار السن، الذين يبحثون عن التكسب المالي.