نجاح مؤشر «تومسون رويترز» يعتمد على مدى انتشاره واستخدامه من قبل المصارف الإسلامية
أطلقت تومسون رويترز ''مؤشر الربح بين المصارف الإسلامية RBII'' أول مؤشر مرجعي في العالم يهدف إلى توفير متوسط العوائد المتوقعة من عمليات التمويل قصيرة الأجل بين البنوك الإسلامية، حيث يحسب المؤشر معدل مجموع أسعار الأرباح المشتركة لـ 16 مصرفا من المصارف الإسلامية والتقليدية المدعومة بصناديق استثمارية مستقلة، وذلك لتوفير بديل ضروري ومرجعي موثوق به من أجل تسعير أدوات التمويل الإسلامية بدل أسعار الفائدة الربوية المستخدمة في التمويل التقليدي.
#2#
وفي هذا الصدد أكد ياسر دهلوي المدير التنفيذي لدار المراجعة الشرعية لـ''الاقتصادية'' أن المصرفية الإسلامية تشهد تطوراً جديداً في الصناعة المالية والمصرفية الإسلامية، حيث يمثل إطلاق هذا المؤشر كبديل للمؤشرات التقليدية لتسعير أدوات التمويل الإسلامية في حد ذاته نقطة تحول، خاصة أنه مدعوم بمجموعة من المؤسسات التي تعد مرجعيات لهذه الصناعة.
وللنظر للأمور بشكل عملي، فإن نجاح هذا المؤشر بحسب دهلوي سيعتمد على مدى انتشاره واستخدامه من قبل المؤسسات المتعاملة في الأدوات المالية الإسلامية، وهذا بدوره يتوقف على مدى سهولة استخدامه ومقدار الثقة التي يستطيع هذا المؤشر أن يُكوِّنها لدى المتعاملين، ومن خلال التصريحات التي أطلقها القائمون على هذا المؤشر يتضح أن هناك منظومة رقابية ستدعم المصداقية والشفافية.
واعتبر دهلوي تبني البنوك المركزية العمل بهذا المؤشر فيما يتعلق بأعمال مؤسسات المصرفية الإسلامية من أهم عوامل نجاح هذا المؤشر، بحيث يكون جزءا من التشريعات المنظمة للعمل المصرفي الإسلامي، وخير مثال لذلك هو تبني بعض البنوك المركزية العمل بالمعايير الشرعية الصادرة عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية.
وقال دهلوي إن الوقت يعد مبكراً لتقييم هذه التجربة، وإن التحول لاستخدامه كبديل سيستغرق وقتا طويلاً، إلا أنه يمثل بداية ستفتح الباب لمزيد من التطور في هذا الجانب.
#4#
ويتفق الدكتور محمد العصيمي الأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية في جامعة الإمام محمد بن سعود مع فكرة أهمية المؤشر الجديد، وقال لـ ''الاقتصادية'' إنه فكرة جيدة وخطوة إلى الأمام ويريح البنوك الإسلامية من عناء مؤشر الليبور، لكنه أكد على أهمية أن يستوعب عددا أكبر من البنوك، مشيراً في هذا الصدد إلى أن 16 بنكا ضمن المؤشر لا يزال قليلا، ولو كان العدد أكثر لكان أفضل من ناحية استيعاب تذبذبات الدول والتذبذبات الموسمية، إضافة إلى ذلك كلما كانت البنوك المشاركة موثوقة لدى الناس من ناحية فاعلية الرقابة عليها سيكون ذلك أكثر جودة بالنسبة للمؤشر.
كما شدد العصيمي على أهمية أن تكون الاستثمارات التي يبنى عليها المؤشر شرعية، ويكون عليها رقابة حقيقية وخالية من الإشكالات الشرعية، وحول إيجاد مؤشر يقوم على منتجات المشاركة اعتبر العصيمي أن ذلك بعيد ويصعب في الوقت الحالي، إذ إن النموذج الحالي للبنوك الإسلامية قائم على أساس المداينة وليس المشاركة، ولذا من الصعوبة بمكان إيجاد مؤشر لقياس المنتجات الإسلامية على أساس المشاركة.
#3#
إلا أن الدكتور عبد الباري مشعل المدير العام لشركة رقابة للاستشارات المالية الإسلامية اعتبر الجلبة الصحافية والإعلانية الزائدة بشأن مؤشر تومسون رويترز الإسلامي لا توفر معلومات تفصيلية عن هذا المؤشر، والمتفحص لتلك الأخبار الصحفية المبالغ فيها يقف على حقيقة أن المؤشر يعتمد على سعر المرابحات بين عدد من البنوك المتعاملة بالمرابحات، ويعتقد من أطلقوا هذا المؤشر أنه سيوفر بديلاً عن سعر الفائدة الليبور.
وقال مشعل لـ ''الاقتصادية'' إن هذه الدعوى تجارة جديدة للراكبين على ظهر المصرفية الإسلامية يبيعون فيها بضائعهم الرديئة، وأسلوب لتكريس الخلل في المصرفية الإسلامية القائمة على المداينة بالتورق وفسخ الدين بالدين أو قلب الدين عن طريق التورق، والهروب من التحديات الحقيقية للمصرفية الإسلامية التي ربما تصل إلى حد إعادة هيكلة المصارف الإسلامية وفق أسس مختلفة عن الأسس التي تقوم عليها في التطبيقات المعاصرة، بما في ذلك إعادة النظر في نظرية الاحتياطي الجزئي مقابل الودائع الجارية أو تحت الطلب.
وأضاف مشعل أن المرابحات الإسلامية في جميع البنوك الإسلامية تستند في تسعيرها إلى الليبور، ولا بديل لهذا الليبور في عالم رأسمالي يحتكم إلى الفائدة كحد أدنى للعائد المضمون على رأس المال النقدي، وكسعر للخصم وإعادة الخصم.
وبالتالي فإن هذا المؤشر الإسلامي المدعى ليس إلا وجها آخر لسعر الفائدة في صوره المتعددة بسبب اعتماد سعر المرابحات على الليبور.
وتنطوي الجعجعة الإعلامية بهذا المؤشر ومجاراتها من قبل عدد من الهيئات الرسمية بحسب مشعل على إيهام العاملين في حقل الصيرفة الإسلامية والمهتمين بها من الباحثين والأكاديميين، في الوقت الذي لا يتضمن هذا المؤشر أي جديد إذا علمنا أن تلك البنوك الداخلية المكونة لها إنما تتكرس أنشطتها في المرابحات على المعادن في بورصة لندن للمعادن والتي يقوم فيها التسعير على أساس الليبور مضافاً إليه هامش يتفق عليه الطرفان، معتبراً أن دعم المؤشر بهيئة إدارية كبيرة بهذا الحجم وأربعة من علماء الشريعة قرائن على مزيد من الإيهام، وعلى الجهة التي أعلنت هذا المؤشر أن توضح للجمهور أن الأمر خلاف ما ذكر.
وأكد مشعل أن التسعير الحقيقي لتبادل الأموال في المصرفية الإسلامية يجب أن يقوم على النتائج الفعلية للمشروعات والتي ينعكس في نتائج المشاركات، وإذا حدث مثل هذا الأمر عندها يتم الحديث عن استقلالية المصرفية الإسلامية عن فلك المصرفية الرأسمالية الربوية، أما الركون إلى المرابحات المسعرة بالفائدة فهو تكريس لتبعية المصرفية الإسلامية للتقليدية ودورانها في فلك الفائدة والاقتصاد الرأسمالي المسيطر على الاقتصاد العالمي.
وقال رشدي صديقي الرئيس العالمي للتمويل الإسلامي في تومسون رويترز إن إطلاق مؤشر الربحية يمثل بداية عملية الانفصال عن منهجية الأداء التقليدي، حيث تم اتخاذ نهج تعاوني يأخذ في الاعتبار التحديات التي تواجه قطاع الخدمات المالية والتي يمكن حلها من خلال رؤية الخبراء الذين يعملون وفق توجهات وأهداف مشتركة، واعتبر البساطة والقوة اللتين تتمتع بهما منهجية المؤشر الجديد إلى جانب الشفافية والتفوق وتصديق العديد من المؤسسات الإسلامية المالية وعلماء الشريعة البارزين وتقديرهم، يوفر معيارا حقيقيا موثوقا به لحساب معدل الربح بصورة أفضل.
وسيتولى الإشراف المتواصل على آلية تنفيذ المؤشر ونزاهته لجنة المعايير الإسلامية التي تضم أكثر من 20 مؤسسة مالية إسلامية برئاسة الدكتور ناصر السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية في مركز دبي المالي العالمي، إضافة إلى هيئة رقابة شرعية مكونة من أربعة من علماء الشريعة البارزين.
وقال الدكتور السعيدي إن إطلاق المؤشر يمثل حدثاً مهما يعزز من نمو القطاع ويوفر سعرا مرجعيا دولياً للمعاملات المصرفية الإسلامية بين البنوك، حيث تعتمد أسواق المال التقليدية على سعر معدل الليبور والذي لا يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، وقال إن الهدف من وراء إطلاق هذا المؤشر يأتي في إطار السعي لتوفير مؤشر موثوق به يعكس ظروف السوق بدقة ويتمتع بالشفافية في تحديد الأسعار ويتم قبوله كمعدل مرجعي في السوق، مضيفا أن أسواق المال الإسلامية بلغت مرحلة متقدمة من النضوج لتصبح جزءا من التيار السائد في قطاع التمويل العالمي.
وأضاف أنه علاوة على كونه سيوفر السيولة، فإن آلية تحديد معدل الربح الجديدة ستشجع وتنشط السوق قصير الأجل، وتحديداً الذي تتراوح مدته الزمنية ما بين السنة والسنة والنصف، وسيعمل المؤشر على تحديد معدل الربح للاستثمارات قصيرة الأجل وأدوات الدخل الثابت عموماً المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، مشيراً إلى أن سوق التمويل الإسلامي يفتقد لهذا النوع من المؤشرات، واليوم أصبح للمصارف آلية موثوقة وتتمتع بالشفافية لتسعير القروض في ما بينها وضبط فروقات التسعير.
وستتولى الإشراف على آلية المؤشر لجنة للمعايير الإسلامية تضم أكثر من 20 مؤسسة مالية إسلامية برئاسة الدكتور السعيدي، رئيس الشؤون الاقتصادية في ''مركز دبي المالي العالمي''، وهيئة رقابة شرعية مؤلفة من أربعة علماء شريعة بارزين.
وتم وضع هذا المؤشر بالتعاون مع عدد من المؤسسات والهيئات المالية الإسلامية، بما فيها البنك الإسلامي للتنمية، وهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، وجمعية البحرين للمصارف، ومعهد حوكمة للشركات، إضافة إلى مجموعة من البنوك الإسلامية الكبرى، ويستفيد من أنظمة تومسون رويترز التي تستخدم لحساب أكثر من 100 مؤشر في العالم.
وسيكون معدل الربح بالدولار الأمريكي وسيتم احتسابه بناء على الأسعار الموفرة من قبل الـ 16 مصرفا في صباح كل يوم مداولة، وستنشر شركة تومسون رويترز هذا المعدل يوميا على شاشاتها، ويمكن استخدام المؤشر الجديد لتحديد معدل الربح على عدد من أدوات التمويل الإسلامية بما في ذلك الاستثمارات قصيرة الأجل وأدوات التمويل مثل المرابحة وأدوات التمويل بالتجزئة مثل تمويل العقارات والسيارات والصكوك وغيرها من أدوات الدخل الثابت المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. كما يمكن استخدامه معيارًا لتسعير وقياس الأصول المالية للشركات والاستثمارات.
واعتبر حسن دميرهان مدير الخزانة بالبنك الإسلامي للتنمية أن إطلاق هذا المؤشر سيكون له الأثر الكبير في تعزيز استدامة قطاع التمويل الإسلامي ونموه.
كما قال خير النظام، نائب الأمين العام لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية إن الهيئة تحرص باعتبارها مرجعية عالمية لتحديد المعايير في قطاع المالية والمصرفية الإسلامية، على دعم المبادرات التي تسهم في تعزيز تقدم هذا القطاع نحو توحيد التوجهات بإجماع أعضائها، وأضاف أن هذا الدعم الذي تلقته من قطاع التمويل الإسلامي على مستوى العالم ولاسيما من البنوك الإسلامية الرئيسية التي ستسهم من خلال استخدامها لهذا المؤشر، سيكون له الأثر الكبير في تعزيز قطاع التمويل الإسلامي وخصائصه المتميزة خلال السنوات المقبلة.