الإدارة بالشكليات والإدارة بالأرقام
المسافر عبر مطار الملك خالد الدولي هذه الأيام لعله لاحظ عمال نظافة من لبنان الشقيق، يبدو أنه تم إسناد عقد طارئ لهم للقيام بعمل تنظيف وتلميع متخصص لصالات المطار الذي أخفقت شركات التشغيل والصيانة المتناوبة على المحافظة على جودته. اعتاد المواطن السعودي على الإنجازات الشكلية لكثير من المديرين الجدد لإرضاء من هو أعلى منهم، والإنجازات الشكلية هي أعمال يقوم بها المدير الجديد لإحداث تغيير ذهني سريع يرتكز على شكل وأثاث المرفق وإخفاء فاعليته الحقيقية. الإدارة بالشكليات توطنت لدينا بقوة في السنوات الأخيرة، خاصة مع سرعة التغييرات الإدارية وعدم وجود خطط استشرافية (استراتيجية) يتطلب إنجازها تمسك المديرين الجدد بما وصل إليهم أسلافهم المغادرون. فكل مدير أو وزير جديد يريد أن يحدث تغييرا خاصا به يميزه عمن سبقه، وهذا موروث مجتمعي يعكس ضعف قدرات العمل الجماعي. الجديد في عالم الإدارة بالشكليات أنها تسمت أيضا بأسماء ''كوربورت'' رنانة مثل ''عمرة بلس'' و''نطاقات'' التي سنرى فاعليتها الحقيقية عندما تبدأ أفواج المبتعثين بالعودة للوطن قريبا بحثا عن وظائف تليق بشهاداتهم. الإنجاز الحقيقي لمطار الرياض يتمثل في مجموعة من الأوليات التي يجب على الإدارة الجديدة في الهيئة العامة للطيران المدني تنفيذها خلال جدول زمني محدد إن هي أرادت حقا تبني منهجية الأرقام. المهمة الأولى هي تأهيل الصالة الرابعة والإعلان عن افتتاحها في موعد لا يتجاوز سنة واحدة. المهمة الثانية أن يرى المسافر تغيرا حقيقيا في سلوكيات ومهارات منسوبي الجهات العاملة في المطار بعد أن تم انخراطهم في دورات التميز، وإعداد لائحة أوامر مستديمة وتفصيلية تساعدهم على التغيير في سلوكياتهم كمنع استخدام الجوال الشخصي محادثة ودردشة أثناء خدمة المسافرين. المهمة الثالثة وضع خطة زمنية لزيادة الحركة الجوية في مطاراتنا، ومنها مطار الرياض ليصل إلى 20 مليون مسافر بنهاية السنة المقبلة. المهمة الرابعة ومدتها شهر واحد نظرا لسهولتها وتتمثل في تطوير حركة وصول المسافرين ومغادرتهم أمام بوابات الصالات بدلا من هذه الصورة غير الحضارية التي تختلط بها فوضى السيارات بضجيج مكبرات صوت ''المايكرفون'' سيارات المرور في منظر لم أره في أي مطار في حياتي.